الحزيرة
ما زلت أذكر تلك الأحاجي والألغاز والحزازير التي كانوا يوجهونها لي من باب أختباري فيما إذا كنت شاطر أم لا . وما زلت أذكر العم "خلف" الذي كان معتادا على تحزيري نفس الحزازير في كل مرة .
لم أترك حزيزة من شري ولم يتركوا من شرهم معي حزيرة ، ابتداء بطاسة طرنطاسة في البحر غطاسة ، وانتهاءا بمدينة خضرا سكانها عبيد ومفتاحها حديد ، مرورا بحزيرة البيضة من الجاجة وإلا الجاجة من البيضة.
في البداية كنت أجد صعوبة بحل هذه الحزازير وأقضي وقتي بالتفكير والتحليل وأحيانا التحايل على أخوتي بتسريب الإجابة لي ، علي أحظى بالجائزة التي لا تزيد عن "شلن".
لكن ومع مرور الوقت ولكون الحزازير أصبحت مكررة ولم تبقى واحدة منهن إلا ومرت علي أصبحت سريع في نطق الإجابة ، ولا أنكر أحيانا ومن باب إيهام المقابل بأني على درجة عالية من الذكاء الرباني – الحافظ الله - ، أوهمه بأني أفكر بالحزيرة فأستمهل ثم بعدها أخبره بالإجابة ، ليطمع بتحزيري حزيرة اخرى بينما أطمع أنا كذلك بالحصول على شلن جديد.
الحزيرة الوحيدة التي لم أتمكن من حلها والحصول على شلنها ، هي حزيرة واحدة تقول :
" شخصان أحدهما أعمى وأطرش والآخر أخرس ، كيف يمكن للأخرس أن يخبر الأعمى بأن والده قد مات ؟! " .
تبدو الإجابة صعبة ..... للعلم أنا لم أعد أبحث عن الإجابة ولم يعد يهمني الشلن وأظن أن الأعمى والأخرس هما أيضا قد ماتا. ولم تعد المسالة بالنسبة لي مشكلة .
وقد تحولت الى حزيرة اخرى قد تكون أشد صعوبة وهي كيف يمكن لنا ونحن منذ سنوات ونحن نصيح ونصرخ ونتكلم وكما يقال " ألسنتنا بتلق أذاننا " وكيف لهم وعيونهم ستة على ستة ويشاهدوا ويروا.
أن يعرفوا بأن أوضاعنا صعبة ونزاع موتنا يطول والفساد متفشي ولقمة العيش مرة بالمختصر عايفيين حالنا .
من يعرف الإجابة لن يربح الشلن بل سيكسب فينا معروف .