صبحة وحلوة.. مسنتان جمعهما الفقر وفقدان الزوج والأهل في زقاق وادي صقرة
المدينة نيوز - مسنتان جمعهما الفقر وفقدان الزوج والاهل، وتقبعان في زقاق ضيق مطل على شارع وادي صقرة، ولا يؤنس وحدتهما سوى المارة والباعة فلا رفيق ولا قريب. ومنذ أكثر من ثلاثين عاما عاشت كل منهما في غرفة مستأجرة تملؤها رائحة الرطوبة، فالحاجة صبحة التعامرة المولودة العام 1929، ارتحلت من بيت لحم لتعيش مع زوجها في غرفة، وغدت وحيدة بعد وفاته.
وإن كانت ابتسامة الحاجة صبحة لا تفارقها فهي لا ترضى بأن تكون "عالة" على أحد، وتقضي أيامها في غرفتها، وهي بالعادة لا تتجاوز حدود ممر مدخل غرفتها، وإن تجاوزته فلتذهب إلى مكتب البريد المجاور لتحصيل مخصصاتها الشهرية من صندوق المعونة الوطنية البالغة 40 دينارا.
وللحاجة صبحة ابن متزوج وله أولاد، إلا أنها ترفض أن تعيش معه كما تقول حتى لا "تثقل عليه"، وعند سؤالها حول ما إذا يتاح لها الالتحاق بدار للمسنين كان رفضها أكثر قوة.
ولا تنكر الحاجة صبحة حاجتها للمساعدة أحيانا في الحركة والقيام بالأعمال المنزلية، خاصة بعدما انزلقت قدمها ذات يوم عن درج الغرفة عندما كانت متوجهة للوضوء لصلاة الفجر، ليترك هذا الحادث رضوضا وآلاما بالغة في سائر أنحاء جسدها المتهالك، وليعيق من حركتها.
ولا تتوقف الحاجة صبحة عن القول: "إن أولاد الحلال كثار"، وإنها تؤمن قوت يومها مما يتبقى لها من قيمة المعونة التي يذهب بعض منها لدفع أجرة الغرفة وفواتير الكهرباء والماء، وتصر رغم بلوغها الثمانين على المحافظة على فريضة الصيام.
أما الحاجة حلوة عبدالله علي المولودة العام 1933 والتي توفي عنها زوجها أيضا قبل نحو عشر سنوات وليس لها من النسل ما يسعف شيخوختها، فلا تفارق جارتها في جلسة يومية تجمعهما على صناديق الكرتون، متعكزة بعصاها لتعينها على السير.
وتتلقى الحاجة حلوة أيضا مخصصات من صندوق المعونة الوطنية منذ العام الماضي تبلغ 60 دينارا، تتوزع كنفقات بين أجرة الغرفة، وبين تكاليف علاج أدوية السكري الذي اجتاح جسدها، وأفضى الى إصابة عينها اليمنى بماء بيضاء، عالجها لها أحد المحسنين بإجراء عملية في وقت سابق.
وتصر حلوة هي الأخرى على العيش وحيدة، وترفض "أن يتجبر بها أحد من العباد" بحسب تعبيرها، ولا تطمح في مال ولا ولد سوى أن تؤمن قوت يومها الذي يرزقها به الله من "أهل الخير"، وجارها صاحب البقالة الذي يزودها بالخبز يوميا.
ولا تعلم كل من "حلوة وصبحة" الملتزمتين بارتداء ثوبيهما التقليديين، ما يدور من حولهما، حتى إن معونتهما ساهم في تحصيلها لهما أحد أهل الخير .
