رحماك ربي
إلى أين نمضي والدنيا تجري بنا، تدور بنا كما الرحى فوق التفال، تطحننا وتمزق ما تحتها، لا ترحم من سقط بين لابتيها، ولا تسكت عمن سكن على جانبيها، لا نجاة لنا ولو نجونا، ولا فوز لنا ولو سكنت معدات الحرب وآلات القتال، فأي نجاةٍ لنا بعد مقتل مئات الآلاف من أبناء أمتنا، وشتات الملايين، هاربين ولاجئين وباحثين عن الأمان، وأي مستقبلٍ لنا بعد تدمير اقتصادنا، وخراب بلادنا، أي فرحٍ ننتظره إذا وقفنا على أطلال بلادنا، وفوق رفاةِ أبنائنا، وأي سعادتنا نتوقعها ونحن نبحث عن قبور قتلانا، وأشلاء موتانا، آهٍ من الذكريات التي أصبحت موجعة، ومن الماضي الذي أصبحت أحداثه كوخز الإبر ونصل السكين، من يعيدنا إلى ماضينا، ومن يرجعنا إلى أنفسنا، ومن ينتشلنا من وحل أيامنا، ووسخ المتآمرين علينا، من يعيدنا إلى حوارينا، ويسكننا بيوتنا التي كانت لنا منازل وقصوراً، ويلٌ لمن أوردنا موارد الهلاك، وساقنا إلى الموت فرادى وزرافات، ويلٌ له ولمن عاونه، ولمن ساعده وسانده، ولمن أيده وناصره، اللهم أرنا فيمن أدمى عيوننا يوماً أسوداً، وشمتنا اللهم فيه وأسعدنا بشقائه، فإنَّ الحق في جنابك لا يموت، وإن أمهلت اللهم في الحساب، فلا تهمل في العقاب والانتقام، فإنَّا إليك وأنت الواحد الأحدُ نجأر، وباسمك الأعظم وأنت الفرد الصمد إياك نسأل.