«القبيلة المرقطة» لكل رجل 10 نساء!
المدينة نيوز- كان ترحيباً خاصاً بالسياح من أجساد طويلة القامة، تقفز للأعلى كأنها متعلقة بأجهزة خاصة، هي قبيلة الماساي مارا، ويعني اسمها بالعربية القبيلة «المرقطة»، وهم عادة ما يفعلون ذلك في الليلة السابقة إيذاناً منهم بالسماح لنا بزيارتهم.
في الصباح زرنا القبيلة، ورغم عيشها في البراري والأدغال، وشراسة عاداتها إلا أنها مسالمة مع السياح الأجانب، وتسمح بزيارة قراها مقابل رسوم مالية تبلغ (25 دولاراً أميركياً للشخص الواحد)، فهي تعيش من هذه الأموال، وعلمنا من أحد أفرادها، والذي يتكلم اللغة الإنكليزية، أنهم يستغلون تلك الأموال في شراء لوازمهم، وتعليم أبنائهم في القرى المجاورة.
تعتقد القبيلة بغالبيتها أن الإله «إنكاري» يعيش على فوهة جبل «كلمنجارو» البركانية، وأنه قد نزل من السماء، وأنزل الأبقار معه ووهبها لأفراد هذه القبيلة؛ لذا يمكن فهم العلاقة الوثيقة بينهم وبين الأبقار، والتي تنام معهم في أكواخهم الطينية المعتمة، خوفاً عليها من هجوم الحيوانات المفترسة. قال أحدهم، «الرجل المحظوظ هو الذي يملك أكبر قدر من الأبقار، فمن خلال عددها يتحدد عدد الزوجات اللاتي من الممكن أن يتزوج بهن كل واحد».
لم يتمالك رجال رحلتنا السياحية أنفسهم من الضحك عندما ترجم كلام ذلك الرجل الأسمر، بينما بدا الغيظ على وجوه زميلاتنا اللواتي لم يسلمن من الغمز.
رجل الماساي يمكنه الزواج من 10 نساء، وذلك حسب مستواه المادي الذي يتم قياسه بعدد الأبقار التي يملكها. ولكن على الزوج أن يسكن كل زوجة من زوجاته ببيت منفصل مصنوع من الجلود والطين، تبنيه الزوجة بنفسها في صفين من المساكن على يمين ويسار البوابة الرئيسية للقرية؛ تبعاً لأقدميتها في الترتيب بين الزوجات الأخريات.
كما لا يحق له أن يجمع في القرية الواحدة أكثر من ثلاث زوجات، ولا يحق له في الوقت نفسه دخول البيت إلا بإذن الزوجة؛ لأنه يعتبر ملكيتها الخاصة.
طلب المرافق الكيني من مساعد زعيم المجموعة القبلية أن يأذن لنا بدخول بيوت القرية من الداخل؛ لنتعرف على طريقة عيشهم، وجاءت الموافقة على الفور مقابل دولارات إضافية، كان مدخل الباب الضيق، لا يتناسب أبداً مع قاماتهم الفارعة، بعده ضربت أنوفنا رائحة روث الأبقار المقيمة في الداخل، في صدر البيت أسرّة الكبير منها للزوجين، وفي الجهة الأخرى زريبة الدواب، لم يكن هناك سوى فتحة مرتفعة تدخل ضوء الشمس. لذلك صعب على جميع زملائنا التصوير بسبب العتمة، والخوف، والرائحة التي لا تحتمل!
الحكم في القبيلة ذكوري بحت، وبدت النساء رغم قوتهن، إلا أنهن تابعات للرجال تماماً، فالمرأة في قبيلة الماساي مارا تعتني بنفسها، وترتدي الحلي المصنوعة من الخرز على شكل حلقات بيضاء توضع على الرقبة، وتكون حليقة الرأس، وحافية القدمين، ومثقوبة الأذنين. وهي تقوم بكل الأعمال، ما عدا جمع المال، لكنها لا تقبض دولاراً واحداً، فكل المال يعود إلى الرجل الذي يضعه في كيس أخاطته له من جلود الحيوانات، يجمعه، ويجمعه حتى يشتري بقرة، فيصبح من حقه أن يحضر للزوجة التي جمعت له المال ضرة جديدة.
الطعام الأساسي عند الماساي هو اللحم واللبن، أما شرابهم التقليدي فهو كوكتيل الحليب مع دم البقر، وهو كوكتيل غني بالبروتين، والحديد، والكالسيوم، ومقو لجهاز المناعة للحوامل، ويتم بمراسم خاصة حيث يتم إطلاق سهم على رقبة البقرة، وجمع الدم بوعاء خشبي ثم يخلط بالحليب.
علق المرشد السياحي: «النساء وحدهن هن المسموح لهن بتناول الحبوب والخضراوات».
لفتنا بين رجال «الماساي مارا» رجل طويل القامة، وضع على رأسه شكلاً كالخوذة، ولكنها مصنوعة من فروة لحيوان، كان قد فقد عينه، وعلمنا أن هذا الرجل شجاع قتل الأسد الذي هاجمه بسكينه، فصارت له مكانة خاصة في القبيلة.
اقترب رجل الخوذة مني وخلع سلسلة من سلاسله الخرزية وألبسني إياها، برقت عيناه ثم قال برفق: «كم تدفعين ثمناً لها؟»، سؤاله أضحك الفريق، وتناثرت التعليقات في جو من البرد الإستوائي، ثم رقصنا مع نساء «الماساي»، واشترينا من بضاعتهن التي يصنعنها بأيديهن، وعدنا إلى المخيم حيث تناولنا الإفطار، واستعددنا للعودة بالطائرة المروحية إلى «نيروبي»، محملين في ذاكرتنا بمغامرة قد لا تكرر!
من عاداتهم الاجتماعية الغريبة:
- يزوجون الفتيات قبل ولادتهن، كما أن كثرة الزيجات تشعل عندهم الحروب القبلية مع القبائل الأفريقية الأخرى، مثل قبيلة الكيكيويو، الذين يمثلون سكان كينيا.
- لو هاجم أسد أو جاموس بري طفلاً أو امرأة، يقرأ الرجل التعاويذ ويطلق أصواتاً في الليل يعقبها لهيب النار يشعله لإرهاب الحيوانات، ويخلد الجميع بعد ذلك للنوم.
-إذا أدى الرجل خدمة ممتازة للقبيلة منح زوجاً من الأقراط يقلدها له الزعيم في أذنيه، فتظل مصدراً لفخره.
- يتركون جثث الموتى ملقاة في الخلاء تأكلها الضباع..أما إذا توفي زعيم أو رجل مرموق فإن جثته توضع في حفرة طبيعية، ويلقي المارة فيها بأحجار تحول الحفرة إلى كومة.
" وكالات "