وثائق رسمية تكشف تخبطا حكوميا في إدارة ملف توليد الكهرباء وتساؤلات مشروعة حول العطاءات المطروحة !

تم نشره الأحد 06 أيلول / سبتمبر 2009 05:01 صباحاً
وثائق رسمية تكشف تخبطا حكوميا في إدارة ملف توليد الكهرباء وتساؤلات مشروعة حول العطاءات المطروحة !
الغد- جمانة غنيمات

المدينة نيوز- يثير إلغاء الحكومة مشروع توليد الكهرباء الثالث المنفذ من قبل القطاع الخاص (IPP3) العديد من التساؤلات لا سيما وان المشروع كان هو الحل المطروح من قبل الحكومة لمعالجة مشكلة تزايد الطلب على الطاقة الكهربائية.

أبرز التساؤلات المطروحة ترتبط بالبدائل التي أقدمت الحكومة على تنفيذها، وأهمها مشروع التوسعة الثالث لمحطة السمرا الحكومية.

وتتعلق أولى الملاحظات بالتمويل؛ فمن ناحية كان القطاع الخاص سينفذ هذا المشروع (IPP3) بالكامل من دون أن تتكلف الخزينة أي مبالغ مالية، رغم أن حصة الحكومة في شركة التوليد البالغة 40% تفرض عليها توفير نفس النسبة من كلفة المشروع المقدرة بحوالي 400 مليون دينار.

أما مشروع السمرا الذي يعد البديل لمشروع (IPP3) فسيكلف الخزينة قروضا مقدارها 120 مليون دينار، إضافة إلى أن مشروع السمرا سيتم وفق الدورة البسيطة وليس المركبة كما في مشروع (IPP3).

أي أن الحكومة قررت اقتراض 120 مليون دينار لتنفيذ مشروع (IPP3) بدلا من الاستفادة من عرض القطاع الخاص الذي كان من المفترض أن يمول المشروع كاملا من دون أن يكلف الخزينة التي تعاني عجزا قياسيا يتوقع أن يبلغ 1.1 بليون دينار.

كما تخلت الحكومة عن مشروع (IPP3) بعد عام من بدء العمل به؛ حيث تم طرحه مطلع 2008 ليتم إلغاؤه من دون أن تقدم لشركة توليد الكهرباء المركزية المنفذة للمشروع أي مبرر منطقي لذلك؛ حيث تشير الكتب الرسمية إلى ان تعذر إيصال الغاز لمحطة الحسين بسبب موقعها يحول دون التنفيذ، رغم أن الشركة تؤكد أنها لم تتسلم من الحكومة سوى قرار بوقف المشروع من دون أي أعذار وشكر على المشاركة فيه.

انعكاس سلبي آخر ينطوي تحت عنوان تقلب التوجهات الرسمية في سياسة التوليد المنفذة، منها أن عدم إقامة وحدات توليد جديدة في موقع محطة الحسين يعتبر مقتلا لهذه المحطة التي توفر 396 ميجا واط من الكهرباء من أصل 1747 ميجا واط تنتجها شركة توليد الكهرباء.

وخطورة عدم إيجاد محطات جديدة يكمن في تقلص إنتاج محطة الحسين التي يتوقع أن يخرج 90% من وحداتها من الخدمة بحلول 2013، فيما يتطلب استمرارية المشروع بناء وحدات جديدة تعوض الفاقد منها.

الخبراء لهم وجهة نظر في تحولات هذا القطاع؛ حيث يرون ان إتمام مشروع التوسعة الثالث لمحطة السمرا، يعني إنتاج نحو 1000 ميجا واط كم الكهرباء من موقع واحد بمعدل يصل 45% من الاستطاعة التوليدية، وهو أمر يخالف أسس توزيع الاستطاعة بشكل آمن.

يضاف إلى ما سبق أن التخبط والتقلب في مشاريع التوليد يتنافى مع خطط المملكة لمواجهة الطلب المتزايد من الكهرباء والذي يتراوح بين 5 و7 % سنويا، بقدرات تزيد عن 150 ولا تقل عن 200 ميجا واط سنويا.

محطة الحسين الحرارية ستكون أولى ضحايا التخبط الحكومي في إدارة ملف توليد الكهرباء، بحسب عرض قدمته الشركة أمام لجنة الطاقة النيابية، أوضحت فيه أن نحو 500 عامل وفني مهددون بفقدان وظائفهم بعد أن بدأت الشركة بتطبيق برنامج تقاعد وحدات التوليد المتوفرة لديها مع نهاية عام 2008.

ويتسبب تقاعد الوحدات، وفقا للعرض، بانخفاض القدرة التوليدية للشركة بمقدار130 ميجا واط مع نهاية العام الحالي من أصل 1740 ميجا واط كانت تولدها قبل الخصخصة.

كما قامت شركة التوليد المركزية بالاتفاق مع شركة الكهرباء الوطنية على تمديد عمل بعض هذه الوحدات لمدة سنتين أي حتى نهاية عام 2010 وأخرجت الوحدات الأخرى من الخدمة، وفقا للعرض.

المراسلات بين الحكومة والشركة حول مستقبل الموظفين والتي حصلت "الغد" على نسخة منها تمت بين الشركة ووزيري الطاقة والعمل حتى وصل الأمر إلى رئيس الوزراء، المهندس نادر الذهبي، الذي أرسل كتابا رسميا يستفسر فيه عن مستقبل العاملين في الشركة.

وجاء في رد الشركة على كتاب رئيس الوزراء رقم 8/ 5/ 1/ 12859حول مستقبل محطة الحسين، "إن تطبيق برنامج تقاعد وحدات التوليد وعدم إعادة تأهيل هذه الوحدات لزيادة عمرها التشغيلي وخلق استطاعة توليدية جديدة ناتجة عن إعادة التأهيل تساعد في مواجهة النمو في الطلب على الطاقة الكهربائية في المملكة، ولا بد لنا من مواجهة حقيقة تكمن في أن شركة توليد الكهرباء المركزية هي شركة آيلة إلى الزوال من سوق الطاقة المحلية".

وشددت على أن استبعاد شركة توليد الكهرباء المركزية من العرض المقدم من قبل الحكومة لمشروع (IPP3) من دون أي مبرر، بالرغم من أن الشركتين اللتين دعتهما الحكومة للتقديم للعطاء قد اعتذرتا عن الدخول فيه، مشيرة الى قيام الحكومة بإعطاء هذا المشروع لصالح شركة السمرا لتوليد الكهرباء والتي من المتوقع أن تصل قدرتها التوليدية الى 1000 ميجا واط تقريبا، ويقوم عليها اقل من 250 موظفا وهي مملوكة من قبل الحكومة.

في حين أن القدرة التوليدية لشركة توليد الكهرباء المركزية تصل إلى 1500 ميجا واط ويقوم عليها 1500 موظف وهي مملوكة للقطاع الخاص، ما يدل بشكل واضح على وجود فائض في الموظفين لدى شركة التوليد وعدم منطقية أعداد العاملين بالنسبة لأعمال الشركة.

واستعرضت الشركة في ردها تطور قطاع توليد الكهرباء المحلي والذي بدأ نشاطه بشكل موحد منذ بداية السبعينات، حيث تولته سلطة الكهرباء الأردنية آنذاك، والتي تم بموجب قانون الكهرباء العام رقم 10 لسنة 1996 تحويلها إلى شركة مساهمة عامة تحت اسم "شركة الكهرباء الوطنية المساهمة العامة" والمملوكة بالكامل للحكومة، وبدأت عملياتها بشكل رسمي في سنة 1996.

وجاء في الرد؛ أنه وبهدف السير في تطبيق سياسة الخصخصة التي تنتجها المملكة، وضمن توجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني، تم فصل النشاطات الخاصة بسلطة الكهرباء الأردنية والتي تشمل التوليد والتوزيع والنقل؛ حيث تم نقل كل ما يتعلق بنشاط التوليد كما كان عليه إلى شركة توليد الكهرباء المركزية والتي باشرت عملياتها مع بداية عام 1999.

وكشف أن الشركة واجهت وما تزال العديد من التحديات التي تعيق سير أعمالها ومن أهم هذه التحديات والمعوقات قدم محطات التوليد التي تم نقلها لشركة التوليد المركزي ودور ذلك في زيادة أعباء الصيانة والتشغيل اللازمة حتى تستمر هذه الوحدات التوليدية بتزويد التيار الكهربائي بشكل مستمر وآمن.

وأوضح الكتاب أن زيادة الطلب على الطاقة الكهربائية ونمو الأحمال بشكل عام لم يكن متوقعا قبل الطفرة الاقتصادية التي شهدها الأردن بجميع جوانبها، مبينا أن زيادة الأحمال في فصل الشتاء أدى إلى تساوي أحمال الذروة الشتوية بأحمال الذروة في فصل الصيف، والذي جاء بسبب تغيير النمط الاستهلاكي للمواطن من حيث استخدامه للمدافئ الكهربائية، وتسببت هذه التغيرات في زيادة تحميل الوحدات بأحمال عالية لفترات طويلة خلال العام، ما أدى إلى زيادة العبء على هذه الوحدات القديمة والتي في اغلبها قاربت أو تجاوزت الأعمار الافتراضية لها.

وجاء في الرد أن شركة توليد الكهرباء المركزية اتخذت عدة خطوات على اثر التحديات التي تواجهها للتوصل إلى الحل الأمثل الذي يقلل قدر الإمكان من الخسائر التي سيقع فيها كل من الشركة وموظفيها والمواطن بخاصة العاملين في الشركة.

وفي تاريخ 9 نيسان (أبريل) 2009 وجهت الشركة الكهرباء المركزية كتابا إلى وزير الطاقة لتوضيح الوضع الحالي وتقييم الوضع المستقبلي لشركة التوليد وبالتحديد محطة الحسين الحرارية، والأثر المتوقع على العاملين فيها والذين يزيد عددهم عن 466 موظفا.

وطلبت الشركة من وزارة الطاقة السماح لها بتطوير وإعادة تأهيل محطة الحسين الحرارية لتحقيق الأهداف المرجوة منها، ولكون ذلك يتطلب خطوات سريعة لانجازه من خلال برنامج زمني مناسب يتوافق مع برنامج تقاعد الوحدات العاملة ولم يرد لغاية تاريخه أية رد على هذا الكتاب.

وفي 14 نيسان (أبريل) 2009 عقد اجتماع بتاريخ مع رئيس اتحاد نقابات العمال في الأردن وفرع نقابة العاملين في قطاع الكهرباء، وتم طرح هذه القضية بشفافية كاملة، إلى جانب عقد اجتماع مع وزير العمل بتاريخ 19 نيسان (أبريل) 2009 لشرح وضع شركة التوليد وما قد ينجم من آثار على العاملين بها، وذلك بالاستغناء عن خدماتهم حسب برنامج تقاعد الوحدات التوليدية العاملة، كما قامت الشركة بناء على طلب وزير العمل بإرسال كتاب يتضمن شرحا تفصيليا للوضع الحالي.

وأشارت الشركة في كتابها الموجه إلى وزير العمل إلى أن شركة توليد الكهرباء المركزية ستضطر آسفة للاستغناء عن خدمات العاملين لديها في محطات التوليد بحسب برنامج زمني يتوافق مع برنامج تقاعد وحدات التوليد في الشركة.

وطلبت من الحكومة السماح لها بتنفيذ رؤيتها في إعادة تأهيل المحطات المتقاعدة من خلال نقطتين الأولى تتعلق بما يسمى بـRepowering and Rehabilitation Projectsأي إعادة وإطالة العمر التشغيلي للوحدات المتقاعدة لما يزيد عن عشرين سنة إضافية واستغلال البنية التحتية المتوفرة وطاقات الطاقم الفني العامل.

أما المسألة الثانية؛ وتتعلق بإنتاج وبيع الطاقة الكهربائية للحكومة ممثلة بشركة الكهرباء الوطنية بسعر (التعريفة) اقل من السعر الذي ستشتري به شركة الكهرباء الوطنية من مشغل مشروع توليد الكهرباء الخاص IPP2 حسب الاتفاقية المبرمة معه ما سيوفر مبالغ طائلة على خزينة الدولة وذلك من خلال إعادة تأهيل المحطات المتقاعدة.

وفي سبيل عرض المشكلة بشكل موسع تم دعوة لجنة الطاقة في مجلس النواب إلى شركة توليد الكهرباء المركزية بتاريخ 26 نيسان (أبريل) 2009؛ حيث تمت مناقشة وشرح الأمور المتعلقة بالوضع الحالي والمستقبلي للشركة والآثار السلبية التي سوف تواجه العاملين في الشركة إن لم يسمح لها بتطوير مواقعها، وتم التطرق لمنافسة وانفتاح سوق الطاقة المحلي بالإضافة إلى كيفية التعامل مع هذا الانفتاح آخذين بعين الاعتبار مبادئ الشفافية والتنافسية.

وفي كتابها الموجه إلى وزير الطاقة للرد على استفسارات رئيس الوزراء شرحت الشركة الآثار السلبية الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن تقاعد وحدات التوليد وخطورة الموقف وأهميته، بالإضافة إلى الآثار السلبية الناتجة عن الاستغناء عن خدمات مجموعة من الموظفين، كنتيجة مباشرة لتقاعد وحدات التوليد حسب تقادمها بناء على ما جاء في اتفاقيات بيع وشراء الطاقة "PPA".

وبحسب الكتاب، يمكن لشركة توليد الكهرباء المركزية أن تتلاشى بالكامل وسوف ينتج عن ذلك فقدان 1500 موظف لوظائفهم تدريجيا وبمدة لن تزيد عن خمسة عشر عاما وهذا سيؤدي إلى عدد من المشاكل الاجتماعية في مقدمتها تضرر أفراد عائلات هؤلاء الموظفين والبالغة عددهم حوالي 8000 مواطن.

ووفقا للكتاب ومن منطلق ضرورة تكاتف مؤسسات القطاع، طالبت الشركة الحكومة بحلول للمشكلة التي تواجهها لتجنب التوصل إلى هذه الأزمة.

ولفتت إلى أن عدم استمرار نشاط شركة توليد الكهرباء المركزية بالمستوى المطلوب سيكون له الكثير من الآثار الاقتصادية السلبية على المملكة ككل؛ حيث سيحول ذلك دون تمكن الشركة من تطوير مواقعها وتقديم أسعار للطاقة تقل عن أسعار أي شركة جديدة ضمن مشروع "IPP.

كما أن فقدان مواقع شركة التوليد الإستراتيجية والواقع في مراكز الأحمال سوف يؤدي إلى آثار سلبية في تشغيل النظام الكهربائي ككل.

وقالت الشركة في الكتاب أنها حتى هذه اللحظة لم تتوصل إلى حل نهائي واضح ولم تصدر أي قرار بالاستغناء عن خدمات أي موظف، وان حال الشركة ما زال على ما هو عليه من دون تغيير، رغم أن جميع وحدات الديزل ووحدة غازية في محطة الحسين الحرارية قد تقاعدت وخرجت من الخدمة مع نهاية عام 2008.

بيد أنها ذكرت أنها عينت شركة استشارية مختصة في مجال الموارد البشرية من اجل دراسة الأوضاع الداخلية للشركة والمتعلقة في جانب الموارد البشرية، حيث ستقوم بالنظر في ما يمكن الاستغناء عنه من كوادر الشركة، مشيرة إلى أن الدراسة لم تنته بعد، مبينة أن الشركة ستضطر آسفة للاستغناء عن خدمات عدد من العاملين لديها في المستقبل في حال بقي الوضع على ما هو عليه.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات