الفلسطينيون يتشبثون بحقهم الديني والتاريخي في المدينة المقدسة

المدينة نيوز – القدس المحتلة - مؤيد الحباشنة - غصت ساحات المسجد الاقصى بالاف المصلين، الذين اقبلوا من شتى بقاع المدينة المقدسة، لاقامة صلاة التراويح في قبلة المسلمين الاولى في مشهد يعبر عن تشبث الفلسطينين بحقهم الديني والتاريخي في المدينة ومقدساتها التي تقف شامخة في وجه الاحتلال الغاشم.
وتحت شجرة زيتون مباركة في باحة المسجد يفترش كهل سبعيني سجادة صلاة ليقيم عليها شعائر الله والى جانبه فتية وشبان يتضرعون الى الله ان يزيل الاحتلال ويعيد عليهم الشهر الفضيل واسوار مدينتهم محررة عزيزة في اكناف المسلمين.
يقول السبعيني عبدالرحيم الجعبري، "نصلي هنا لله، ونصر على اقامتها لنخاطب العالم باننا اصحاب حق في المكان الذي باركه الله واحتضن على مر العقود رسالة السلام والمحبة".
ويضيف، لموفد وكالة الانباء الاردنية (بترا) الى القدس المحتلة، وقد بدت على وجهه مشاعر الغضب "يريد المحتلون ان يغيروا معالم قدسنا ولكن "الله متم نوره ولو كره الكافرون"، نصوم شهرنا بصبر، لكننا لا نصوم عن نضال تجذر فينا ونغرسه كل يوم حقا تاريخيا في صدور ابنائنا".
هي القدس باهلها ومقدساتها، تعيش اجواء رمضانية ترنو اليها عيون المسلمين وافئدة المؤمنين من اصقاع الدنيا وقد اكتست بحلة اسلامية بهية تبرز معالم الشهر الفضيل مثلما ان اسواقها وازقتها وساحاتها تعيش اجواء الشهر بكامل روحانياته وطقوس اهلها رغم صلف الاحتلال الجائر.
ويقول الحاج عمران العناني ان شهر رمضان المبارك في القدس له خصوصية تميزه عن غيره ، فالجميع تواق للتواجد في باحات الحرم الشريف ممن يسمح لهم بذلك من قبل سلطات الاحتلال التي تفرض اجراءات شديدة للدخول لا سيما في رمضان.
ويأبى المقدسيون وقد أظلّهم رمضان المبارك ببركاته أن يستسلموا للواقع المرير المفروض عليهم من قبل الاحتلال الإسرائيلي، فهم يتعالون على آلامهم ، ويزيد من ألمهم ما يمرّ به الشعب الفلسطيني من خلافات وأمنياتهم أن يتوحد الفلسطينيون ويجمعوا صفهم، ويجعلوا همّهم لتخليص القدس من براثن الاحتلال وهو دعاء كل مقدسي دون استثناء أن يفك الله أسر المسجد الأقصى.
وفي ارجاء المكان يصدح الاذان مدويا من ماذن القدس والاقصى لتعلن عروبة المدينة واسلاميتها التي يستهدفها المحتل بالمستوطنات.
وما ان تمضي خطواتك بالسير نحو الحرم عند ساعات الغروب يلفت انتباهك مشهد المحسنين بكرمهم العربي الاصيل وهم يوزعون الآلاف من وجبات الإفطار للصائمين المرابطين في رحاب المسجد الأقصى خلال الشهر المبارك والتي كان لنا نصيب منها.
وللقدس حكاية مغايرة مع فوانيس رمضان المعلقة على جدران ازقة المدينة المقدسة وحواريها فهي رسالة يريد بها المقدسيون ان يظهروا عروبة المدينة وابتهاجها بالشهر الفضيل وابراز سماحة سكانها من مسلمين ومسيحيين.
وتشير الحاجة رشيدة طلال عند باب العامود (احد مداخل المدينة القديمة)، الى ان الفوانيس التي تضىء القدس هي لابراز معالم الشهر وادخال البهجة في نفوس الاطفال لان رمضان شهر تزداد فيه الالفة والمحبة.
وتقول ان المسحراتي كذلك هو جزء اساسي من طقوس رمضان القديمة التي يحافظ عليها المقدسيون الى جانب صنع حلوى رمضان من حبات القطايف والتمرية والعوامة والنمورة والمطبقة التي امتازت القدس بها عن غيرها.
وتفوح من على بعد خطوات قليلة رائحة زكية من العطور العربية الممزوجة بالمسك والعنبر فيما تتنتشر البسطات محملة بحبات الفاكهة المقطوفة من بساتين قرى المدينة المجاورة والتي تعبق برائحة الارض الزكية الممزوجة بدماء الشهداء الابرار.
تلك هي القدس بحراك اهلها الصامدين تعج بالحياة وتمتزج فيها رغم اجراءات المحتل قصة شعب ارتبط بالارض المباركة ، وتبقى بكل معالمها عنوانا شامخا للتسامح والتآخي الذي يتجسد واقعا حيا مع كل اطلالة فجر يوم جديد.