تقرير حقوقي يوصي الحكومة بالعمل على صياغة خطة وطنية لحقوق الانسان
المدينة نيوز - اوصى تقرير حقوقي الحكومة بالعمل على صياغة خطة وطنية لحقوق الانسان لأن تبني هذه الخطة يسهم في تركيز جهود مختلف الشركاء لتحسين حالة هذه الحقوق وتكون افضل مؤشر لقياس مدى التقدم في سجل حقوق الانسان للحكومات المتعاقبة والدولة بشكل عام.
واظهر التقرير الذي اصدره المركز الوطني لحقوق الانسان عن اوضاع حقوق الانسان في الاردن عام 2012 التأثير السلبي لغياب خطة وطنية لحماية حقوق الانسان لأن وجودها سيساعد على سهولة تحديد اماكن القصور والثغرات في مجالات حماية حقوق الانسان وتعزيزها على الصعد الثلاثة ( التشريعات والسياسات والممارسات) ومعرفة العقبات التي تعترض جهود معالجتها.
وقال رئيس مجلس امناء المركز الدكتور عدنان البخيت في مؤتمر صحفي عقده اليوم ان جلالة الملك عبدالله الثاني ابدى اهتماما كبيرا بموضوعي معتقلي الحراك واوضاع العاملين في صحيفة العرب اليوم المتوقفة عن الصدور الذي تم طرحهما في اللقاء مع جلالته امس وطلب دراسة متكاملة من المركز عن هذين الموضوعين.
واورد التقرير الذي يقع في 217 صفحة الجديد في مسيرة حقوق الانسان في المملكة 2012 من غياب النمطية في سلوك الأطراف موضحا ان التعامل مع الحراك الشعبي سيطر على الجزء الاكبر من المشهد الوطني ذلك العام ونتج عن ذلك تسليط الضوء على مجمل الحقوق المدنية والسياسية المرتبطة بممارسة الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير والمشاركة العامة والانتخاب، والحق في الحصول على المعلومات ومحاربة الفساد، بالإضافة إلى حقوق اقتصادية واجتماعية أساسية.
واضاف البخيت " قضية حقوق الانسان والمعتقلين ليست مناكفة لاحد ولا يجوز ان تستمر بعض الممارسات غير اللائقة وغير الحقوقية لأن من مهام المركز كرامة الانسان وهي بالنسبة لنا قيمة اساسية من صلب الدين الاسلامي وكل المعتقدات ".
وقال التقرير: انه ظهر في ضوء الرصد الدقيق، والتحليل الموضوعي الذي قام به المركز للأوضاع العامة في الأردن عام 2012" ان كلاً من المتظاهرين، وأجهزة انفاذ القانون التزما بما تفرضه سلطة القانون والمعايير الدولية بشكل عام، فالمحتجون والمتظاهرون التزموا بمبدأ سلمية الاحتجاج إلى درجة كبيرة، والتزمت أجهزة انفاذ القانون باحترام المعايير الدولية، وحماية الحق في الاحتجاج السلمي من حيث المبدأ، وكذلك التزمت بدرجة من ضبط النفس، والتدرج في استخدام القوة لفض الاضرابات، والاحتجاجات في أغلب الاوقات، إلا أن هذا لا ينفي خروج أعمال الاحتجاج والتظاهر عن مبدأ السلمية في بعض المناسبات. وكذلك تجاوز أجهزة انفاذ القانون أحياناً للمعايير الدولية والخروج عن الضوابط التي يستدعيها التعامل مع المواطنين في مثل هذه الظروف".
واشار التقرير الى ان تلك التجاوزات بدت بشكل جلي، في اغلب الاوقات، في اثناء فض الاجهزة الأمنية للاعتصامات والمظاهرات والمسيرات، وفي أماكن الاحتجاز الأولية، واخذت شكل الاستخدام "للقوة الزائدة عن الحد"، وعدم مراعاة مبدأي "الضرورة"، و"التناسب" في هذا الصدد. وفي مناسبة واحدة على الأقل سقط ضحايا، وجرحى من المتظاهرين، مثلما سقط ضحايا وجرحى في صفوف الأجهزة الأمنية، وذلك جراء الإصابة بأعيرة نارية أطلقت مباشرة على الطرفين.
واضاف التقرير انه لم تنشر علانية نتائج التحقيق في هذه الأحداث التي طالبت بها أكثر من جهة بما فيها المركز الوطني لحقوق الإنسان.
وقال المفوض العام لحقوق الانسان الدكتور موسى بريزات في المؤتمر ان مناطق الضعف والمثالب في السياسات والتشريعات والممارسات يوصي التقرير بمعالجتها من قبل وان حقوق الانسان مكون اساسي في تحقيق الامن والاستقرار وكونها مصدرا للشرعية السياسية لأي نظام حكم ومقياسا لمدى قدرته على تحقيق العدالة الاجتماعية.
وقال التقرير: انه لم يتم تسجيل اي حالة وفاة في اماكن التوقيف المؤقت التابعة لمديرية الامن العام عام 2012، في حين سجلت وفاة نزيل واحد عام 2011 من الموقوفين في النظارة نتيجة اقدامه على الانتحار بشنق نفسه، لكنه اوضح ان بعض قرارات اللجان الامنية التي تشكل للتحقيق في هذه القضايا تنقصها الشفافية.
واورد التقرير قلق المركز الشديد حيال طول مدة الاحتجاز في انتظار محاكمة الموقوفين امام محكمة امن الدولة على خلفية قيامهم بأعمال ارهابية او قضايا جنائية اخرى تقع ضمن اختصاص المحكمة.
وقال التقرير ان المركز رصد في عام 2012 تأخيرا في تحديد مواعيد الجلسات للأشخاص الموقوفين على ذمة تلك القضايا وذلك خلافا لحقهم في المحاكمة في غضون مدة زمنية معقولة او في الافراج.
واشار التقرير الى ان هناك حالات تم فيها استخدام القوة المفرطة من قبل قوات انفاذ القانون سواء لفض الاعتصامات او لإلقاء القبض على المطلوبين من المشاركين في الحراك او بفعاليات الاعتصامات الاخرى.
وحول الحق في حرية الرأي والتعبير والصحافة والاعلام، رصد المركز جملة من الانتهاكات التي مست الحريات الصحفية والاعلامية وبنسب متفاوتة تمثلت في الاعتداء والايذاء الجسدي او اللفظي على الصحفيين، بالإضافة الى استخدام القوة في بعض الاحيان والاعتداء على معداتهم وممتلكاتهم المادية.
وقال التقرير ان هذه الاعتداءات تمت من قبل عناصر الامن، وفي احيان اخرى من قبل جهات غير رسمية اضافة الى المنع من ممارسة العمل الصحفي وحضور الاجتماعات العامة والاعتقال والتوقيف المؤقت والتهديد من جهة رسمية او غير رسمية علاوة على انماط من الرقابة المسبقة واللاحقة على المواد الصحفية واختراق المواقع الالكترونية والوقف عن العمل او البث.
وعن تأثير السياسات على حقوق الإنسان، قال التقرير ان غموض السياسات العامة في مجالات عديدة تتعلق بحقوق الانسان كثيرا ما يفاقم من الاثر السلبي للثغرات الكائنة في التشريعات، خاصة عندما تقصّر هذه التشريعات عن التوافق مع المعايير العالمية التي التزم بها الاردن.
وقال التقرير: ان غياب الشفافية في صناعة السياسات العامة في كثير من الأحيان، وعدم وضوح آليات صياغتها، وتراجع دور المؤسسية في كثير من الحالات، وضعف الأدوات الرقابية الوطنية على هذه السياسات في مرحلتي الصياغة والتطبيق عُطّل لدرجة كبيرة، وآليات المساءلة والمحاسبة انعكست سلبيا على اوضاع حقوق الإنسان بالمملكة.
واضاف: ان غياب المشاركة العامة أيضاً، وعدم افساح المجال بصورة متسعة أمام المجتمع المدني للقيام بدور فعال في التجسير بين المجتمع، وبين المؤسسات الرسمية اسهم في تراجع الأثر الايجابي المطلوب للسياسات العامة في مجال حماية حقوق الإنسان وتعزيزها.
وتابع: ان من أكثر السياسات العامة التي تحتاج إلى اهتمام، هي تلك المتصلة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وقال: ان هناك ثغرات في جهود ومواجهة ظاهرتي الفقر والبطالة وخططها،كما ان هناك تفاوتاً بيَّناً في مستوى الخدمات التعليمية والصحية المقدمة للمواطنين. فبالرغم من الانجازات التي تحققت في ميداني الرعاية الصحية والتعليم، إلا أن السياسات العامة في هذين المجالين قد شهدت مؤخرا تراجعاً واضحاً يحتاج إلى إجراءات سريعة لتلافيه.
واشار التقرير الى ضرورة تعديل قانون الانتخاب.
( بترا )