كتاب يعاينون دور الأدب في تغيير صورة المرأة النمطية في المجتمع
المدينة نيوز- لطالما منحت اشتغالات الثقافة والفنون حلولا لمشكلات اجتماعية معقدة خصوصاً فيما يتعلق بالنظرة النمطية للمرأة ، فالعديد من الروايات والقصص والقصائد الأدبية والأفلام السينمائية والصور الفوتوغرافية واللوحات التشكيلية اسهمت في ذلك .
من هنا تبدو أهمية مسؤولية المثقف والاديب والمبدع تجاه مجتمعه في التغيير الايجابي واثراء مخيلة المتلقي بالوان من الرؤى والافكار البليغة.
تقول الروائية والكاتبة سناء ابو شرار لوكالة الانباء الاردنية ( بترا ) ان الأدب والمجتمع والمرأة مثلث مترابط الأضلاع ، بحيث لا يمكن فصل الأدب عن المرأة ولا عن المجتمع ، فالكاتب لا يكتب في كهفه الأدبي المنعزل , بل يكتب بنبض المجتمع وبشعور المرأة وبمعاناة البسطاء وبفرح المرأة وحزنها وقهرها وانتصاراتها , وإلا سيتحول الكاتب إلى مجرد ناقل للأفكار ومصور للأحداث .
وتضيف ابو شرار : لكن هذه العلاقة الوطيدة تستلزم عناصر أساسية وهي الفهم العميق لثقافة المجتمع وعدم فرض الكاتب لرأيه عما يكتب , إلا إذا كان يمتلك الثقافة الواسعة والمعرفة العلمية والإجتماعية كي يسمح لنفسه بعرض المشكلة ومن ثم إيجاد الحلول لها , وهي مسؤولية كبيرة لأن الكاتب هو أحد أهم العوامل المؤثرة في المجتمع ويتعمق هذا التأثير حين يكتب عن المرأة .
وترى القاصة سامية العطعوط ان الأدب لا يساهم في حلّ قضايا المجتمع بشكل مباشر, بمعنى أن تأثير الأدب الآني على مثل تلك القضايا محدود ، لكنه من ناحية أخرى يؤثر على قضايا المجتمع من خلال المراكمة الكمية والنوعية والمراكمة الزمنية والتاريخية.
وتذهب العطعوط للاستشهاد بالمثال , فتقول ان تحرر المرأة ودخولها معترك الحياة والعمل والأدب والفن والسياسة لم يتم بين ليلة وضحاها، لكن الأدبيات التي دعت إلى ذلك اثرت على المجتمعات بعد فترة زمنية وظهرت حركات مجتمعية نسوية غيّرت في مفاهيم وتقاليد المجتمعات الغربية فيما يتعلق بالمرأة.
وتضيف ان ما يحدث لدينا تحت بند (جرائم الشرف)، هناك محاولات في النتاج الأدبي والإبداعي لبث الوعي المجتمعي حول هذه القضية، لكنها لم تشكّل ظاهرة بعد، كي نلمس لها هذا التأثير.
ويقول رئيس رابطة الكتاب فرع اربد الشاعر مهدي نصير ان الفن عموماً من شعر ورواية وقصة وموسيقى وفن تشكيلي وسينما ومسرح جميعها تعمل على رفع سويَّة الحياة وتطرح مشاكل المجتمع الذي تعبِّر عنه , سواءً مشاكله الآنية واليومية أو مشاكله التاريخية والتكوينية العميقة .
ويضيف نصير ان دور الفن والأدب ليس سطحياً وسياسياً وايدلوجياً , وهو لا يقدم حلولاً جاهزة ومعلبة لمشاكل وقضايا المجتمع، لكنه بنشره قيم العقل والروح الإنسانية المتسامحة والمنفتحة على الآخر وتعزيزه للقيم النبيلة والأخلاق الإنسانية العالية يعمل على صقل الحياة اليومية للناس بما يؤهلهم لاجتراح حلولٍ إنسانيةٍ متسامحةٍ لمشاكلهم وقضاياهم اليومية والتحديات التاريخية الكبيرة التي يواجهونها .
ويعتبر ان الفن والأدب يعمل على الإعلاء من دور المرأة التي تمثِّل نصف المجتمع , فهي تختزن طاقة خلاقة من حيث الدور الإنساني الكبير الذي تقوم به كأمٍ وزوجة ومربية وأديبة وعاملة .
كما يعتبر ان الأدب والفن هما روح الحضارة الإنسانية وروح الثقافة التي تعمل بهدوءٍ وببطءٍ على تغيير الواقع والارتقاء به نحو قيمٍ إنسانيةٍ نبيلةٍ , وتحفيز الناس والمجتمع على اجتراح حلولٍ مبدعةٍ لمشاكلهم اليومية والآنية وفي الوقت ذاته المشاكل التاريخية الكبيرة التي تهدِّد المجتمع والناس وحياتهم .
من جانبه قال القاص منذر ابو حلتم : نعلم ان الأديب ليس مصلحا اجتماعيا او واعظا بل يعيد صياغة الواقع ويرممه من خلال روح الاديب وتجربته في الحياة .
ويؤكد ابو حلتم : ان التاثير الاهم للادب ياتي في حل قضايا المجتمع عبر خلق حالات جديدة من القيم الجديدة بعيدا عن الوعظ المباشر الذي هو بالتاكيد ليس مهمة الأدب او الأديب .
وتشير الدكتورة رزان ابراهيم من جامعة البترا الى ان الأديب يحلم بمجتمع قوامه الحرية والعدل والمساواة, وان أول ما يتبادر إلى الذهن أن سؤال التغيير يهدف الى مواجهة أشكال القمع والتهميش المسلطة على فئات معينة في المجتمع ، لكن في الأدب والنقد النسوي, تكون الرغبة قوية في مواجهة أنماط سلوك ذكرية يمارسها مجتمع حريص على تثبيتها .
وحول دور المرأة في المساهمة في صناعة التغيير من خلال الادب تقول الدكتورة رزان في حديثها عن الكتابة النسوية , لا يفوتني التطرق هنا إلى مآزق تقع فيها المرأة الكاتبة وأغلبها يرتبط بحاجة ماسة إلى مناخ صحي يحتضن الطاقات الموهبية والإبداعية.
( بترا )