نهاية الظالمين!!؟؟
إن الظلم من أبشع انواع السلوك التي قد تمارس من قبل فئة على إخوة لهم في الإنسانية ، بسلبهم حقوقهم وقهرهم ، بما حبا الله هؤلاء من قوة المنصب او النفوذ والمال ، مسخرين كل أمكاناتهم ومهاراتهم وطاقتهم ليمتصوا دم غيرهم ، متبجحين بسلطانهم الزائل لا محالة في يوم من الأيام ، متناسين هذا من أن الظلم ظلمات يوم القيامة .
ومم يبعث في النفس الأسى ان نرى شبابا يافعين من مواطني هذا البلد ، وقد خط الزمن بقلمه علامات من الإحباط والوجوم لكثرة ما يواجهونه ويسمعون من ظلم المسؤولين ، ففلان يقدم أحد اقاربه ، وفلان يستميت دفاعا عن أحد ابناء العمومه ، وهذه مجموعة ، حولت المكافأت والمناصب لمجموعة وأبعدت تلك ، فالمكافأت والمهمات الرسمية وما فيها من دراهم ودنانير فهي للشلة المقربة، فكيف بالله سيتم النهوض بالوطن في ظل ممارسات محبطة مدمرة تقتل كل امل بالإصلاح والتنمية ؟ إن كان من يمثل ويقود الأمة من ضمن هذه الفئة المبتزة السارقة الناهبة لمقدرات الدولة؟؟ والتي لا يهمه إلا مصلحته الخاصة ومآربه الشخصية ، ووهب الهبات والمزايا للنواب والأعيان والوزراء .
قد يصاب المرء بالإحباط والتشاؤم في ما يشاهد ويسمع ويرى ويقال عن مسؤولين باعوا الضمير وجعلوه مستترا!! ، من فساد لا يوصف ، وما قرار النواب بمنحهم انفسهم المزايا التي يستميتون من أجلها ، في حين يتقاعسون عن رد الحكومة عن غيها وتجبرها بما تفرضه من رسوم وجبايات على المواطن الغلبان ، واليكم يا نواب الأمة اقول كونوا بقدر المسؤولية إتجاه الوطن والمواطن ، ولا تجعلوا من مناصبكم مكانا لتمرير ما يفيدكم انفسكم ويضر المواطن ،اتقوا الله وارحمونا، وبرغم ما تفعلون يبقى الأمل بالله كبيرا ، فهناك الصالح ونرجو أن يكون اكثر من الطالح ، وللمسؤولين الظالمين أقول بأن لهم نهاية مؤلمة في الدنيا قبل الاخرة فليحذروها فهي قريبة وليست بعيدة ، فقد تكون بدعوة مظلوم فإن دعا الله استجاب الله له!!
ولدولة عبالله النسور اقول إتق الله في نفسك أولا وفي المواطن ثانيا ، ولا تجعل من نفسك جبارا متجبرا ، ولا يغرك المنصب والنفوذ والسلطة!! ، فليس بالضرائب والرسوم والجبايات تجحقق للوطن الخير!!!
من روائع سيرة الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى أنه سأل رجاء بن حيوة رحمه الله تعالى عن حال رعيته مع العمال فقال: رأيت الظالم مقهوراً، والمظلوم منصوراً، والفقير مبروراً، فقال: "الحمد الله الذي وهبَ لي من العدل ما تطمئن إليه قلوب رعيتي".
لا نريدك يا دولة عبدالله النسور ((وإن فعلت ، فلن تستطع )) أن تكون كعمر بن عبد العزيز ، ولكن نريدك عطوفا على البائسين الذين لم يتبق ما يستر عورتهم ،وويقيم أودهم ، فارحم شعبا صابرا محتسبا ، ولتنظر إلى دول الجوار وما أصابها بسبب الظلم والجور والقهر والحرمان ، فلا تعجل بخراب الأوطان بما تدعيه الحرص على الوطن وخدمة الدولة والرعية.
ويعجبني قول الإمام الحسن البصري رحمه الله تعالى: "خِصلتان من العبد إذا صَلُحتا صلح ما سواهما: الركون إلى الظلمة، والطغيان في النعمة" قال الله عزوجل: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود:113]، وقال الله عزوجل: {وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} [طه:81].
وأذكر دولتك بقول سفيان الثوري رحمه الله ،والذي جاء فيه عندما سأله رجل فقال: "إني أخيط ثياب السلطان. هل أنا من أعوان الظلمة؟" فقال سفيان : "بل أنت من الظَّلمة أنفسهم، ولكن أعوانَ الظَّلمة من يَبيع لك الإبرة والخيوط".
فلا جرم أن الظلم عاقبته وخيمة ، وهو شديد النكاية ،يُمزِّق أهله كل مُمزّق، ويُبيدهم شرَّ إبادة، ويُخرب الديار، ويقصم الأعمار، ويجعل أهله إلى دمار، فكم قُصِم به من أُمَم، وفُرِّقت به من جماعات، وخُرِّب به من حصون، وأفني به من أجيال، وسقطت به من دولٌ وحكومات، قال تبارك وتعالى: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ} [الأنبياء:11].
والذين يظلمون الناس بغير حق، ويُعذبون العباد، ويَظنون أن المُلكَ والسُّلطة التي في أيديهم والمال الذي في خزائنهم والقوة التي في أجسادهم هي حصون تمنعهم من الله تبارك وتعالى؛ ألا فليعلموا أن بطش الله شديد، وليتذكروا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» قَالَ ثُمَّ قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:102]،
لما حُبس جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي هو وأبوه، قال لأبيه: "يا أبتِ، بعد الأمر والنَّهي أصارنا الدهر القيود، ولبس الصوف، والحبس". فقال: "يا بُني دعوةُ مظلومٍ سرتْ بليلٍ غفلنا عنها ولم يَغفل الله عنها".
لتتذكر يا دولة الرئيس ولتقرأ التاريخ بتمعن وفهم وروية ، حتى لا يسري عليك ماسرى على من سبقك !!! ولتكن في قلبك الرحمة على ،شعب تعب من كثرة ما قمت به من رفع وفرض رسوم وجبايات ومكوس ، إرحم ليرحمك الله ؟
نتمنى للوطن الرفعة والسلام ، ومهما طال ليلُ الظلمِ البهيم إلاّ وبعده يسطع نور العدل المبين، وحفظ الله الوطن واهله من كل سؤ وشر مبين.