مشاعر العيد تحرك الهام الشعراء والأدباء

المدينة نيوز- يمثل العيد مصدر فرح وسرور للناس عامة عند كل الشعوب، وهو مناسبة لإصلاح ذات البين وايام فرح وسعادة للاسر مثلما هو مصدر الهام وإبداع للشعراء والمحبين.
وتبقى الأعياد والمناسبات الوطنية والقومية والدينية مادة خصبة للشعراء والأدباء تتفاوت مشاعرهم تجاهها قوة وضعفا، ولاء وعبادة وعادة، وتتكرر هذه الاحساسيس والمشاعر عند هؤلاء المبدعين مع اختلاف الظروف والأحداث الخاصة التي قد يمرون بها أو تمر بالأمة بشكل عام.
وتفاعل الشعراء والأدباء مع الأعياد تفاعلاُ قويا ظهر في أغراض شعرية وأدبية متنوعة.
يقول الشاعر عادل بني عيسى : العيد يخلق لي حالة من الإلهام ومعايشة الأمل والخروج والولوج في الظرف الاستثنائي وتجيش مشاعري وأحاسيسي لأنني في العيد استجلب الذكريات التي تدفئ ذاتي وتروي عطش روحي التي تئن من قسوة أيام السنة السابقة.
ويبقى بني عيسى على موعد مع العيد لأنه يكسبه نشوة اللقاء واستجلاب الصور وإثارة العاطفة تجاه الناس خاصة المقربين بما يحمل من معان عظيمة وقوانين وتشريعات إنسانية لا توجد إلا في ثناياه.
يقول بني عيسى في إحدى قصائده:
أعيد كل ما طبعته روحي من بصمات اللقاء *** وتخرج مرحبة بموعد الحبيب
ففي غربتي أبقى وحيدا يا عيد بعيد بعيد *** وتزهر ابتسامات اقحوانتي وتجعلني قريبا قريب
ويفصح الروائي محمد العرسان عن مكنون مشاعره في العيد بقوله ان العيد فرصة لمراجعة صادقة للذات الإنسانية والعودة الى طريق النجاة بالاستقامة والصدق وتحقيق موازنة دقيقة في العلاقات الإنسانية، مشيرا الى اننا بالعيد نتغلب على كل الخلافات مطالبا بان تكون العلاقات الانسانية مبنية على التفاهم والحب وتجاوز كيمياء الغضب لتهفو النفوس الى التسامح والتراحم والتحاب.
ويقول الشاعر والمفكر الدكتور خالد جبر ان العيد ليس كما يظنه كثير من ابناء الامة في لبس الجديد واللهو واللعب فقط، وإن كان ذلك من سمات العيد ولكن هناك أمورا أخرى كما نبه إليها أبو إسحاق الألبيري حول حقيقة معنى العيد فيقول:
ما عيدك الفخم إلا يوم يغفر لك *** لا أن تجرَّ به مستكبراً حللك
كم من جديد ثيابٍ دينه خلق *** تكاد تلعنه الأقطار حيث سلك
ولا يخلو العيد في كثير من الأحيان من منغصات قد يتعرض لها الشاعر خاصة في نفسه وأهله وقد عبر ذلك كثير من الشعراء ويكاد من يقرأها يشارك الشاعر معاناته ويلامس صوره وأحاسيسه، ولعل ما قاله الشاعر خالد جبر في مطلع قصيدته يبين ذلك بقوله "العيد عاد فهل هناك جديد".
وتتقاذف جبر مشاعر الشوق كموج البحر تهدأ احيانا وتعلو بعض الاحايين وتختفي اخرى في شوقه إلى إخوانه وأحبائه وأهله من ابناء الامة ليتفق مع قول بعض الشعراء في مقاطع مواسيا حال الامة:
أصبحت في يوم عيدي والسؤال على *** ثغري يئن وفي الأحشاء نيـران
أين الأحبـة وارتـد السـؤال إلى *** صدري سهاما لها في الطعن إمعان؟
ما أنت يا عيد والأتراح جاثمـة *** إلا سؤال سخيف مرَّ بالخاطـر
ماذا تقول لهذا العيد يا شاعر؟ *** أقول: يا عيد ألق الرحل أو غادر
ما أنت يا عيد والعربان قد ثكلوا *** جمالهم والمراعي وانتهى الماطر
وترك العيد بصمات فرح لشعراء اخرين حيث يشدو الشاعر ابن المعتز:
أهـلاً بفِطْـرٍ قـد أضاء هـلالُـه **** فـالآنَ فاغْدُ على الصِّحاب وبَكِّـرِ
وانظـرْ إليـه كزورقٍ من فِضَّةٍ *** قـد أثقلتْـهُ حمـولـةٌ من عَنْبَـرِ
ومن منغصات العيد لبعض الشعراء في الادب العربي شكوى المعتمدُ بن عباد بعد زوال ملكه، وحبسه في (أغمات) حين قال وهو يرى بناته جائعات عاريات حافيات في يوم العيد:
عيـدٌ بأيّـةِ حـالٍ جِئْـتَ يا عيـدُ *** بما مضـى أم بأمْـرٍ فيكَ تجديـدُ
ويقول الشاعر علي عبيد الساعي استقبل العيد بالسعادة التي تغمرني واخواني المسلمين الصائمين التائبين التي انعمها الله علينا ، ويهنىء الساعي جلالة الملك عبدالله الثاني بالعيد بقوله:
الليل والنهار والعيد والاشهر الخضر *** منيرةٌ بكَ حتى الشمسُ والفجر
ياسيد قد مددت يداك البيضاء *** لتنير بها حتى الثريا والقمر
وكأنك بدرا رآك ظلام الليل *** وتسير في الدربات وابتسامتك تأسر
اما الشاعر الدكتور راشد عيسى فيقول : لقد تفاوتت مشاعري في العيد بين الفرح والحزن والجنون احيانا لظروف خاصة مرت بي بعضها يدفعني للبهجة والسعادة والفرح ويوصلني بعضها الى حالة البكاء من الظروف العامة التي تمر بها الامة وتترك بصمات حزينة في ضميري وما تحتويه مضامين قصائدي لما تواجهه الأمة من حالة الاستضعاف، لذلك كثر وصفها لما تواجهه من مآس وأحزان خصوصا وان الاقصى والقدس ما يزالان في الاسر يصرخان، وعسى الله ان يعيد لنا العيد بالنصر، ونلقاه بالبشر والزغاريد.