لا يُعلِنون أسعار الخضار ويسرقون بأوزانها!
ليس حسناً أن تبقى أغلب محلات ومعارض بيع الخضار والفاكهة المنتشرة في كافة المناطق بعيدة عن أنظار الجهات الرقابية. ولِبرهان هذا فإنك تجد إصرار أصحابها على عدم إعلان الأسعار وتثبيتها بمحاذاة الأصناف وكأنهم فوق القانون الذي يلزمهم بذلك. والحال عينه ينطبق على الأسواق الشعبية، هذه التي يتوقع مَن يذهب للتسوق منها أن أسعارها متدنية فيخيب ظنه !
إن ما يؤلم المواطن، أن يجد الذرائع والحِجج جاهزة عند الاستفسار عن سبب عدم تسعير الأصناف المعروضة. هذه الذرائع يجب أن تضع الكوادر الرقابية لها حداً كونها جاهزة ولا تتغير بمرور الأيام ما يدّل عن قصدٍ ونيّةٍ. وهذه نماذج منها: وصلت الخضار قبل قليل ولم نجد وقتاً لتسعيرها، أو: كانت قائمة الأسعار موجودة لكن ذهبت مع ازدحام الزبائن. أو يدّعي صاحب المعرض أن المُذنِب هو العامل عنده وسيأمره حالاً بوضع الأسعار، أو: لا تأبه بالأسعار اجمع حاجتك ولن نختلف، حتى إذا جمع المواطن حاجته جرى التلاعب ورفع السعر دون رحمة. ويعمد تجارٌ لِوضع لوحات كرتونية في زوايا غير واضحة كُتبت عليها أسعار جُزءٍ مِن المعروضات ، يجيء هذا دفعاً للمساءَلة إن مرَّت كوادر الرقابة، ومن جانب آخر للتلاعب بأسعار بقية الأصناف غير الواردة في اللوحات على ضَوء هيئة الزبون وعمره وجنسه ومدى يقظته!
وقد تفنَّن بعضهم في أسلوب التحايل بحيث يضع سعراً منخفضاً لصنف في مدخل محله ليجذب الزبائن ويضع الصنف عينه والمُدَّعى أنه محصول دولة أخرى في ركن داخلي بسعر أعلى، وما أن يتوجه الزبون الذي اشترى الصنف الأقل ثمناً للدفع مع جملة مشترياته، ضُرب الصنف على السعر الأعلى ، ما لم ترصد عين الزبون هذا النهب، فيأخذ البائع باجترار أكاذيبَ نُسِجت بدهاء وأن ما وقع مجرد غلطة ليس إلاّ !
إنَّ ما ينطلق مِن أفواه باعةِ محلاتٍ ومعارضَ أن الجهات الرقابية لا تأتيهم سوى للزيارة الميدانية المعتادة بحُكم صِلاتِ صداقةٍ تربط أصحابها مع مسؤولين، أو قولهم إن عدم الاكتراث بالجهات الرقابية ولا بمخالفاتِهم لوجود نوعٍ مِن الشراكة بين أصحاب المحلات والمعارض وبين شخصيات ذات نفوذ يمكنها معالجة أية مشكلة، هذه المسألة إن صَحَّت تتطلب إجراءات حازمة ليُطبق القانون على الجميع. ولعل تعزيز الجهات الرقابية، بكوادر أمنيِّة كما حصل قبل أعوام عند التدخل لوقف احتكار وإخفاء سلع غذائية ونجاحها في ذلك، ما يضع حداً لحالات الاستغلال البشع المُزمِن .
ثمَّة نصيحة أضعُها أمام مَن يذهب للتسوق أو مَن يُرسل فرداً مِن عائلته، أن يُصِرَّ على طلب فاتورة أو على الأقل ورقة يكتُب فيها البائع مهما كان حجم محله وموقعه وزن كل صنف بصنفه وسعر الكيلو الواحد مِنه وثمنَه الإجمالي، وأن لا يعتمد على رقمٍ واحد يشير لمُجمل مشترياته فيدفعه ويمضي. هذا النهج في غاية الأهمية ولن يريح الفئة التي تستمرئ التلاعب، وقد تغضِبهُم لأنهم كما يزعمون موضع ثقة الزبائن وليس من عادتِهم فعل ذلك، وقد يدعي بعضهم ازدحام العمل وتعذر ذلك. هنا سيكتشف المواطن كم تمَّ التلاعب بأسعار ما اشتراه مِن قبل، وأضيفُ:كم تمَّ العبث الخبيث بأوزان ما اشتراه على مدى سنوات، دون أن يكلف نفسه من التحقق ولو مرة واحدة من صِحَّة الأوزان. أما الموازين في بعض المحلات فهي ميدان يُتقَن فيه التلاعب والغش، فبعض الأصناف المنتقاة يخزَّن سعر الكيلو منها على خِلاف سعره الحقيقي، أو يتم ضرب الوزن بسعر صنف مرتفع الثمن، لأن الزبون يدفع سعراً إجمالياً دون أن يعرف تفصيلات مشترياته.
وختاماً على وزارة الصناعة والتجارة وضع حلولٍ تكتسب صفة الديمومة لِما سبق ذِكرُه. وأرى في تدخل دائرة ضريبة الدخل والمبيعات في موضوع نسبة الربح المرتفعة التي يستوفيها كثرة من باعة الخضار مقارنة مع كلفتها الأصلية، ما يردعهم ليخفضوا الأسعار وبعكس ذلك استيفاء الضرائب على ضَوء أرباحهم .