ذبح إنسان وذبح خروف
هذا هو الوصف الحقيقي الذي أقره القتلة وأرادوا للناس الطيبين أن يعيشوه في عيدهم الأخير .أن يكونوا ضحايا لموت مجاني يسبقه تحضير وإعداد لسيارات مفخخة تأتي من أماكن متعددة وتستهدف تجمعات السكان وأسواقهم ومواضع فرحهم المزعوم والمرغوب فيه والمؤجل على الدوام ،وليس من أحد يستطيع سبر أغوار المجاميع المسلحة القاتلة والفاعلة على الأرض فمخططاتها واضحة في تدمير الدولة العراقية ووقف نموها المفترض والمشكوك فيه على خلفية صراع سياسي محموم يستهدف مصالح قوى وأحزاب وكتل تتربع على مكتسبات لم تتحقق لها في الفترة الأولى من وجودها ، وهاهي تجد أنها مؤكدة وليس من الممكن التنازل عنها لأي سبب وذريعة طالما إنها تجعل من المسؤول ملكا متوجا بينما يرزح الآخرون تحت نير العذابات والحرمان .
في العيد ينحر الناس في بلاد المسلمين ملايين الخراف كسنة متبعة من عهد سيدنا إبراهيم عليه السلام الذي أمره الخالق بنحر كبش فداءا لإبنه إسماعيل الذي رأى في المنام إنه يذبحه وهي الرؤيا التي يرى بعض الكتاب المفلطحين والمتزندقين والتافهين ،إنها جاءت كأول محاولة إغتيال قام بها إبراهيم لوقف الصراع بين العرب واليهود من بعده ، الفرق إن الغرهابيين يريدون أن يوقفوا المؤامرة الكونية بذبح العراقيين كالخراف ،وهم يمتلكون قدرات ذهنية خارقة أتاحت لهم أن يمارسوا الذبح وفق الشريعة الإسلامية دون النظر في عمر الذبيحة كما يفرض الشرع مع النعاج والأبقار والماعز .
في العيد مرت السيارات المفخخة في شوارع العاصمة بغداد دون أن تمنعها التقاطعات ، ولا الإزدحامات المرورية ، ولا نقاط التفتيش التي تغص بها مدينة السلام والمحبة المؤجلة ، وتفجرت مثل براكين الجبال البعيدة لتتناثر أشلاء الضحايا من أطفال العيد والنساء الموشحات بالسواد والشبان الحالمين وحتى الجنود ورجال الشرطة الذين يتحملون أعباء يومية هائلة نتيجة الزحام وطرق التفتيش البدائية والهجمات الإرهابية المنظمة .وبحسب تقديرات فإن عدد ماينفجر من سيارات في بغداد وحدها شهريا يزيد على المائة وخمسين سيارة تسهم في قتل المئات من الأبرياء الذين يذهبون بلا أسف من قبل كثيرين من السياسيين والراغبين بتحصيل المكاسب حتى صار من الطبيعي أن يعيش الناس في رغبة حقيقية في التمتع بالإمتيازات والمصالح دون النظر في عذابات الناس العاديين.
الذين يفجرون ويقتلون لديهم هدف واحد ، ونية واحدة وسعي لغاية واحدة هي نسف الأمل العراقي في حياة حرة كريمة تتحقق فيها متطلبات الكرامة الإنسانية والنظر بتفاؤل الى المستقبل وهو مايرفضه هولاء ويريدون له أن يتعطل بكل السبل المتاحة لهم ،الأمر الذي يدفعنا وبحرص حقيقي لنطالب الجهات الرسمية في الدولة العراقية أن ترتقي بدورها الى مستوى من المسؤولية المضاعفة لوقف نزيف الدم المسال كل يوم في الشوارع والأزقة وفي الأسواق والمدارس والمساجد في أنحاء مختلفة من البلاد العراقية المعذبة . هذا لن يتحقق مالم يتحرك الضمير .. الضمير متوقف عن الحركة .