أبيي.. قنبلة موقوتة بين دولتي السودان
المدينة نيوز - يعتزم زعماء عشائر دينكا نقوك في منطقة أبيي، التي يطالب بها السودان وجنوب السودان تنظيم استفتاء حول مصير المنطقة الغنية بالنفط.
وبرغم قرارات الاتحاد الإفريقي المدعوم من الأمم المتحدة بعدم إجراء أي استفتاء في المنطقة قبل اتفاق دولتي السودان، فإن ذلك لم يمنع قادة قبيلة دينكا من حشد كثير من المواطنين الجنوبيين في المنطقة بغية تسجيلهم وإحداث تفوق عددي على السكان من قبائل المسيرية العربية.
واستغل قادة دينكا نقوك تحرك عدد كبير من قبائل المسيرية في تنقلهم الموسمي للبدء في حملة تسجيل للمنتمين إلى قبيلة دينكا نقوك بعشائرها المختلفة، لأجل إجراء استفتاء في المنطقة حدد له يوم 28 أكتوبر الجاري.
هوية المنطقة
وتعتبر هوية منطقة أبيي المحصورة بين السودان وجنوب السودان إحدى النقاط الخلافية الرئيسة، التي لم تحل بعد بموجب اتفاق السلام الشامل، الذي تم التوصل اليه في 2005، ووضع حد لعقود من الحرب بين الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان الجنوبية، وأدى في نهاية المطاف الى تقسيم السودان في يوليو 2011.
وتسكن في شمال منطقة أبيي قبائل المسيرية العربية أما جنوبا فتستوطن قبائل دينكا نقوك.
ويدور الخلاف بين الشمال والجنوب في المنطقة حول قبيلة المسيرية العربية التي يقول الجنوبيون إن هذه القبيلة ليست مستقرة في أبيي بل تقوم بالانتقال إلى المنطقة للرعي لبضعة أشهر كل عام ثم تهاجر شمالا بقية العام.
أما وجهة النظر الشمالية فتقول إن ابيي هي أرض المستقر للمسيرية وأن هذه القبيلة تهاجر شمالا بسبب الظروف المناخية التي تؤثر على المراعي ثم تعود إلى أبيي.
حق التصويت
وماتزال قضية التصويت غير محسومة بين الشمال والجنوب بسبب مطالبة الجنوبيون بعدم منح قبائل المسيرية حق التصويت في استفتاء أبيي، إذ تؤكد الخرطوم ضرورة مشاركة المسيرية في تقرير مصير أبيي بصفتهم مواطنون يسكنون هذه المنطقة قبل أن تأتي قبيلة دينكا نقوك إليها.
وإجراء استفتاء لتقرير المصير في المنطقة المتنازع عليها، كما نص عليه اتفاق السلام الشامل، أرجئ باستمرار، خصوصا بسبب خلاف بين الخرطوم وجوبا على الجسم الانتخابي، كما أن وضع المنطقة يبقى موضع توتر كبير بين الجارين.
وقبيلة دينكا نقوك -المتفرعة من قبائل الدينكا- تشكل غالبية السكان في جنوب السودان، ويتحدر منها عدد كبير من المسؤولين الجنوب سودانيين، وهي تتقاسم هذه المنطقة التي تضاهي مساحتها مساحة لبنان، مع قبيلة المسيرية العربية من الرحل التي تتنقل مع مواشيها بين السودان وابيي.
استفتاء أحادي
وبدأ المنظمون الذين يعتمدون فحسب على التبرعات المحلية في تسجيل الأصوات الأحد الماضي ويعتزمون تجهيز 29 مركزا انتخابيا لا جراء الاستفتاء.
ويقر المنظمون بأن إجراء استفتاء من جانب واحد من قبل دنكا نقوك يفتقر للأساس القانوني خاصة وان السودان وجنوب السودان أعلنا انهما لن يعترفا بنتيجة الاستفتاء.
تحذيرات دولية
وتحذرت الأمم المتحدة من أن تنظيم استفتاء من جانب واحد من شأنه ان يؤجّج التوترات في المنطقة، حيث يوجد نحو 4 آلاف جندي من قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام.
وشكل زعماء الدينكا نقوك "لجنة عليا للاستفتاء في ابيي" تضم معظم القادة السياسيين والزعماء التقليديين في القبيلة. ويترأسها دينغ الور وهو وزير جنوب سوداني سابق للشؤون الحكومية أقيل في يونيو بعد اتهامات بالفساد.
الحكومة السودانية بدورها، قالت إنها أبلغت من قبل نظيرتها الجنوبية بعدم إجرائها أي استفتاء للمنطقة من طرف واحد، مشيرة إلى التزامها بقرار الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي بهذا الخصوص.
من جانبها، قررت حكومة جنوب السودان وقف الحملات التي تدعو إلى إجراء استفتاء من جانب واحد. ورأى مراقبون في هذا القرار تراجعا من جانب جوبا عن إجراء الاستفتاء، في حين أرجعه آخرون إلى الزيارة التي يقوم بها الرئيس السوداني عمر البشير لجوبا.
نذر حرب في الآفق
وفي الأثناء، يحذر مراقبون من اندلاع حرب بين دينكا نقوك وعرب المسيرية، إذا لم تتراجع الأولى عن "الاستفتاء أحادي الجانب".
ونقلت رويترز عن زكريا أكول مدير معهد سود وهو مركز أبحاث مقره جوبا قول: "ستظل أبيي مصدرا للصراع بين البلدين وقد تتصاعد الأمور ما لم تتوصل كل الاطراف المعنية الى اتفاق."
من جانبه يقول لوكا بيونج من كلية هارفارد كنيدي ويعمل مستشارا لمنظمي الاستفتاء "الخرطوم قد تستخدم...ميليشيات لتعطيل ما يحدث أيا كان."
وكانت أبيي ساحة قتال كبيرة في سنوات الحرب الأهلية بين السودان وجنوب السودان ولها أهمية رمزية واستراتيجية كبيرة للجانبين.
ومنطقة أبيي واحدة من سلسلة نزاعات بين السودان وجنوب السودان والتي تشمل مناطق حدودية أخرى وحقوق النفط.