الإفتاء يحذر من عبارة " انشرها ولك الأجر "
المدينة نيوز:- تحت وطأة الخوف من عواقب قد تلحق بها , امتثلت الاربعينية رهام لوطأة ترهيب رسالة نصية تحوي مضامين دينية وصلتها عبر تطبيق ( الواتس اب ) فارسلتها لعشرين شخصا طمعا في ( خبر سار ) سيردها حال الانتهاء من تعميم الرسالة تلك .
ما فعلته رهام ليس حصرا عليها بل انها ظاهرة سلوكية تلف متبادلي الرسائل عبر ذلك التطبيق الذي تتيحه انظمة الهواتف الذكية , تلك الرسائل وخاصة ذات الصبغة الدينية التي تحمل في مضمونها ترهيبا وتحذيرا من سماع اخبار سيئة , او بحلول كارثة , او بقطع للرزق , اذا لم يتم ارسالها لعشرات الاشخاص , فيما يتمحور الترغيب بالحصول على اخبار سارة ورزق وفير وانفراج للهموم ووعود بالنعيم فور ارسالها .
امتثلت العشرينية نداء لامر رسالة جاء فيها انها " تفرج الهم والغم , وتبعث لها رزقا وفيرا , وتنبؤها بخبر سيغير حياتها ايجابيا " فارسلتها لعشرات الاشخاص ممن تعرفهم ولا تعرفهم , فيما غاب عن ذهنها انها وضعت ابريق الشاي على النار لتجده بدأ بالاحتراق , متسائلة : اذا كان بيتي سيحترق لولا عناية الله تعالى , فاين هو الخبر الايجابي , وقد انتهيت للتو من ارسال الرسائل ..؟؟ ولانه عاطل عن العمل يلتزم العشريني ملهم بحرفية اعادة تعميم تلك الرسائل املا في وظيفة مفترضة قد تأتيه جراء سلوكه هذا , في وقت لا يبذل فيه اي جهد للبحث عن وظيفة وسط شكوى والدته من تقوقع ابنها واتكاله على المجهول وفق تعبيرها .
ظاهرة تعميم رسائل تطبيق ( الواتس اب ) او اي من التطبيقات الاخرى مثل ( الفايبر ) طمعا في تغيير وخوف من كوارث , سلوك يكاد يكون يوميا بين متبادلي الرسائل , ما يطرح الكثير من التساؤلات حول صدقيته , ودوافعه , ومبرراته , في الوقت الذي تنفي فيه المراجع الدينية صحة ومضامين وعواقب تلك الرسائل , مانعة نشرها بين الناس , فيما تستهجنه مراجع اجتماعية تشدد على تغليب لغة العقل والمنطق في التعاطي مع هكذا رسائل ,اذ تعد وفقا لهم ابتزازا دينيا واستغلالا للمشاعر على حساب الحقيقة .
ويسأل احمد عن صحة رسائل دينية يُطلب فيها منه اعادة ارسالها لان ذلك " في ميزان حسناته , وانه سيحاسب عليها اذا لم يرسلها , فقد وصلته رسالة ارقته كتب فيها " صلي على الحبيب 10 مرات , وارسل الى 10 من الاحبة في الله خلال ساعة يكون بمشيئة الله 10 مليون صلاة على الحبيب في ميزان حسناتك وهذه امانة في عنقك ليوم القيامة .. " يقول سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد الكريم الخصاونة لوكالة الانباء الاردنية ( بترا ) لا صحة لهذه الرسالة ولا لمثالها من الرسائل التي يطلب فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عددا معينا من المرات , وقول الرسالة ان هذه امانة في عنقك الى يوم القيامة هو من التكلف والتنطع المنهي عنه , فالامانة لا يكلف بها سوى رب العالمين , وليس من حق البشر فرض عبادات معينة وتحميل امانتها للناس .
ويضيف سماحته : وكذلك حكم الرسائل التي يدعي فيها كاتبها انها تحمل وصية من النبي صلى الله عليه وسلم من خلال الرؤى والمنامات , اذ ان مثل هذه الحالات لا تبنى عليها الاحكام الشرعية .
ويؤكد سماحة الشيخ الخصاونة في هذا السياق على منع نشر هذه الرسائل بين الناس , مشددا على المسلمين منع تصديق كل مدع او كل رسالة تنشر عبر ( الواتس اب ) , او حتى صفحات البريد الالكتروني , متابعا انها مليئة بالخرافات والاكاذيب , وكثير منها ينتشر عبر الهواتف لتحقيق ارباح لشركات الاتصالات , محذرا الناس من تصديقها وترويجها .
ويفيد سماحة مفتي عام المملكة بان من اراد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم , او اراد تذكير اصدقائه بالصلاة على رسول الله صلوات الله عليه , او تذكيرهم بالاذكار فلا حرج عليه , ولكن من غير تحميل امانات في الاعناق , او ترتيب عقوبات خاصة لمن تخلف عن ذلك .
وتصنف هذه الرسائل في دائرة الابتزاز والاستغلال لمشاعر الناس الدينية كما يرى استاذ الفقه في الجامعة الاردنية الدكتور عبد الرحمن الكيلاني ,الذي يؤكد عدم جواز تصديقها او الايمان بعواقبها السلبية او الايجابية , لان في ذلك ضربا من التكهن وادعاء العلم بالغيب , الذي لا يعلمه الا الله تبارك وتعالى .
ويستدرك انه اذا كان في مضامين تلك الرسائل ارشاد وتوجيه وتثقيف وتوعية وخير , فانها ترسل دون شرط اعادة ارسالها وتحديد عدد المرسل اليهم , وامر اعادة ارسالها يترك للمتلقي وخياراته دون ترغيبه او ترهيبه .
ويشير الدكتور الكيلاني الى ان طرق الهداية واضحة في الدين الاسلامي الحنيف مثل قراءة القران الكريم , والاذكار , والادعية , والصلاة , والصدقات , اما اجبار الناس على ارسال الرسائل تحت طائلة التهديد والوعيد والترغيب , فهذا ينم عن قصور في معنى العبادات , وفيه مضيعة للوقت والجهد والمال , ولا اساس او سندا شرعيا له .
وينوه الى ان تلك الرسائل قد تحتوي على احاديث موضوعة او معلومات مغلوطة , وفي ترويجها مشاركة في الاثم وتعميم الخطأ , مشددا على ان هنالك مراجع دينية موثوقا بها كدائرة الافتاء العام التي لها حق بث رسائل التوعية الدينية المسندة والشرعية .
ويشدد استاذ علم الاجتماع في الجامعة الاردنية الدكتور عايد وريكات على ضرورة تغليب لغة العقل والمنطق في اي سلوك اجتماعي , قائلا ان ثمة دوافع متنوعة تقف وراء سلوك البعض في اجبار الاخر على تعميم تلك الرسائل , ومن ذلك الجهل , وغياب الوازع الديني , واختلاف الفروقات الفردية .
ويقول ان العبء يقع ايضا على المتلقي , حتى لو تلقى عشرات الرسائل من تلك النوعية من المفترض به ان لا يعيرها اي اهتمام , مشيرا الى ان نظام الهواتف الذكية يتيح خيار الغاء الاشخاص الذين يثيرون القلق والازعاج عبر رسائلهم المتلاحقة ذات المضمون عينه . " اخلاص القاضي " .