جبهة النصرة و''داعش'' ما الذي يفرقهما؟

تم نشره الجمعة 01st تشرين الثّاني / نوفمبر 2013 10:49 صباحاً
جبهة النصرة و''داعش'' ما الذي يفرقهما؟
عناصر من تنظيم داعش

المدينة نيوز - أعلن «أمير دولة العراق الإسلامية» (القاعدة في العراق) أبو بكر البغدادي، في 9 نيسان 2013 إلغاء اسم «دولة العراق الإسلامية» وإلغاء اسم «جبهة النصرة في الشام» ودمجهما تحت اسم جديد واحد هو «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، مؤكدا عبر رسالة صوتية أن «جبهة النصرة لم تكن إلا امتدادا لدولة العراق الإسلامية».
أمير «جبهة النصرة في الشام»، أبو محمد الجولاني، لم يتأخر في الإعلان عن موقفه من قرار البغدادي، الذي كشف فيه النقاب عن تبعية «جبهة النصرة» لتنظيم القاعدة، ففي اليوم التالي نشر الجولاني رسالة صوتية، رفض فيها قرار الدمج، وأعلن ولاءه المباشر لزعيم القاعدة أيمن الظواهري، مشيرا إلى أنه لم يُستشر، ولم يُراجع في القرار الذي اتخذه البغدادي.
ماذا كان موقف زعيم تنظيم القاعدة الدكتور أيمن الظواهري تجاه قرار البغدادي، القاضي باندماج جبهة النصرة ودولة العراق الإسلامية، تحت المولود الجديد «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، ورفض الجولاني له؟ في رسالته الموجهة للطرفين خطَّأ الظواهري كلا من البغدادي والجولاني، الأول بسبب إعلانه دولة العراق والشام الإسلامية دون استشارته في ذلك، والثاني لرفضه ذلك التنظيم وإظهار ولائه للقاعدة دون الرجوع إليه واستشارته، وفقا لما نشرته صحيفة السبيل.
كما قرر الظواهري -وفق ما جاء في رسالته- «تلغى دولة العراق والشام الإسلامية، ويستمر العمل باسم دولة العراق الإسلامية»، «جبهة النصرة لأهل الشام فرع مستقل لجماعة قاعدة الجهاد يتبع القيادة العامة..»، كما قرر تثبيت أبي بكر البغدادي كأمير لدولة العراق الإسلامية، وأبي محمد الجولاني كأمير لجبهة النصرة في الشام، كل منهما لمدة سنة من تاريخه.
إلا أن اللافت أن موقف أبي بكر البغدادي أمير دولة العراق الإسلامية، جاء رافضاً قرارات الظواهري وتوصياته، ففي رسالة صوتية بثتها مواقع الكترونية معنية بنشر ومتابعة أخبار الفصائل المسلحة قال فيها: «الرسالة التي نسبت إلى الشيخ أيمن الظواهري لنا فيها مؤاخذات شرعية ومنهجية عدة. وبعد مشاورة مجلس شورى الدولة الإسلامية في العراق والشام من مهاجرين وأنصار ومن ثم إحالة الأمر على الهيئة الشرعية اخترت أمر ربي على الأمر المخالف له في الرسالة».
الوقائع والأحداث السابقة تُظهر اختلافات عميقة بين تنظيمي القاعدة في العراق وسوريا، وتكشف عن مدى اختلال علاقتهما مع قيادة تنظيمها المركزي، فما طبيعة تلك الاختلافات؟ وما هي أسبابها؟ وما هي آثارها وتداعياتها على سير العمل العسكري ضد النظام السوري؟ وكيف كان وقعها وتأثيرها على فصائل الثورة الأخرى؟ وكيف ينظر أبناء الشعب السوري لتنظيمي القاعدة العاملين على أرض سوريا؟ وما هو مستقبل الثورة في ظل تلك الاختلافات والاستقطابات.
طبيعة الاختلافات وأسبابها
في بيانه لطبيعة الاختلافات بين جبهة النصرة في الشام، ودولة العراق الإسلامية، على خلفية الأحداث السابقة، أرجع الخبير في الشؤون السورية الإعلامي تيسير علوني، أسباب تلك الاختلافات في بداياتها المبكرة إلى ما أسماه عملية استقطاب مارستها دولة العراق الإسلامية لقيادات وكوادر في جبهة النصرة، موضحاً أن «العملية بدأت على خلفية ما أسماه البغدادي بمحاولة الجولاني الانفصال بجبهة النصرة عن دولة العراق الإسلامية».
العلوني خلال مشاركة تحليلية له على قناة الجزيرة، أوضح بحكم معايشته للأوضاع هناك، وبالاعتماد على مصادره الخاصة، أن الجولاني كان يجتهد في تفادي تكرار أخطاء دولة العراق الإسلامية، التي أدّت إلى نفور أبناء الشعب العراقي منها، بينما تمكنت جبهة النصرة من تكوين قاعدة شعبية موالية لها، مدللا على ذلك بهبة الشعب السوري لدعم جبهة النصرة عندما صنفتها أمريكا كمنظمة إرهابية، وهو ذات موقف القوى السياسية والعسكرية السورية، المستنكرة للإعلان الأمريكي والمؤيدة للجبهة.
وفي ذات السياق قال الناشط الجهادي الأردني مجدي أبو نجم (المعروف على الفيس بوك باسم أبو مارية الفلسطيني) إن «أسباب الخلاف كثيرة، ولكن ظهوره للعلن تعود إلى ثلاثة أسباب رئيسية»؛ «أولا: توقيت إعلان الدولة الإسلامية في العراق والشام لم توافق عليه الجبهة»، وثانيا: «عدم مشاورة الجبهة وباقي الفصائل الإسلامية أثار تحفظ الجبهة»، وثالثا «طريقة وآلية تعامل الدولة مع باقي الفصائل لا ترضي الجبهة».
لكن ماذا عن ذلك التوصيف المتداول إعلاميا والمشَخِّص لطبيعة الخلافات بين جبهة النصرة ودولة العراق الإسلامية، على أنه اختلاف في الرؤى الجهادية وأجنداتها المختلفة، حيث توصف «الدولة» بتنبها لمبدأ «عولمة الجهاد»، في الوقت الذي تحصر فيه جبهة النصرة، ميدان جهادها وقتالها بالساحة السورية، ما يمكن تسميته «بالجهاد الوطني»؟ أبو مارية الفلسطيني يرى أن جبهة النصرة تؤمن هي الأخرى بعولمة الجهاد، ويؤكد أنها مارسته عملياً، مع تحفظه على ذكر مزيد من التفاصيل الكاشفة لطبيعة تلك الممارسة، مشيرا إلى أن «الجبهة لا تريد إعلان ذلك على الملأ من باب السياسة الشرعية، ولا خلاف في هذا إلا في الإعلان فقط».
في كتابه «الإسلاميون والدين والثورة في سورية» الصادر حديثا عن مؤسسة فريدريش ايبرت، يرى الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية الدكتور محمد أبو رمان أن رؤية الفصائل التي تتبنى خط السلفية الجهادية، أو المنتمية للقاعدة كجبهة النصرة والدولة الإسلامية، «تختلف بدرجة كبيرة عن أجندة الفصائل الإسلامية الأخرى»، محددا وجه الاختلاف بأن فصائل السلفية الجهادية «تمزج ما بين الصراع المحلي والعالمي والإقليمي؛ إذ ترى في المعركة في سورية جزءا مكملا من المعركة في العراق مع إيران، والمعركة مع الولايات المتحدة والغرب، أو معسكر الإسلام ومعسكر الكفر، وفق خطابات هذه الجماعات».
مع تأكيده اشتراك الجبهة والدولة في هذا المنظور، إلا إن أبو رمان يشير إلى دوائر الاختلاف بينهما بقوله: «تختلفان في التكتيك والأولويات، إذ كانت النصرة «في البدايات» تتجنب «قبل إعلان البغدادي إنتمائها للقاعدة في نيسان/أبريل 2013) الإعلان عن وجود القاعدة في سورية، ولم تقم بذلك إلا عندما اضطرت بعد إعلان البغدادي، إذ كانت تركز على الصراع المحلي والمعركة المباشرة مع نظام الأسد، وتتعاون مع الفصائل الأخرى في العمل المسلح».
بين الاستراتيجية والتكتيك
من جهته أكدّ الباحث والخبير في الحركات الإسلامية، حسن أبو هنية أن جبهة النصرة كانت منذ بدايات تشكلها والتحاقها بالعمل العسكري في سوريا، جزءا من دولة العراق الإسلامية، وامتدادا لها، لكنها اختارت عدم الإعلان عن هويتها التابعة للقاعدة لأغراض تكتيكية محضة، لكن نزوع الجولاني إلى الاستقلال عن الدولة بتعميق نهج الجهاد المحلي داخل سوريا، دفع البغدادي إلى الإعلان عن قرار الدمج، وأنه صاحب القرار والولاية في هذا الشأن.
يواصل أبو هنية تحليله مشيرا إلى أن ما كانت تعده جبهة النصرة لوناً من ألوان التكتيك في اقتصار أجندتها على الجهاد داخل سوريا للمحافظة على حاضنتها الاجتماعية، وحسن العلاقة مع الفصائل المقاتلة الأخرى، وعدم استفزاز القوى الخارجية وإثارتها، تحول إلى رؤية استراتيجية فيما بعد، ما أثار أبو بكر البغدادي ودفعه للإعلان عن هوية الجبهة وأنها امتداد لدولة العراق الإسلامية، لأنه استشعر أن ثمة توجهات حقيقية لدى الجولاني للانفصال عن الدولة والاستقلال عنها، وتعميق العمل الجهادي المحلي داخل سوريا، وهو ما يتعارض مع رؤية البغدادي المثمثلة في «عولمة الجهاد» وأن سوريا لا تعدو أن تكون محطة من محطاته، وفق أبو هنية.
آثار الاختلاف وتداعياته
رصد تقرير نشرته «الجزيرة نت» بتاريخ 9/6/2013 ما أحدثه قرار البغدادي من إلغاء جبهة النصرة ودمجها في «دولة العراق والشام الإسلامية» من اختلافات شديدة، وانقسامات واسعة، بين أعضاء جبهة النصرة، وخصوصا غير السوريين، الذين تركوا جبهة النصرة بقيادة الجولاني، وولوا وجوهم شطر «المولود الجديد»، ونقل التقرير عن أحد مقاتلي جبهة النصرة إن حوالي 70% من أعضاء الجماعة قد تركوها لينضموا لـ»دولة العراق والشام الإسلامية» بمحافظة إدلب، وإن هناك معدلات أعلى من الانشقاقات بالمناطق الشرقية من سوريا.
يشخص أبو هنية طبيعة العلاقة السائدة بين جبهة النصرة والدولة بعد وقوع الاختلاف بينهما، بأنها حالة من التعايش المؤقت، وتقاسم العمل في مناطق النفوذ، ففي الوقت الذي تمضي فيه الدولة في مشروعها الجهادي الأممي، تركز جبهة النصرة على مقاتلة النظام السوري. نافيا أن تكون الخلافات قد أثرت على سير العمل العسكري ضد النظام، مشيرا في هذا السياق إلى أن تنظيم الدولة يسعى إلى إيجاد فضاء واسع خاص به لتحقيق مشروعه الأممي، دون الحرص على فتح جبهات مع النظام أو الفصائل المقاتلة الأخرى، ما لم تعق مضيه في تحقيق مشروعه.
من جهته أكدّ القيادي في التيار السلفي الجهادي في الأردن، محمد شلبي المعروف بـ»أبو سياف» على وجود تعاون وتنسيق في الأونة الأخيرة بين الجبهة والدولة، مشيرا إلى إن هناك محاولات جادة للإصلاح بينهما، يقوم عليها الداعية السعودي الدكتور عبد الله المحسيني المتواجد حاليا في سوريا، مشددا على أن خلافات الجبهة والدولة لم تكن عقائدية ولا منهجية، بل هي منحصرة في التدابير والرؤى العسكرية، وكيفية التعامل مع الفصائل الأخرى، فبينما تتبع جبهة النصرة سياسة الاستيعاب والتدرج في تطبيق الأحكام، تصر الدولة على سياسة المفاصلة بداية ونهاية.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات