حمدان الحاج يكتب : يجب ان تكون "متملقا " و"منافقا" حتى تعيش
حمدان الحاج - ينسحب الاب من مسؤوليته تجاه أبنائه وتزداد نسبة النساء اللواتي يعملن في المزارع والمصانع في الوقت الذي يقبع فيه ازواجهن في البيوت او في المقاهي او الاماكن العامة ، وتزداد نسبة الطلاق بين النساء المتزوجات بسبب انشغال الازواج في امور لا تهم البيوت كثيرا اضافة الى عدم التعامل الحقيقي بين الازواج بصورة متواصلة.
ولا تسمح المطلقة لطليقها ان يقضي وقتا كافيا مع ابنائه ، فيزيد الجفاء ، ولم يعد للاعراف والتقاليد حرمة ، ويتحرق الاولاد على ابيهم ، وكذلك الاب الذي يحتاج لرؤية ابنائه لا تسعفه الامكانيات ولا الوقت ان يتعرف على حوائج أبنائه ، وهنا تقع المشاكل وتتعقد العلاقات الاجتماعية.
ويضرب الفقر والبطالة اطنابهما بين صفوف الشباب ، ولا يعودون يعرفون عن مستقبلهم شيئا ، ولا يعود المجتمع يقدرهم ، ويصبح الجميع ينظرون اليهم وكأنهم عالة عليهم وانهم اصبحوا بلا قيمة ولا فائدة.
وتنسحق القيم وتداس بقايا الخجل تحت الارجل لانك يجب ان تكون متملقا حتى يسمح لك ان تعيش او ان تجد لك مكانا تحت الشمس ، لانك ان بقيت واقفا صامدا غير ابه بما يقوله الاخرون عنك فكأنما تعطي هؤلاء الاخرين الحجة القوية ان يقذفوك بابشع الاوصاف التي انت منها براء ، ولكن لانك في هذا المقام وفي هذا الوضع وعلى هذه الشاكلة لا تعمل ولست غنيا بل انت فقير ولست منافقا ولست صاحب احد الواصلين ، اذن ، انت تحمل كل الاوصاف التي توصم بها من قبل الاخرين ، وعندها هي اوصاف انت تستحقها والسلام.
ولا تجد اخلاقا ، بل ان سقف الاخلاق تراجع والحياء جفت ينابيعه كما يجف الحليب من ضروع النعاج ، لا لشيء الا لان الحليب مستورد ولم يعد معروفا مصدر المزود ، وهنا يختلط الحابل بالنابل ، وانت مدان وانت غير قادر على ان تجاري الناس في خفة الدم التي هي في الواقع التملق وقلة الحياء وانعدام الشخصية وانصرافك الى ما يضحك الاخرين على حسابك وحساب كرامتك ومركزك ، هذا اذا كان لك شيء من هذه وذاك.
وفجأة تصبح انت الرقم الصعب الذي يعول الجميع عليه ، فأنت ابن الاكرمين وابن من لا قبل للقوم بملاقاتهم ، وانت ابن فلان ، وكيف تصبر على الضيم وتدب فيك عروق العنجهية المقيتة التي تشحنك الى حين ثم بعد ادائك لغرضهم تعود بلا شحن جثة هامدة لا حول لك ولا طول.
المشكلة ليست فيك ، بل هي مشكلة الجميع الذين اصبحوا ضمن الكورس الشامت فيك وفي غيرك ، وليس ذلك مبنيا على اصول او اسس محددة ، بل انها مبنية على كثبان رملية تتضخم عندما يريدون لك ان تتضخم وتنقلها الريح العاصف الصرصر الى جهة اخرى لست انت صانعها ولا عارفها فقط انت لم تعد انت ولم تعد منتفخا لانهم لم يعودوا يريدون لك ان تعطي الانطباع انك تملك قرارك.