مسرحية نهارات علول تدين التسلط بأسلوب رمزي ساخر
![مسرحية نهارات علول تدين التسلط بأسلوب رمزي ساخر مسرحية نهارات علول تدين التسلط بأسلوب رمزي ساخر](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/15a771ff07817c61b6e6c3e2eef33326.jpg)
المدينة نيوز- جسد العرض الاماراتي "نهارات علول" الذي قدم مساء الاحد على مسرح هاني صنوبر في المركز الثقافي الملكي ضمن مهرجان المسرح الاردني العشرين، احتجاجات وإدانة المؤلف مرعي الحليان للتسلط بمختلف أشكاله، وبأسلوب رمزي ساخر وواضح وبسيط، دون تكلف او تعقيد.
وإتكأ المؤلف على كوميديا "الفارص" الخفيفة السلسة دون فجاجة، في رؤية اخراجية حملت اسلوبا خاصا للمخرج حسن رجب في طرح ثيمته، تنقل بين تنويعات متوازية من مسرح التجريب والعبث والتراجوكوميديا واقترب من المذهب الطبيعي في بعض جوانبه التي صورت ما يفضح طبقة متنفذة من سقوط وانحدار قيمي.
وفي مشهده الاستهلالي يكشف مخرج العرض عن ادواته مبكرا بإنشاء فضاء مسرحي وصورة بصرية فرجوية مميزة، من خلال خمسة الواح شفافة متفاوتة الاطوال ومستطيلة تموضعت في منتصف الخشبة من الاصغر فالأكبر باتجاه عمق المسرح، فيما تظهر من خلالها ظلال لشخوص ترمي عبوات معدنية فارغة تتناثر على مختلف ارجاء الخشبة حولها ما تلبث ان تصطف تلك الالواح بتشكيل افقي مع الخشبة، بينما تكشف إضاءة خافتة عن خمسة شخوص يستلقون على يسار الخشبة باعتبارهم حرافيش/فقراء مهمشين، نائمين الى جوار قطع ديكور من خمسة صناديق بشكل مثلثات وفي مقدمتها عجلة توحي بكونها عربة وتخرج من قاعدتها العريضة الواح خشبية كأنها مساند او قضبان، في حين يجلس شخصان على يمين الخشبة في ظل بقعة شكلتها الاضاءة العلوية البيضاء المسلطة عليهما حيث يعلن احدهما "علول" بثوبه الاحمر، مبكرا، بدايات تمرده على واقعه المعيشي.
تدور حكاية العرض حول "علول" الذي ينتمي إلى فئة الحرافيش الذين ما أن يطلع الفجر حتى يباشروا عملهم بجمع العبوات الفارغة من الحاويات والشوارع لتأمين كففهم المعيشي، اما علول الذي يحاول إنقاذ حبيبته "علاية" من براثن حارس قصر تعمل فيه،يصاب برصاصة ذاك الحارس ولا تقتله، فتحيله الى حالات مزاجية سيكولوجية مختلفة، تدفعه تارة للضحك وتارة اخرى للتأمل أو الحب او الالم.
جاء نص العرض المسرحي المنطوق باللغة الفصحى، والذي جمع بين السكون والحركة للممثل، حاملا ملامح صموئيل بيكيت وهارولد بنتر، مفعما بالرمزية والثراء الفكري، ومحتفظا بخصائص البنية الدرامية التي ترسخ مفهوم القصة او الحدوتة كشرط اساسي للدراما، بأسلوب تهكمي دون الاخلال بالترابط الفكري الذي حملته مضامين واحالات العرض، وتنقله بين الحوار والمونولوج والغناء، باسقاطات غير بعيدة عن حال المجتمعات العربية في ما تعيشه في وقتها الحالي.
اما النص غير المنطوق من ثراء وتنوع عناصر السينوغرافيا المختلفة والمنسجمة، والتي لم يبتعد بعضها عن الاسلوب الغروتسكي، ولجهة دلالاته البصرية التي ساهمت في خلقها ايقاعات حركية وتكثيف للغة الجسد بالإضافة إلى استخدام تقنية خيال الظل التي اوجدت فضاءً آخر في العرض.
بينما عكس أداء الممثلين المستوى العالي من الإتقان وهو ما يحسب للمخرج، اكان ذلك لجهة التعبير اللغوي والتحكم بمخارج الحروف وطبقة الصوت او فيما يتعلق بلغة الجسد والاداء الحركي التعبيري، والتشكيل الحركي أو الميزانسين الذي روعيت فيه الزوايا البصرية في الحركة او الجلوس لاسيما لجهة الجمهور.
فيما عبرت الملابس في العرض الذي جاء بناؤه الدرامي متماسكا، عن شخصيات العرض وسياقاته المختلفة حيث يرتدي الحرافيش في احد المشاهد عباءات سوداء في اللحظة التي يظنون فيها ان علول مات، تعبيرا عن حالة الحداد، فيما كانت ملابسهم الاصلية تعبر بألوانها الصفراء الباهتة، عن حالة الفقر والشحوب لديهم.
(بترا)