باحثون يتحدثون عن اهمية الفلسفة في يومها العالمي

المدينة نيوز- يشكل يوم الفلسفة العالمي الذي اعلنته منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) حدثا سنويا يجري الاحتفال به ثالث يوم خميس من شهر تشرين الثاني من كل عام بهدف تعزيز ثقافة النقاش والجدل الفلسفي وفهم واحترام التنوع في الموروث الثقافي الانساني .
كما يهدف هذا اليوم العالمي الى تشجيع التبادل الأكاديمي وتسليط الضوء على مساهمات معرفية وفلسفية وفكرية ترنو الى تقديم معالجات وحلول للقضايا والمشكلات التي تواجه العالم على اكثر من صعيد.
اختارت اليونسكو اليوم العالمي للفلسفة منذ العام 2002 لتكريم التفكير الفلسفي في جميع أنحاء العالم عن طريق فتح مساحات متاحة وحرة , والهدف من ذلك تشجيع الناس في جميع أنحاء العالم على تبادل التراث الفلسفي مع بعضهم البعض وفتح عقولهم لأفكار جديدة، وتشجيع التحليلات والبحوث والدراسات الفلسفية لأهم القضايا المعاصرة من أجل الاستجابة على خير وجه للتحديات المطروحة اليوم على البشرية.
المفكر هشام غصيب رئيس الجمعية الفلسفية يقول لوكالة الانباء الاردنية (بترا) بهذه المناسبة انه من المفروض ان يكون في هذا اليوم العالمي ابراز للمشروعات الفلسفية العربية، مؤكدا انه لدى اية امة مشروعها الفلسفي ، والامة العربية اليوم احوج ما تكون إلى المشروعات الفلسفية الأصيلة تكون بوصلة لفعلها وتطورها وقد جرت بالفعل محاولات خلال القرنين الأخيرين لبلورة مشروعات فكرية متنوعة " لكنني لا استطيع ان اصفها بالفلسفية بالمعنى الغربي أي لا نستطيع ان نقول ان مشروعا كمشروع الجابري أو المفكر حسن حنفي او محمد اركون يضاهي مشروع هيجل او ديكارت او رسل الفلسفي ". واضاف غصيب ان الفلسفة في الوطن العربي تم تصفيتها في العصور الوسطى وما زالت غائبة باستثناء اقسام الفلسفة في الجامعات التي تجتر ما انتجته الحضارة الغربية والحضارة العربية الاسلامية القديمة، مؤكدا ان قضية الفلسفة هي قضية النهوض القومي وان تعثرها يدلل على بقاء الامة حبيسة لسائر اشكال التخلف والتبعية والتجزئة .
وبين ان مشروعات النهضة في المئتي العام الاخيرة كان لها الاثر الكبير في الحياة السياسية العربية وفي الحركات الوطنية والقومية والإسلامية ولكنها لم تستطع ان تجرى تغييرات صوب الوحدة والاستقلال والتحرر القومي لأسباب عديدة ،لكن هذا لا يعنى انها منيت بالهزيمة ولكنها لم تؤت أكلها لأسباب متنوعة لا تكمن فيها وحدها انما في واقع التاريخ العربي .
ويقول الباحث الفلسفي مجدي ممدوح ان عظمة الفلسفة أنها لا تستريح لإنتاج أو لحصيلة إنتاج بل عظمتها أنها دائماً تنقد ذاتها ثم تعود لتنقد هذا النقد ، مشيرا الى ان تاريخ الفلسفة هو تاريخ النقد ونقد النقد وان ابن رشد كان فيلسوفاً نقدياً وكان عقلانياً.
واضاف الباحث ممدوح ان الفلسفة استطاعت منذ نشأتها أن تواكب النشاط الفكري الإنساني وتوجّهه وتفتح له آفاقاً جديدة لم يكن يحلم بها وكانت ناطقة باسمه ومعبرة عنهُ باعتبارها فكرا وإن الفلسفة لا تحيا في فراغ بل لا بدّ لها أن تنطق باسم جماعة ما أو شعب أو شريحة اجتماعية أو طبقة, وربما يكون هذا المعلم هو الذي يجعل من الفلسفة نشاطاً حياً على الدوام ، نشاطاً متجدداً لان أي فلسفة لا يتم تبنيها من قبل جماعة ما تموت وتندثر.
واعتبر الباحث محمد رفيع "ان الفكر العربي والفلسفة لم يمارسا دورهما حين كان يجب ، مؤكدا ان الجديد الذي يمكن الحديث عنه بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة هو محاولات المفكرين العرب اغماض البصر عن هذا الواقع وما سبقه ، بما يقود في النهاية الى ان يلعب المفكر دور السياسي في محاولة بائسة تذكر بأزمان بؤس الفلسفة وتهافتها "..
وقال انه في كل مراحل التحول والتغيير الفكري والحضاري التي شهدتها وتشهدها الامة تنشط الدعوات دوما للعودة الى الاصول أو الى نقطة الصفر إن أريد للتغيير ان يكون حقيقيا وحين يبدأ المشتغلون بالفكر والسياسة وضع أفكارهم على الورق يكتشفون أن أجيالا اخرى سبقتهم على نحو ما بمراحل في العودة الى هذه الاصول وتنقيبها وتنفيضها.
ووفق الباحث رفيع فان هذه معضلة فلسفية تشكل في جوهرها حاجة ملحة ودائمة لاعادة قراءة التاريخ السياسي لبلادنا وتاريخ الفكر فيها في ضوء ما يستجد من معارف وعلوم وتحديات .
ورأى الدكتور جهاد المحيسن ان العقل العربي هرب إلى الفلسفة الغربية وتفرعاتها لأنه لم يستطع ان يستوعب الفلسفة الاسلامية لان الفلسفة الاسلامية يتداخل فيها الخاص بالمعرفي الاسلامي والعام اليوناني , مع الفلسفات الهندية والصينية , وهذا العقل الذي انتج للفلسفة بوصفها من مفردات عصره ، لكن في عصرنا الحالي عجز العقل العربي ان يتعامل مع تلك الفلسفة فقدم شروحات لها وعليها ولكن بمناهج غربية .
واكد محيسن بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة ضرورة ان يكون هناك الخطاب المعرفي للفلسفة الاسلامية اشد سطوعا في الثقافة العربية برمتها على الاخص انه لا يوجد مشروع فلسفي عربي واضح المعالم.
( بترا )