القدس: الاستعمار الإسرائيلي للأرض وللعقول!

تم نشره الخميس 21st تشرين الثّاني / نوفمبر 2013 02:04 صباحاً
القدس: الاستعمار الإسرائيلي للأرض وللعقول!
د. أسعد عبد الرحمن

تشن الحكومة اليمينية لرئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) اليوم هجمة مركزة على القدس الشرقية بهدف تغيير الواقع الديموغرافي لها على نحو حاسم. بالتوازي، تسرع الدولة الصهيونية في معاقبة المقدسيين المتمسكين في البقاء على أرضهم والرافضين للخروج من المدينة، ومن ضمن ذلك محاولة احتلال وعي وذاكرة الطلبة المقدسيين، ومحاولة شطب الذاكرة والتاريخ الفلسطيني، حيث بدأت سلطات الاحتلال فعليا بعملية تهويد وتحريف للمنهاج الفلسطيني بالقدس المحتلة، واستبداله بالمنهاج الإسرائيلي، الذي يحتوي مواد تعليمية في مقدمتها نشيد إسرائيل عوضا عن النشيد الوطني الفلسطيني، وأن القدس عاصمة إسرائيل، وليست مدينة فلسطينية عربية محتلة، وأن الفلسطينيين ضيوف مؤقتين في دولة إسرائيل. لكن الأخطر من كل هذا، هو إلزام الطلبة بدراسة الأساطير والخزعبلات التوراتية اليهودية، خاصة الأعياد والصلوات، والاحتفال بما يسمى «عيد الاستقلال» بدل النكبة الفلسطينية، واستبدال الهيكل المزعوم بالمسجد الأقصى المبارك.

في سياق هذه الحرب الثقافية، تعمد بلدية القدس المحتلة، إلى منع بناء المدارس الجديدة، أو التوسع في الأبنية المقامة حاليا، إلى جانب محاولاتها المستمرة السيطرة على المدارس الخاصة، مع العلم أن قطاع التعليم في القدس يفتقر لأدنى المقومات الأساسية، والبيئة التعليمية بالمدينة سيئة للغاية. من هنا، يأتي الخوف من قيام عدة مدارس في بلدية القدس باستبدال مناهج وزارة التربية الفلسطينية بمناهج إسرائيلية ابتداء من العام الدراسي الحالي 2013. وعن هذا، يقول رئيس مركز المناهج في وزارة التربية الفلسطينية (جهاد زكارنة) أن "سلطات الاحتلال، ومن خلال وزارة المعارف الإسرائيلية، تعتدي على المنهاج الفلسطيني بشتى الطرق عبر طمس وشطب بعض العبارات التي تخص الهوية الفلسطينية بقلم أسود"!! وأضاف أن هذا "الاعتداء تطور إلى طباعة الكتاب الذي تصدره وزارة التربية الفلسطينية مرة أخرى بعد إزالة الرسومات والخرائط والصور التي تشير من قريب أو بعيد إلى مدينة القدس وأرض فلسطين والنشيد الوطني الفلسطيني، والعبارات ذات البعد الوطني والحديث عن الشهداء والأسرى بما يشكل مخالفة قانونية واضحة بحق الوزارة صاحبة الكتاب"

في وجه المخططات والمحاولات الإسرائيلية، تواصل الفعاليات الشعبية والوطنية نضالها لإفشال مخطط الاحتلال الذي يدعو للانتماء وتعزيز الصلة والولاء إلى إسرائيل والاعتراف بها "كدولة يهودية". وإذا كان على المقدسيين خاصة، والفلسطينيين عامة، مقاومة مثل هذه التوجهات الخطيرة التي لا تخدم إلا مصالح الدولة الصهيونية وسياستها التهويدية، فإن على العرب والمسلمين أن يوفروا لمدارس القدس كافة جميع وسائل الدعم المادية والبنيوية بما يمكنهم من تخطي جميع العراقيل التي تضعها بلدية الاحتلال أمامها ويحول بينها وبين الاندفاع وراء مغريات سلطات الاحتلال المادية والتعليمية. وهنا نتساءل بشكل محدد عن دور وزارات التربية والتعليم في الدول العربية المطالبة بان تسهم في الحفاظ على الهوية العربية في القدس المحتلة من خلال تقديم الدعم المالي وتطوير المناهج الفلسطينية وتدريب المعلمين على زرع القيم الوطنية لدى الطلبة باعتبارهم خط الدفاع الأول عن هويتهم، والسد المنيع أمام تهويد المفاهيم والقيم الأخلاقية التي تقوم بها سلطات الاحتلال. كما ينطبق الأمر ذاته على منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) خاصة في نطاق العمل على إلزام إسرائيل بالإذعان لقرارات الأمم المتحدة الوقائية التي تطلب إلى إسرائيل الامتناع عن إجراء أية تغييرات ديموغرافية أو تاريخية أو حضارية أو روحية أو قانونية أو تعليمية.

نعلم أن الاحتلال يسعى، وبكل الوسائل، إلى تفريغ فلسطين من أهلها الفلسطينيين مثلما أنه يسعى إلى تفريغ الفلسطيني من مقوماته الوطنية والأخلاقية والإنسانية، ليصبغه بصبغة صهيونية، تنسجم مع رؤى الاحتلال، وتخضع لإملاءاته. من هنا فإن خطة وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية ما هي إلا جزء من معركة فرض السيادة على المدينة في سياق معركة الأسرلة الكاملة ليس للمنهاج الفلسطيني في مدينة القدس فحسب، بل لكل المدينة. كذلك، تشكل "الخطة" اختراقا صريحا للمجتمع الفلسطيني المقدسي، يتوجب معه رص الصفوف في زهرة المدائن لمواجهة محاولة الاحتلال "استيطان" عقول الأجيال المقدسية، فتشويه الهوية الفلسطينية وخلخلة الوعي للأجيال الناشئة يسهل السيطرة على المدينة: قلب فلسطين النابض.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات