أهالي فتيات الإسكندرية : كيف ينام الظالمون؟
المدينة نيوز - وسط حالة من الذهول والصدمة العارمة تلقى أهالي 21 فتاة من رافضي الانقلاب العسكري في محافظة الإسكندرية خبر الحكم على 14 فتاة بالسجن ١١ عاما، وإحالة سبع فتيات قاصرات دور رعاية الأحداث. ووصف الأهالي الأحكام بـ"المسيسة والجائرة". من جانبها أكدت سمية إحدى الفتيات المحكوم عليهن أن الحكم لن يكسر عزيمتهن.
وأصدرت محكمة جنح سيدي جابر أحكامها على الفتيات المنتميات لما يُعرف بحركة "٧ الصبح" المتهمات بالتجمهر والبلطجة وإتلاف الممتلكات العامة، بعد مشاركتهن في مظاهرات رافضة للانقلاب الشهر الماضي.
خلف القضبان
وقالت سمية بشر (إحدى الفتيات المعتقلات) "أنا طالبة بالفرقة الأولى بكلية الآداب، وسبق أن طالبنا أنا وغيري من الفتيات بحضور الامتحانات حتى لا يضيع علينا العام الدراسي، ولكن لم يتم الاستجابة لنا، خاصة بالنسبة للفتيات الطالبات في الكليات العلمية".
وأكدت أيضا أن "كل هذه الضغوط التي تمارسها سلطات الانقلاب بحبسنا والتجديد والحبس والحكم علينا لن يزيدنا إلا إصرارا وصمودا على كسر هذا الانقلاب الغاشم. خاصة أن كل الذي فعلناه هو التعبير عن رأينا بشكل حضاري راق دون الاعتداء على أي من الممتلكات أو الأشخاص".
صدمة وغضب
بعبارة "حسبنا الله ونعم الوكيل على كل ظالم" بدأت المهندسة فهيمة عادل (والدة المعتقلة علا علاء الطالبة بالسنة الأولى بكلية الهندسة) بسبب ما وصفته بالحكم "المُسيس" الذي أطلقته المحكمة.
وتساءلت "كيف تشعر أي أم وهي ترى أن فلذات كبدها وابنتها تبيت بعيدا عنها خلف القضبان؟ كيف ينام الظالمون ملء جفونهم بعدما فعلوا ذلك".
وأضافت الأم "هذه الأحكام الجائرة لن تثنينا عن المطالبة بحقوقنا في الإفراج عن بناتنا المعتقلات جميعهن. وأنا أوجه رسالة لقضاء مصر أن اتقوا الله في أحكامكم، اتقوا الله واحكموا بالعدل وكونوا على قدر المسؤولية التي أوكلها الله لكم لأنكم ستتعرضون للمحاكمة أمام الله يوم القيامة".
وبوجه مليء بالحزن والألم، تحدثت عائشة عبد الرحمن (قريبة إحدى المعتقلات) عن صدمتها وتعجبها من الحكم الذي صدر ضد الفتيات قائلة "كيف يتم حبس بنات في عمر الزهور ١١ سنة في الوقت الذي حُكم فيه على قتلة خالد سعيد مثلا بأحكام أقل من ذلك بكثير".
وتابعت عائشة وهي تغالب دموعها "أحاول أن أتخيل كيف تمر هذه الليلة على الفتيات في السجن بعد هذا الحكم الجائر، وبعد قضائهن شهرا كاملا داخل الحبس وتغيبهن عن المدرسة والجامعة". ثم دعت الله أن يخفف عنهن ويهوّن عليهن ليالي الحبس.
والتقطت هاجر إبراهيم (صديقة عدد من المعتقلات) الحديث، لتوضح لنا عن ظروف الاعتقال والتهم الموجهة للفتيات، بحكم زيارتها لهن عدة مرات في حبسهن، قائلة "كل التهم الموجهة للفتيات باطلة، مثلما أوضح المحامون في المرافعة، منها تكسير محلات، والانتماء لجماعة محظورة، والقيام بأعمال بلطجة". ثم استغربت "كيف تقوم هؤلاء الفتيات البريئات بهذه الأعمال؟ كلها تهم ملفقة".
تصعيد يقابله تحدٍ
قالت عبير طلعت (محامية إحدى الفتيات المعتقلات) إنه "من الواضح أن السلطات الانقلابية تصعد من إجرامها بشكل كبير، وواضح أنها تنتقم لخسارات سياسية على حساب ثأرها من بضع فتيات قُصر بتلفيق تهم لهن والحكم عليهن بأحكام جائرة، لا يمكن أصلا أن تخرج من محكمة جنح".
وأكدت المحامية أن هذه الأحكام لن تثنيهم عن فضح النظام والطعن على هذا الحكم الجائر، بل ومطالبة جهات حقوقية دولية ومنظمات عالمية بالإفراج عن مجموعة من الفتيات الصغيرات المعتقلات في ظروف غير آدمية مع صاحبات السوابق، وحرمانهن من أبسط حقوقهن في الدراسة، بعد تغيّب عدد من الطالبات عن الامتحانات وتهديد مستقبلهن التعليمي".
بدوره، أكد د. عمرو أبو خليل، استشاري الطب النفسي، أن "الحكم رسالة لإرهاب المشاركين في المظاهرات الرافضة للانقلاب، خاصة وأنها تستهدف الشباب والفتيات في مختلف المراحل التعليمية" بعد دورهم الواضح في الحراك الشعبي بالشارع والجامعات المصرية في التصدي لتمرير الانقلاب العسكري.
وأكد أبو خليل -للجزيرة نت- أنه بعد أن رأى التحدي والإصرار من الفتيات داخل قفص الاتهام فإنه يتوقع المزيد من التعاطف والتصعيد والعناد خاصة من زملائهم الشباب، والدعوة إلى ثورة ثانية ضد الظلم الذي طال الكثير من أبناء الوطن، محذرا في الوقت نفسه من محاولات توريطهم في أعمال عنف ورفع السلاح في مواجهة الانقلاب لتشويه حركتهم السلمية.