المخرج اياد الخزوز: نحن خارج الخريطة الفنية العربية

المدينة نيوز- جرأة في الطرح, تميز في الإخراج, ونجاح على المستوى العربي, بداية المشوار لم تكن مسلسل سلطانة بل سبقها الكثير من النجاحات مثل برنامج وقت الفرح الذي حقق نجاحا جماهيريا عربيا, وفي الدراما وضع يده على الجرح حين ناقش قضية البدون والسلفية وثقافة وفكر غالب هلسه واخيرا نجده يناقش اهمية الارض والخوف من الاخطار التي تتهددها من دول الجوار لينتقل بعدها الى عمان ليصورها من عين زياد قاسم وسميحة خريس مدافعا عن مبادىء قومية يريد ايصالها للمشاهد.
بدأنا اللقاء مع المخرج الاردني اياد الخزو عن اخر اعماله الدرامية للاسرار خيوط التي ناقشت جوانب سياسية في الخليج العربي واعتبر المسلسل اول مسلسل يناقش هذا الجانب وقال:
- في مسلسل للاسرار خيوط ناقشنا ارتباط الشعب الخليجي بالارض حيث نجد بان الخليجيين مرتبطون اكثر بالبحر والصحراء اكثر من ارتباطهم بالارض كما في الدول العربية الاخرى ذلك لانهم يعيشون في الصحراء حياة البداوة ويبتعدون فيها عن الارتباط السياسي والتاريخي بالارض, وقد اردنا ان نعكس هذه العلاقة في مسلسل للاسرار خيوط حيث ترتكز المشكلة الرئيسية في الخوف من الخطر الايراني, كما ان المسلسلات التي تناقش هذا الواقع السياسي قليلة جدا اكتفت ببعض المسلسلات والمسرحيات التي تحدثت عن واقع معين تعرض له الخليج مثل حرب الخليج. وعندما بث مسلسل للاسرار خيوط الذي يشير الى تحكم خارجي بمنطقة الخليج من دون ذكر اصوله بل كان معروفا من طريقة لباسه اتصل بي وكيل وزارة الاعلام في الكويت ونقل لي شكر وزير الاعلام وطلب مني تناول هذه القضية في الاتجاه ذاته بعمل اخر.
* هذا الطرح الجريء ليس غريبا عن اياد الخزوز فقد تناولت سابقا البدون في الكويت? كما تناولت الفكر السلفي في مسلسل دعاة على ابواب جهنم ما هو الهدف من هذا الطرح?
- في مسلسل رحلة شقا لم اطرح قضية البدون من اجل ان ادين حكومة معينة بل تم طرح الموضوع من ناحية انسانية, فنحن لم نتحدث عن المتجاوزين الذين القوا بجوازات سفرهم وارادوا البقاء بل عن الاطفال والنساء الذين لا ذنب لهم في هذا الجانب.
وهذه القضية ليست خليجية فقط, فهي موجودة في الاردن لكن في مسمى اخر وهو (بلا) وقد ناقشنا اهمية منح ابسط الحقوق الانسانية مثل المدرسة, ففي المواثيق العالمية التعليم والعلاج حق مكتسب في اي ارض يوجد الانسان عليها وعند تناولي هذا الجانب لم اتحدث عنه بشكل خاص, فانا انظر الى القضايا دائما بشكل عام واكبر بحيث اقدم المساعدة للناس.
اما في مسلسلدعاة على ابواب جهنم فقد تناولت الفكر السلفي الذي انتشر في فترة معينة ولم يكن لدي المانع في الاشارة الى سياسة الهيمنة الامريكية والاسرائيلية اذا تلقيت الدعم من المنتجين, وانا كمخرج يجب ان احمل قضية او هما لدى كل الناس.
* ولكن في مسلسل سلطانه تم انتقادك في انك جنبت الفكر الناصري من المسلسل?
- هذا غير صحيح لان شخصية الفنان وائل نجم الذي يلعب شخصية جريس (وهو بالاساس غالب هلسه) نجد من خلال المسلسل كيف اكتشف وتوصل الى ان ما هو مقتنع به ودافع عنه بل وجن من اجله لم يكن سوى خيال ومثالية ليست موجودة في الواقع, وتوصل في النهاية الى ان الفكر السياسي تنظير, وهنا اريد ان اوضح بان المسلسل مأخوذ عن مجمل اعمال غالب هلسه وهي بدو وزنوج فلاحين والقديسة ميلادة.
*وهل يحق للمخرج تغيير وجهة نظر المؤلف كما حدث في مسلسل سلطانة?
- في مسلسل سلطانه انا لم اقوم باي تغيير على فكر المؤلف انما عملت على روح المؤلف التي اعتبرها قريبة مني سياسيا واجتماعيا واستطعت ان اتجاوز الخطوط الصعبة لانني اذا اردت ان ابقي سلطانة كما هو لما بث على اي قناة ولا حتى المحطات الاوروبية, خلافا عن المشاكل الطائفية التي قد تحدث والتي لم يقصدها الكاتب, واعتقد اننا استطعنا ان نصل للروح السياسية فيها وان نرى عمان في الثلاثينيات لان بعض الجهات تروج الى ان الاردن دولة حديثة ولم يكن لها وجود,
ولكن مثلما كانت ولاية الشام كان هناك ولاية عجلون وولاية الكرك. وانا ضد فكرة ان الاردن تأسس عام 1919 لاننا عندما نتحدث عن الفترة التي سبقت الثورة العربية الكبرى نجد قبائل وعشائر وفلاحين وتجارا عاشوا في الاردن كما توجد منازل عمرها اكثر من 200 عام وهنا اتساءل لمن كانت تتبع? لذلك في سلطانة عملنا على ثلاثة خطوط الاول: الروح الاردنية اللطيفة واعتقد بان العديد من الاشخاص ضد سلطانة لانه لا يوجد في العنتريات و الجهوية الموجودة في البلد حاليا, انما اشار الى وجود اناس طبيعيين يعيشون مع بعضهم البعض مسلم ومسيحي, فلسطيني واردني شمالي وجنوبي في كيان واحد ودولة واحدة في حب ومودة وهذا الوضع الطبيعي الذي كنت اراه على ارض الواقع.
وفي هذا الصدد فان شركة ارى للانتاج في الاردن والامارات قامت بشراء عملين هما ابناء القلعة للروائي الراحل زياد قاسم وشجرة الفهود للروائية سميحة خريس.
واعتقد بان مسلسل ابناء القلعة سيثير ردود فعل كثيرة وذلك لانه يناقش فترة حرجة في تاريخ الاردن وهي الفترة الواقعة بين عام 1948 حتى عام ,1967 ويلفت المسلسل الى ان عمان هي رمز للوحدة العربية والقومية ليس كما يريدها البعض الان, فقد تشكلت في بدايتها بعد ان هجرها الناس لمدة 300 عام حيث جاء الشركس وسكنوها ثم جاء الفلسطينيون والشاميون وبدأت بعض العائلات الاردنية وعائلات فلسطينية قبل الـ 48 من التجار تأتي الى عمان وبعض العائلات المسيحية من السلط ومادبا والكرك والطفيلة, فيما كان البعض يسميها خربة عمان ويرفض العيش فيها لكنني اريد ان اؤكد من خلال هذه الاعمال ان عمان هي التي شكلت الاردن سياسيا.
اما شجرة الفهود فانها تصور الحياة في بداية القرن العشرين في منطقة حوران اي قبل الثورة العربية الكبرى ويتحدث عن التقسيمات السياسية ووجود الناس بعد ذلك, وكيف تشكلت الدولة الاردنية الحديثة وتجانس الناس مع بعضهم وعاشوا حياتهم فيها.
* يرى البعض ان العمل الاردني اصبح مطلوبا فنيا بعد انقطاع, ما رأيك بالعمل في الاردن والانتشار عربيا?
- بصراحة العمل في الاردن يعني بالنسبة لي خسارة مادية لان المسلسل الاردني غير مرغوب في المحطات ولا اعلم لماذا? لاننا لو نظرنا الى الخريطة الفنية العربية نجدها قد تم تقسيمها كالتالي : سينما مصر, مسلسلات سوريا, برامج ومنوعات لبنان, وهنا نجد انفسنا قد خرجنا من هذه المعادلة, وانا اعتبر باننا دخلنا الى هذه الخريطة من خلال مسلسل سلطانه,ومسلسل راس غليص, ولكن بالمجمل لا يوجد عمل اردني مطلوب ومسألة تأثير حرب الخليج على الدراما الاردنية غير صحيحة.
* ولكن وماذا عن خصوصية المسلسل البدوي الذي يشهد لنا به الجميع?
- لا اعتبر ان لدينا خصوصية في الدراما البدوية الاردنية, لان الخصوصية تعني بانه لا يوجد من يستطيع ان يقدم عملا مماثلا له, ولكن ببساطة من الممكن ان يأتي منتج من الشام او من صحراء سيناء ويحضر كاتب لهجة بدوية ونحن نعلم بان السوريين يتحدثون اللهجة البدوية وكذلك المصريون الذين قدموا هذا العام عملا بدويا من سيناء وكذلك الخليجيون الذين يتقنون اللهجة البدوية ولديهم حرفية عالية في هذا المجال وعلى الرغم من ذلك فان المسلسلات البدوية هي موضة سنة او سنتين.
كما ان المسلسلات البدوية لا تمثل الواقع البدوي ودخلت ضمن مسمى الانتاج الضخم فالعمل البدوي له تفاصيله ومنطقه في الامور.
* على صعيد اخر يشكو بعض الفنانين من اهمالهم وبان اوضاعهم المالية متردية ويشكون كذلك من قلة الاجور ما رأيك بذلك?
- في السابق كنت اعتقد ذلك لكنني وجدت بان كل فنان يتقاضى مقابل ما يقدمه وبصراحة الفنان الاردني لا يساعد على بيع العمل والسوق الفني يتحكم بذلك, فاذا اردنا عمل مسلسل تكلفته مليون دولار وكانت بطلته الممثلة حياة الفهد فان المسلسل سيباع بمليون ونصف وهنا فان الاجر الذي ستطلبة حياة الفهد سيعطى لها وكذلك الحال مع فنانين اخرين مثل سعد الفرج وسعاد العبدالله وداوود حسين فان المبالغ التي يطلبونها تعود بضعف ما هو مدفوع لهم.
* قام التلفزيون الاردني بعد غياب طويل بإنتاج مسلسل جديد بعنوان نصف القمر لكن الكثير يقولون بانه فشل ما رأيك?
- للاسف ومع احترامي للتلفزيون والعاملين فيه والقائمين على المسلسل, الا ان المسلسل لا يحمل فكرة معينة وانا مستاء جدا منه فاذا كان القائمون على انتاجه يعلمون برداءة الانتاج هناك تقع المشكلة, واذا كانوا لا يعلمون برداءتها فانها مشكلة اكبر لانه يجب ترك هذا العمل لمن يستطيع القيام به, والمشكلة الاخرى التي تسبب بها هذا العمل هي اذا كنا قد اعدنا ثقة الجمهور في العمل الدرامي الاردني فالرداءة تدمرها وتعيدها الى ما كانت عليه سابقا.
وهذا يعيدنا الى قضية اخرى وهي التلفزيون الاردني الذي يعتبر نفسه الوجه الاعلامي الوحيد وهذا خاطئ جدا فنحن لا نملك اعلاما وخطابا مباشرا بل نحن غير موجودين على الخريطة الاعلامية وبالرجوع الى الاحصائيات سنجد انفسنا غير موجودين سواء في الوسائل المرئية اوالمسموعة اوالمقروءة وبالتالي فان عدم وجود الاعلام يعني عدم تسويقنا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
* من المنتظر مشاركتك في مهرجان الافلام القصيرة في القاهرة بثلاثة افلام ما هي?
- انني اشارك في ثلاثة اعمال الاول بعنوان قبول الذات بطولة صفاء سلطان ووائل رمضان مدته 50 دقيقة وسلاح الصمت بطولة ناهد حلبي وسليم صبري ودقائق على الطريق ولكل فيلم قضية جدلية يتناولها.