اسرائيل تمنع فلسطينيي 48 من تملك العقارات قبل أداء الخدمة العسكرية
المدينة نيوز - اصطدم الشاب محمد حداد من مدينة الرملة في الداخل الفلسطيني بشرط الخدمة العسكرية والمدنية كي يتمكن من شراء منزل ضمن المشروع الإسكاني "مترو" الذي تسوقه شركة إسرائيلية لليهود فقط ومن خدم بالجيش، وبذلك يستثنى منه -بموجب شروط القبول "العنصرية"- الفلسطينيون القاطنون بالمدينة والبالغ تعدادهم نحو عشرين ألفا.
ويروي محمد للجزيرة نت ما حدث معه، إذ اتصل هاتفيا بإحدى الشركات العقارية عقب الرسالة التي وصلته على هاتفه الخلوي وتدعوه إلى شراء شقة في المشروع الإسكاني "مترو" الذي تسوقه الشركة، وبعدها بدأت الموظفة بالشركة استجوابه وسؤاله عن تفاصيله الشخصية وهويته، وعندما تأكدت أنه عربي قالت له إن اقتناء شقة بالمشروع منوط بشرط أداء الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي أو الخدمة المدنية.
وأثار محمد العديد من التساؤلات حول نهج التمييز وسياسة الإجحاف الممنهج الذي تمارسه المؤسسة الإسرائيلية ضد فلسطينيي 48، وتسير على نهجها شركات القطاع الخاص، وتساءل "كيف يمكن للشعب اليهودي الذي يقول إنه كان ضحية للاضطهاد والعنصرية، أن يتحول أفراده إلى عنصريين؟".
وعزا استفحال مظاهر العنصرية في الشارع الإسرائيلي والتي تأخذ أشكالا متعددة بمختلف مناحي الحياة، إلى الخطاب السياسي المهيمن وتنافس أحزاب اليمين على تشريع القوانين الموجهة ضد العرب.
ولفت محمد إلى أن تخصيص مشاريع الإسكان في المدن الفلسطينية الساحلية (الرملة واللد ويافا) لليهود ولمن خدم بالجيش، بمثابة وجه آخر للتمييز الذي يندرج ضمن سياسة التضييق والإقصاء المعتمدة ضد الفلسطينيين بقصد تفريغ هذه المدن من سكانها الأصليين ودفعهم للهجرة.
ويشكو محمد كغيره من سكان مدينته، من سياسة مصادرة الأراضي وهدم المنازل وحرمان السكان العرب من التوسع والتطور فوق أراضيهم وداخل الأحياء السكنية، بينما تقيم مؤسسات الدولة مشاريع الإسكان والعمران على الأرض العربية وتخصصها لليهود والقادمين الجدد.
تمييز وإجحاف
ولم يكن ما تعرض له محمد الذي تحول إلى ضحية أخرى من فصول العنصرية المستشرية بإسرائيل، بعيدا عن واقع التمييز والإجحاف الذي يعيشه فلسطينيو 48، إذ تقول أور سيونوف من "الائتلاف لمناهضة العنصرية بإسرائيل" إن الخريطة السياسية لأحزاب معسكر اليمين باتت تتنافس على تغذية وتنمية مظاهر العنصرية وإنكار الآخر، بينما تحول الكنيست إلى بيئة مناسبة لشرعنة القوانين العنصرية، ليسهم ذلك في ترسيخ ثقافة الكراهية وتذويب نهج وقيم العنصرية بعقلية المجتمع الإسرائيلي.
وأوضحت في حديثها للجزيرة نت أن حوادث وحالات العنصرية في إسرائيل تزداد، ووثق "طاقم الائتلاف" صورة قاتمة للعنصرية في المجتمع الإسرائيلي عام 2013 الذي سُجل خلاله 621 حادثا، مقارنة بـ521 في العام الماضي. وتستهدف هذه العنصرية العرب والمهاجرين الأفارقة وطالبي حق اللجوء.
وألقت سيونوف بالمسؤولية عن استشراء العنصرية ضد العرب في إسرائيل على القيادة السياسية الممثلة بمعسكر اليمين والتي تتنافس فيما بينها على خلق اتجاه تشريعي عنصري في الكنيست بناء على الفكر الصهيوني ومبررات الهاجس الأمني والحفاظ على الوطن القومي للشعب اليهودي، مما ينعكس على المجتمع الإسرائيلي الذي يرى في ذلك شرعية وضوءا أخضر للممارسات العنصرية.
عداء وكراهية
من جانبه، يرى النائب العربي في الكنيست عن حزب الجبهة الدكتور عفو أغبارية أن الإجحاف والتمييز وإقصاء الآخر يقع في صلب الفكر الصهيوني، ومنذ قيام إسرائيل باتت العنصرية تجاه الفلسطينيين عملا مؤسساتيا وتمت قوننتها بتشريعات مناهضة للديمقراطية "لخلق إجماع قومي حول الهواجس الأمنية وفرض قناعة بذهن اليهودي بأن المواطن العربي والفلسطيني عدو".
ويوضح في حديثه للجزيرة نت أن العنصرية مورست من قبل اليهود الأشكناز من أصول غربية ضد الشرقيين المهاجرين من الدول العربية الذين تم عزلهم في معسكرات وتعقيمهم بمواد كيميائية.
ووصف أغبارية -الذي يرأس اللوبي البرلماني لمناهضة العنصرية- ما يشهده الكنيست من تشريعات وقوانين غير دستورية وعنصرية بالتسونامي، لافتا إلى أن الائتلاف اليمني الحاكم يسهم في تغذية وتنمية العنصرية ومظاهر العداء والكراهية والتنكر للغير.
واستذكر مصادقة اللجنة الوزارية للتشريعات مؤخرا على قانون "حقوق الخادمين للدولة" الذي يمنح أفضلية الحصول على ميزات التعليم والإسكان والعمل في المؤسسات العامة، لمن يؤدي الخدمة العسكرية أو المدنية.
ونبه أغبارية إلى أن العنصرية وسياسة التمييز تتجذر داخل المؤسسات العامة والخاصة حتى أصبحت ثقافة عامة في المجتمع الإسرائيلي.