في الادارة والتميز الاداري
اختلف علماء وأساتذة الادارة على ماهية تصنيف الادارة كعلم أو فن, وكتب في ذلك الكثير الكثير , واختلفت فيه الاراء والاجتهادات ولكن أعجبني ما قاله الدكتور بشير الخضرا استاذ الادارة بهذا الخصوص " انه اذا أخذنا المفهوم المتشدد للعلم, فالادارة ليست علم , واذا اخذنا المفهوم غير المتشدد للعلم فان الادارة تعتبر علم ". أردت أن أسرد هذه المقدمة لاؤكد أن التوافق والانسجام بين الفن والعلم وحب الوطن والعمل البناء المخلص , هو ما يخلق الابداع والتميز الخلاق, فكم شهدنا في الاردن مؤسسات كبيرة عريقة تم ادارتها بحنكة وذكاء واقتدار ودهاء وتميز, رغم عدم الاختصاص من قبل شاغلي هذه المناصب وأضرب مثال على ذلك امانة العاصمه, عندما أدارها اثنين من اقطاب العلم والفكر والوطنية في هذا الوطن العزيز, وهما دولة الاستاذ عبدالرؤوف الروابدة- وشهاداته العلمية هي الصيدلة والحقوق- وكذلك معالي الدكتور ممدوح العبادي وهو طبيب عيون بارع في مجال اختصاصه .
ترى اين يكمن السر .....؟ السر يكمن في أن مهنة الادارة تركز على مؤهلات مفقودة أكثر مما تركز على المؤهلات الموجودة, وعندما يتقلد الشخص منصبا حكوميا فانه لا يكون مسؤول عن نفسه بل عن الاخرين فالادارة هي مهنة التحديات المستحيلة , واتجاهاتك هي التي تحدد ارتفاعاتك فالاتجاه الايجابي يعلو بك الى الافاق والاتجاه السلبي ياخذك الى الاعماق والحضيض, فاما أن يكون سلوكك كمدير مصيدة توقعك في شر اعمالك , أو ان يكون فضاءا حسنا يسمو بك الى ما وراء المستحيل, فالناس هم الاساس وأهم ما نملك وهذا ما يتطلب من المدير, أن يكون قائدا واعيا مربيا قدوة مؤثرا,لأن الموظفين الذين يخدموا في معيته هم مزيجا متكاملا من المشاعر الايجابية والمعرفة العلمية والاخلاق الشخصية .
وأنا أعتقد أيضا اننا اذا أردنا ان نخلق التميز الاداري لمؤسساتنا ووزاراتنا ودوائرنا الحكومية, فيجب علينا أن نحسن اختيار القيادات والمدراء المشهود لهم بالابداع وحب الوطن والوطنية ,والقادرين على خلق المنافسة وثقافة التغيير واحلال مفاهيم جديدة في العمل, فالمدرسة العسكرية التي اعتز انني كنت أحد منتسبيها علمتنا أن القائد هو الاساس في التفكير والتطوير والتغيير وفهم الاخرين والتأثير بهم, فليس كل مدير قائد ولكن يمكن للقائد أن يكون مديرا .
أضف الى ذلك أننا اذا نزعنا عنا ثوب الواسطة والمحسوبية, ولبسنا ثوب النزاهه والعدالة والشفافية, وجردنا أنفسنا من التحيز الأعمى والاعتبارات الجغرافية المقيتة, سنصل وبإذن الله الى ما نصبو اليه, فالأردن في هذه المرحلة الحرجة من تاريخه يحتاج الى رجال قامات في النزاهة والعدالة وحب الوطن من شماله وجنوبه وشرقه وغربه امثال شهيد الوطن والامه وصفي التل لا يفرقون بين اردني واخر , الا بمقدار انتماءه وولاءه وعطاءه لهذا الوطن والعرش الهاشمي, أدام الله هذا الوطن عزيزا قويا امنا بهمة أبناءه المخلصين الغيورين على مصلحته .