رثاء الشيخ فلاح العطين

رثاء الرمز الكبير الشيخ فلاح العطين

بقلم المهندس معتز العطين:
 19-12-2013بعد صلاة الظهرفي مسجد على بن ابي طالب في الخالدية ما تصورت نفسي يوماً تنعى شيخي و سيدي ووالدي ومعلمي ما تصورت نفسي تنعى من ملأها بحضوره الساطع حتى تمازجت به وتماهت فباتت بعضا منه وبات كنهها وصيرورتها والله لو كان الموت الحق يفتدى لافتديت جدي وشيخياعل اشيخ بروحي. ولو كانت السنون تعطى لوهبته سنوات الصبا والشباب وأحلى أيام العمر.

في ذلك اليومتغيرت الاوجه وتبدلت الحياة وانقلبت الامور وتوقفت الساعات وسقطت العُقل للحاق بصاحبها رحل الشيخ والرمز الحكيم والاب والمعلم فلاح بخيت العطين تاركا خلفه ارثا عظيما لا تحمله الجبال رحل السيد والشيخ العظيم رحل الاب والقائد الروحي لكل اهل القحاطي رحل سيد القوم وشيخها الجليل بكت العيون وتوقفت عقارب الساعة لتسجل رحيل رجل بعظمة فلاح العطين كيف لاوهو رجل المواقف الطيبة رجل الكلمة الحقة رحل الغالي عن هذه الحياة، آخذا معه ما رسمه على وجوهنا من بسمة طيلة العمر.. رحل بهدوئه المعهود، دون صخب أو جلبة.. رحل بوقار لا يحق ولا يجوز الا للشيوخ والعظماء امثاله تاركا خلفا إرثا معنويالا تقوى على حمله الجبال.. يوم ترجل الفارس مستريحا من رحلة العمر التي قضاها في خدمة وطنه و دينه و شعبه.. مترفعا عن وشوشات هذه الدنيا التي ما كانت تثمن عنده شيئا.. رحل بعيدا إلى الرفيق الأعلى، و هو من أصحاب اليمين بإذنه تعالى.. رحل من علمني معنى الحياة.. رحل من غرس في الإخلاص و الوفاء و الإنتماء.. رحل من كان رمزا للرجولة و الشهامة و الإباء.. رحل رمز الكرم و الكرامة و الكبرياء.. رحل أغلى الغوالي على قلبي.. لرثائه انبرت أقلام الكثيرين، فهو فقيد وطن.. رحل رجل الوطن.

يا الله يا رحيم، نقبل بقضائك وقدرك بنفوس راضية مطمئنة، لكننا محزونون , ففراق حبيبنا الأعز يدمي القلوب أية كلمات وأية عبارات تكفي للاحاطة بوجعنا وألمنا ومشاعرنا المبعثرة على امتداد عمر عشناه مع شيخنا وما عرفنا شيخا سواه، ولا معلما في قامته، ولا أبا بصلابته وحكمته وسعة صدره وعلو همته
يغيب شيخي اعل اشيخ عنا بجسده لكن روحه وذكراه ستبقى أبد الدهر حاضرة تلهمنا وتشد من أزرنا وتدفعنا الى الأمام أينما تلفتنا، نسمع صوتك المحبب للنفس وكلماتك النابضة بروح الحكمة والحب والنصيحة والارشاد والهداية بك يا سيدي شمخت نفوسنا، وعلت هممنا تغيب يا والدي عن العيون لكنك حاضر في اكثر زوايا الفؤاد دفئاً وخفقاً وحميمية، سيرة نبيلة تسري في عروق التاريخ والوطن، سيرة أحرفها انجازاتك وخلقك ومواقفك ومناقبك وسجاياك التي عرفها القاصي والداني

في صبيحة ذلك اليوم توقف ساعته التى كان يلبسها في نفس الدقيقة التى رحل فيها وسقط عقاله الذي ارتداه في اخر ايامه اثناء دفنهوتلاقت كل رجالات الاردن في يوم دفنه التقي الغني والفقير الكبير والصغير الفريق والغفير الشاب والشايب والصحيح والعليل لتوديع اغلى رجالات الوطن، رجل ترك خلفه بصمات لا يمكن لأي جاحد نكرانها ترك خلفه صفحات ناصعة بياض ترك خلفه مجدا لا يمكن نسيانهنبكيك وتدمع العين عليك ولو كان الدمع يعيد الامواتلبكيناك حتى نعيدك ذهبت ولن تعد ولكن مجدك وعزك وتاريخك حي بيننا ولن ننساك مهما طال الزمان فانت كنت معلما لنا وسيد ادعو الله ان يرحمك وان يجعلك في الفردوس الاعلى يا حبيب الروح ويا نبض الفؤاد .
واقول لك
ما أحب الناس عبداً إلا احبه الله
واشهد انك فزت بحب ابناء وطنككما لم يفزشيخا سواك
نم يا شيخي وسيدي قرير العين
عزاؤنا انك باق فينا وممتد في ابنائك البررة و محبيك و تلامذتك
عزاؤنا انك اسست لعطاء يستمر عملاً صالحاً مصداقاً لحديث رسولنا صلى الله عليه وسلم. فعمل ابن آدم ينقطع بموته إلا من ثلاث: الصدقة الجارية، والعلم الذي ينتفع به، والابن الصالح الذي يدعو له، وانت أيها الراحل الكبير أوفيت الثلاث نعاهدك يا شيخي وسيدي ان نكون دائماً كما اردتنا، أسرة متماسكة متحابة
نعطي من دون حدود، وننحاز للحق، نرفض الظلم، ونسعى في هذه الارض لما فيه خير الوطن والمواطنين، وتقدم الامة ورفعتها. لله ما اعطى ولله ما اخذ، وكل شيء عنده بأجل مسمى، واننا بقضاء الله راضون، ولما اصابنا محتسبون، ولا نقول إلا ما يرضي الله عز وجل «وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون». صدق الله العظيم