لماذا يكثر حديث العربي في السياسة ؟
لو أخذنا فكر المواطن الاردني حالة لتحليل فاننا نذكر أن الانتخابات أو تغير رئيس الحكومة في الماضي القريب كانت من أهم المناسبات التي تجعل الاردني يتذكر الحديث في السياسة وفي الوقت الراهن تحولت الحوارات في الشارع الاردني والصالونات السياسية من بيئة الاختصاص والخبره الى بيئة الاجتهاد والفتوى ,ولن ننكر أن الحديث في السياسة ليس ظاهرة صحية اذا كانت سببا في زيادة الوعي السياسي والفكري لدى المواطن ,ولكن أن يكون الامر مجرد فوضى فكرية دون مصلحة واضحه أو هدف سياسي يسعى له المتحاورون فالقضية مراهقة سياسية متأخرة كان بالطبيعة الحال "الربيع العربي" من أهم أسباب ظهورها.
ولن أنكر أنني من شباب هذا المجتمع الذي بدأت حالة نضوجه الفكري مع مراهقة مجتمعه المتأخرة,وأعلم أن المقولة الشهيرة.. الناس تشترك في ثلاث (الطب والدين والسياسة)تبرر جزءا من انتقادي هذا,فشفاء الروح والجسد ضرورة حتمية ليكون لدين والطب حضور كبير في فكر وحياة الناس ولكن ليس من الضرورة أن تكون السياسة كذلك أيضا ,والجدير بالذكر هنا أن شعب أرقى الديمقراطيات في العالم لا يتحدث في السياسة كثيرا وقد فسر المحللون ذلك الى أن تلك الشعوب تمتلك حالة ثقة باحزابها وتياراتها السياسية ليس كونها على حق بقدر ايمانها بخبرتها السياسية وتاريخها العريق ,وهنا قد يمكنني القول أن المواطن الاردني أو العربي يعبر في احدايثه الفوضوية عن حالة التناقض والخطايا السياسية التي ارتكبها سياسيو اوطاننا من يساريين أو اسلاميين او حتى محافظين ,فتناقض طريقة الوصول الى المسؤولية مثلا أواختلاف معاير الموالي والمعارض من دولة لاخرى ومن مجتمع لاخر جعلت المواطن يخرج عن صمته في حالة دراماتيكية جعلت فكره مشتت في تحديد المناسب, خاصة أن الربيع العربي أخرج شخصيات وتيارات بلا خبره وثورية الهوى ,قليلة النفوذ ونظيفة (مبدئيا) ,فقد ابتعدت عن شخوص التناقض والنفاق السياسي والتيارات المتداخله لتتلاقى مع شخوص وتيارات خبرتها اقل من طموح داعيميها .
ولان الربيع الاردني كان حالة منفردة ومختلفة تماما عن ربيع العرب , ولانه دعا لاصلاح النظام فقد كان فكر المواطن الاردني غير منحصر في هدف واحد, ولم يعاني ضيق الخيارات وانحصارها في خندق اللاعوده , بل كان يثير خيارات اصلاحية واسعة كان قائد الوطن جلالة الملك مترأسا لها ,فأصبح حوار المواطن وفكره يتسع يوما بعد يوم ليمر على تاريخ الاردن الحديث مراجعا لكل مراحله , فكانت الاجواء السياسية في الوطن متعطشة لنقاش وحوار العقول وهذا أمر ايجابي ولكن من السلبيات التي ظهرت هي هواية المعارضة وكثرة الكلام سياسيا بلا هدف واضح ولا جدوى , فأن تتحول حرية الراي الى فوضى خلاقة عبثية المغزى والهدف وقتها يعتبر الامر مراهقة سياسية على المجتمع الاردني أن يتخلص منها, ويكون وعيه وادراكه كافيين لاحتواء التغيرات في الدولة وفوضى المخاضات السياسية ,والجدير بالذكر ختاما ومن باب جلد الذات فان الوعي السياسي لشاب الاردني بالاخص يعتبر متواضع وقد لايرقى لبناء فكر نقي واضح المعالم, لذلك فهو يتعرض لسلبيات الواقع دون ادراكه لطريق السليم ,فالسلبي انه شاب متعلم غير مثقف بشكل كافي والايجابي أن السواد الاعظم فيه مسلم غير متطرف دينيا وهنا نؤكد على أهمية رعاية الدولة لهم وخلق بيئات متنوعة في الجامعات والمجتمع لانشاء ثقافة سياسية ناضجة ترقى بفكره نحو الوسطية والاعتدال واشباع فكره التائه في هرج السياسة الفوضوي .