موقف الحكومة من ضم الإحتلال للأغوار خجول، متأخر، و"غير مقنع"
أقرّت حكومة الاحتلال مشروع قانون يقضي بضم غور الأردن للكيان الإسرائيلي على غرار القدس الشرقية وهضبة الجولان المحتلتَين، فيما لفتت وسائل إعلام عبرية إلى أن التوقيت يأتي قبل أيام من وصول وزير الخارجية الأمركي جون كيري؛ في محاولة لبلورة "اتفاق إطار"؛ بهدف الاستمرار في المفاوضات الحالية.
قرار الاحتلال على خطورته لم يلاق ردة فعل رسمية أردنية مستنكرة سريعة وحاسمة، ومقنعة للرأي العام، بالرغم من أن الحديث عن جزء من الحدود الغربية للأردن!
نعم فقد إستنكر الناطق بإسم الحكومة الوزير محمد المومني في حديث صحفي قرار الضم وقال بأن "الأردن يؤكد موقفه الواضح، الذي لا لبس فيه، بأن كامل أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة هي أراض فلسطينية تحت الاحتلال، وأنها جزء من الدولة الفلسطينية وترابها الوطني".كما أبلغ رئيس الوزراء عبدالله النسور من جهته النواب أن الأردن يرفض تواجد قوات الاحتلال في الأغوار، مشيراً الى أن هذا الأمر يتناقض مع اتفاقية "وادي عربة".،لكن هذه التصريحات تأتي بعد نحو شهر على ما تناقلته وسائل الإعلام العبرية مراراً، ومفاده أن الأردن وافق على وجود قوات للاحتلال في الأغوار، بل أكثر من ذلك! فهو مستعد للضغط على أمريكا لقبول اشتراط الاحتلال بقاء قواته في هذه المنطقة للمضي قدماً في إبرام صفقة تسوية.
بالطبع، لم يعد خافياً أن الأردن يدعم بقوة جهود وزير خارجية أمريكا الذي يزور المنطقة للمرة العاشرة نهاية الأسبوع؛ لإبرام صفقة على صعيد القضية الفلسطينية، بل ربما يلعب الأردن دوراً رئيسياً في المفاوضات الماراثونية الجارية، ويحاول تذليل النقاط الشائكة، ومنها هذه التي تعتبر وفقاً لتصنيف الكيان الاسرائيلي من أصعب المشاكل.
من وجهة نظر رافضي منهج التسوية، فالإقرار للكيان الإسرائيلي بأي حقوق عربية تحت مبرر اختلال الموازين مرفوض، ولا سيما أنه يجيء هذه المرة ضمن محاولة لتصفية القضية في ظل لحظة التراجع العربي الراهنة. كما أن الإقرار بوجود المحتل في أي جزء من الأرض العربية، يشكل جريمة تاريخية لا تغفرها حسابات المصالح، خصوصاً أن الإقرار بمثل هذا الأمر سيغدو حقاً مكتسباً للكيان الإسرائيلي، بصرف النظر عن تقلب المصالح بمرور الزمن.
لكن، هل ثمة مصلحة للجانب الأردني في بقاء قوات الاحتلال في الأغوار؛ وهو الأمر الذي يعني حصر الفلسطينيين في المدن الكبرى، وتقطيع التواصل الجغرافي في الدولة الفلسطينية العتيدة، وفصل الأردن عن الأراضي الفلسطينية؟!
على الأغلب، وبرغم تلكؤ الحكومة في الرد على مزاعم الصحافة العبرية في هذا الشأن، فإن الأردن الرسمي يدرك أنه سيتضرر بإبقاء قوات للاحتلال على الحدود، فمن شأن ترتيبات من هذا القبيل الحد من فرص حياة ما سيطلق عليه دولة فلسطينية، ووضع الأسافين في نعشها؛ اذ ستكون مجرد جزر غير متواصلة، وبلا منافذ حرة مفتوحة على الخارج، وهذا سيفرز إشكالات سياسية واقتصادية وديموغرافية وأمنية ستنعكس بالضرورة على الأردن سلباً.
لكن ما يجري من لغط في هذا الخصوص، وما تنشره الصحافة العبرية التي طالما كانت سباقة في الكشف عن الملفات المخبوءة، ولأن إقرار مشروع قانون بتواجد قوات الاحتلال في الأغوار يأتي في ظل جولات مكوكية أمريكية "محمومة" في المنطقة، لاقتناص لحظة الإحباط العربي الحالية؛ بهدف إنجاز ما يصفه مراقبون بـ"أوسلو2"،لكل ذلك فإن الأمر يستدعي بالضرورة موقفاً رسمياً أردنياً حاسماً وشفافاً من هذه القضية، بحيث يتم إحاطة الرأي العام برفض الأردن القاطع لما يشاع، خصوصاً أن هناك من يغمز بأن الجانب الأردني لا مصلحة له أمنياً في حدود مفتوحة، أو يقف على جانبها الآخر قوات فلسطينية خفيفة التسليح اذا لم تكن منزوعة السلاح، وهو غير متحمس للقيام بدور أمني مباشر في الضفة الغربية.
أخيراً فإن اندفاع الأردن لإنجاح محاولات كيري لتحقيق صفقة جديدة،يبدو أنه ذهب – بنظر مراقبين - بعيداً ،وهو الأمر الذي يستدعي اليقضة الشعبية.