نظرية تطوير الثانوية العامة

تم نشره السبت 17 تشرين الأوّل / أكتوبر 2009 10:07 صباحاً
نظرية تطوير الثانوية العامة
فيصل تايه

 

إن تطوير النظام التعليمي في الأردن وما يتبعه من تداعيات ... لضرورة ملحة يتطلبها عصر العولمة والتجديد .. ونحن في هذا البلد الطيب بأهله .. المبارك بمقدراته .. قطعنا شوطا كبير في مجال التطوير والتحديث التربوي .. ولحقنا ركب الحضارة و التقدم في ذلك المجال .. وفق رؤى تجديدية ممنهجة واكبت روح العصر .. والذي قلما وجدناه في دول الجوار أو حتى في الدول الأخرى .. بل أصبحت التجربة الأردنية في تحديث منظومة التعليم مثالاَ يحتذى به في المنطقة.. ولكننا نجد أن ذلك يجلب القلق والتوتر إلى فئة ليست قليلة من التربويين البيروقراطيين .. وأصحاب النظريات التعليمية التي أكل الدهر عليها وشرب.. لأن ما يهمهم هو بقاء الأنظمة التربوية التقليدية القديمة كما هي .. كي يظلوا على ما هم .. فعندما تجادلهم في الأمر يتمسكون بآرائهم إذ ليس لديهم حجة إلا الخوف من التطوير في ظل عالم متنامي متسارع .. لذا يهمهم بقاء الوضع على ما هو عليه .. وكأن تغيير الحال من المحال وليس دوام الحال من المحال.

وعندما نُسأل : ما الهدف من العملية التعليمية برمتها .. بالنسبة لنا نحن أفراد المجتمع الأردني ؟.. ولماذا نعلم أبناءنا وبناتنا ؟ .. لعلنا وبكل بساطة نقولها وبصراحة .. وبملء أفواهنا .. إن الهدف المعلن الواضح لدى كل العائلات الأردنية هو أن نؤمّن لهم بيئة تعليمية كاملة نصل بهم ومن خلالها إلى اجتياز المرحلة الثانوية ... ثم تعليماً جامعيا لنفخر بأنهم اخذوا حقهم في التعلم وليواكبوا من سبقوهم في ركب البناء والتطور

وبمفهومنا التقليدي نحكم على تفوق أبناءنا من خلال شهادة الدراسة الثانوية العامة فقط وبكل فروعها دون استثناء .. والتي يخوض الطالب اختباراتها في أسبوعين بعد أن يكون قد أمضى أكثر من اثنتي عشرة سنة دراسية قبلها ؟

وكل تخوفنا أن امتحان الشهادة الثانوية العامة .. والتي جعلناه محطة مفصلية في حياة الطالب .. وتجاوزه وتحصيله أصبح شبحاً بل وكابوساً للطلاب والأسر على حد سواء .. فهو المقياس والمعيار لدخول أبناءنا .. إما للحياة الجامعية وحسب معدله .. أو إلى معترك الحياة الوظيفية والمهنية .. وبالرغم من معاناتنا من قلة فرص العمل وتفشي البطالة الهيكلية المقننة .. إلى أن وصلنا بهم إلى حالة من القلق خاصة بتفكيرهم الحصول على وظيفة تيسر لهم سبل الحياة الكريمة كالآخرين .. ويصبح لديهم مورد رزق منتظم ومضمون .

فمن هنا نرصد حالة جلبت لشبابنا نوعاً من الأرق حيث لا يستطيع الطالب تكملة مشواره التعليمي بعد الثانوية حسب رغبته ؟ فالنتيجة معروفة لأن المعدل الذي يحصل عليه الطالب للالتحاق بجامعة معينة هو الذي يحدد نوع التخصص .. فقد يكون هذا بعيداً عن ميوله وطموحه وآماله ؟

إن شقاءنا من أجل أبنائنا ومن أجل توفير فرص تعليمية جيدة لهم وحسب رغباتهم .. ليحصلوا على تعليم يقوي عزمهم في بلوغ حياة كريمة وشهادات دراسية توفر لهم الحصانة ضد الجهل والأمية .. ولكن وفي ظل النظام التربوي الحالي المتعلق بالثانوية العامة .. هل باستطاعتنا أن نضمن دخولهم الجامعات فعلياً ؟ ماذا لو لم تكن لدينا القدرة على تكاليف الدراسة بالخارج ؟ وهل ذلك ينطبق على الذكور والإناث على حد سواء ؟

قضية تقلق بالنا نحن أولياء الأمور فما الحل ؟

لماذا لا تُعدّل القوانين في جميع القطاعات التربوية من أجل أن تترك الحرية لمخرجات التعليم تسير بسلاسة تامة لتلبي طموحات فئة عريضة من المجتمع الطلابي الأردني ..كي تسنح لهم الفرصة للالتحاق بالتخصصات التي يرغبونها..

هل البكالوريوس والدبلوم بعيدي المنال عن البعض ؟ .. ولأي سبب من الأسباب .. هل انتهاج آلية امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة الحالية أرّقنا وتوّهنا فقتل طموح أبنائنا ؟ .. ولماذا بقاء هذه الآلية بعد أن مضى عليها ما مضى ؟ ومتى توضع السياسات التربوية الحديثة المتعلقة بذلك .. والتي تحمل في جريرتها ضرورة التطوير الفعلي للثانوية ..حيث يتم تطبيق آلية تربوية قادرة على مجاراة روح العصر وإنصاف طلبتنا في بلوغ ما يتمنون ؟

إن مخرجات التعليم - أيا كان مستوى هذا التعليم - لهي مسؤولية- من حيث مستوى هذه المخرجات وفرص العمل التي تلاقيها في السوق المحلي.. ومدى مساهمة هذه المخرجات في عملية التنمية وتحقيق أردن نامي ومتطور وبجهود أبنائه يواكب روح العصرنة والتقدم.

لنتريث قليلاً .. فلربنا نظلم بطرحنا العفوي نظامنا التربوي العريق بكوادره وطاقاته فإذا كان الهدف هو فعلاً إعداد أجيال من االأردنين القادرين على التفكير الحرّ الخلاق.. والتفاعل الإيجابي مع روح ومعطيات العصر.. وتقبّل الآخر والاستفادة منه.. والقدرة على العمل الجماعي، وتبني التفكير النقدي التحليلي المبدع، دونما تفريط في الأصول والثوابت والقيم.. وصولاً إلى تحقيق الهدف الاستراتيجي وهو إرساء قواعد مجتمع المعرفة .. فمن المفترض أولاً قتل الخوف عند أبائنا وبناتنا خاصة ذلك الخوف الذي يعتريهم عندما وصولهم إلى الثانوية العامة .

إن فرصة الحصول على جيل مثقف وواع وخلاق .. تكون عن طريق منحه حرية الاختيار في التعليم .. وتوافر فرصة التصحيح والتعديل ..وفي حال إخفاقه في ذلك نضع البدائل الموضوعية المناسبة .. بدلاً من الحكم عليه بالإعدام بسبب حتمية اجتيازه بنجاح هذه الشهادة بنظامها الحالي فليس من الخطأ وضع البديل الذي يحقق طموحه بالمستقبل

إن خطة الوزارة الحالية والتي تبناها معالي الدكتور وليد المعاني .. لهي قادرة على إيجاد الحلول الناجعة لهذه المأساة التي تتكرر كل عام فعقلية التطوير والتحديث والإبداع لهي عقلية تجلى بها وزيرنا .. والذي كان لتفكيره النير وعقليته الفذة المتفتحة وخاصة في التعاطي مع هذا الموضوع بجدية وإصرار الأثر الكبير في البحث الجدي لتغيير سياسات النظام التعليمي في مرحلة التعليم الثانوي بأكمله .

ولعل الخطوة التطويرية الذكية التي اقترحها معاليه لتطور الثانوية العامة والتي لطالما انتظرناها لهي خطة مدروسة نابعة من عمق التجربة والقدرة على التقييم الجدي والتقليم الإثماري الضروري الذي يحفز على إطلاق براعم تنضج ثمر تطويرياً يلبي كل الطموحات .. فجاءت فكرة الموقع الالكتروني الخاص باستقطاب آراء الجمهور وخاصة شريحة عريضة من أبناء المجتمع الأردني سواء المجتمع الطلابي أو الأكاديمي فكانت خير برهان على جدية الوزارة للبحث عن بدائل مطورة جريئة للوصول بطلبتنا الأعزاء لبلوغ أهدافهم وطموحاتهم .

مع تمنياتي لجميع طلبتنا الأعزاء بالموقفية والنجاح في الدنيا والآخرة

Fsltyh@yahoo.com



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات