الفائزة بجائزة نوبل للاداب 2009 .... هيرتا ...إيش؟

تم نشره الثلاثاء 20 تشرين الأوّل / أكتوبر 2009 03:25 صباحاً
الفائزة بجائزة نوبل للاداب 2009 .... هيرتا ...إيش؟
العرب اليوم

المدينة نيوز- العنت والقهر وحدهما لا يصنعان رواية

تكريم موللر جزء من مراسم الاحتفال بالذكرى العشرين لانتهاء الحقبة الشيوعية في أوروبا

الاعتبارات السياسية تتقدم على الاعتبار الأدبي في منح نوبل لهيرتا موللر.

20/10/2009

ترجمة وتقديم: أمل الشرقي

-  هيرتا...إيش؟  سؤال لم يطرحه مواطن عربي يمكن أن نسارع إلى اتهامه بالجهل والتخلف عن مواكبة ركب الحضارة. إنما هو العنوان الذي اختارته صحيفة  التايمس  اللندنية الرصينة لمقالها الذي تناولت فيه منح جائزة نوبل للاداب لعام 2009 للكاتبة الرومانية هيرتا موللر.

يظهر من عنوان المقال أن كتاب  التايمس, مثلهم مثل قرائها وقراء الانجليزية في كل مكان, لم يسمعوا بهذه الكاتبة التي قفزت على حين غرة إلى قمة التقييم الأدبي.  فمن بين أعمال الكاتبة التي تزيد على العشرين لم تترجم إلى الانجليزية سوى أربع روايات لم تلتفت إليها الانظار قبل حصول كاتبتها على نوبل الأدبية. ولا حاجة بنا للاشارة إلى أن أياً من اعمال موللر لم يترجم إلى العربية وإن كانت بعض مؤسسات النشر العربية قد أعلنت, بعد فوز موللر بالجائزة, رغبتها في ترجمة أحد تلك الاعمال.

في الثلاثاء الثقافي للاسبوع الماضي تساءل الزميل الدكتور ابراهيم علوش عما إذا كانت جائزة نوبل إبداعية أم سياسية. والواقع أنها, في حالة موللر على الأقل, سياسية بامتياز. فاختيار هذه الكاتبة المنتقدة لنظام تشاوتشيسكو, والهاربة من بلدها رومانيا إلى ألمانيا الغربية, والمتمسكة بالكتابة باللغة الألمانية بدلاً عن لغة موطنها ليس سوى جزء من مراسم الاحتفال بالذكرى العشرين لما يعتبره الغرب انتصاره الأكبر وهو سقوط جدار برلين وانتهاء الحقبة الشيوعية في أوروبا.

في برلين, أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن سعادتها بفوز موللر. لكن الاوساط الادبية الألمانية كانت أكثر تحفظاً. ففي صحيفة  سوددويتشه زايتونغ, وهي الصحيفة الأولى في البلاد, كتب الناقد توماس ستاينفيلد معلقاً على فوز موللر  سيكون على قراء الأدب ومتعاطيه أن يتخلوا عن فكرة ظلوا يؤمنون بها ويرتاحون إليها وهي أن جائزة نوبل تقدير لا يناله إلا أفضل الكتاب عن أفضل الأعمال الأدبية.

أما أولريخ بارون, الناقد الأدبي في مجلة  دير شبيغل فقد كان أكثر رفقاً بموللر حين أقر لها بالشاعرية وهو يثبت غلبة الجانب السياسي في كتاباتها  إنها صوت سياسي يغني بشاعرية.

في صحيفة  نيويورك تايمس الامريكية كتب الناقد دوايت غارنر  إن اختيار موللر التي تتناول أعمالها المتسمة بالسوداوية والعنف يوميات الحياة القاسية في رومانيا الدكتاتورية وفي المنفى يمكن ان يغذي الشكوك القائلة بأن لجنة نوبل قد وضعت, مرة أخرى, الاعتبارات السياسية فوق الاعتبار الأدبي.

في إعلانها منح جائزة نوبل للاداب لهذا العام للاديبة الرومانية-الالمانية هيرتا موللر قالت الاكاديمية السويدية ان أعمال موللر تدوين لتفاصيل الحياة تحت الدكتاتورية في وطنها رومانيا. وقد أثارت هذه العبارة جدلاً بين النقاد حول القيمة الادبية لكتابات  التدوين.

تقول هيرتا موللر الكتب التي تتناول الازمنة الصعبة تقرأ , في الغالب, كشهادات. وأعمالي هي كتب عن أزمنة صعبة, عن الحياة التي تشوهها الدكتاتورية. لذا فإن كتبي في نظر الكثيرين تعتبر شهادة.

من هذا الاقرار ينطلق بيتر فيلكن الناقد في صحيفة  نيويورك تايمس في طعنه بالقيمة الأدبية لأعمال موللر إذ يقول أن  قراءة رواية مثل رواية  الاستدعاء  لموللر هي امتحان لقدرة القارئ على الاحتمال أكثر من كونها متعة. ويستطرد فيلكن  قد يجادل البعض بأن ذلك بالضبط هو ما قصدت إليه الكاتبة وهي تسعى إلى تجسيد كل ذلك العنت واليأس اللذين عرفتهما. لكن العنت والقهر وحدهما لا يصنعان رواية.

ولدت هيرتا موللر عام 1953 في قرية رومانية تسكنها أقلية ألمانية. صادرت السلطات الشيوعية أملاك جدها وأرسلت أمها إلى معسكر للاعتقال في أوكرانيا. تعرفت موللر مبكراً على حياة المحرومين وعاشت غربة مزدوجة: غربة الانتماء الى الاقلية الالمانية تحت نظام يحرم الاشارة إلى الاقليات وغربة النبذ من سلطة لا تقرها ولا تتكيف معها. صرفت من عملها كمترجمة عندما رفضت التعاون مع البوليس السري, وانتمت إلى جماعة من الكتاب الرومانيين من أصل ألماني تطالب بحرية التعبير. في هذه الاثناء كانت رواياتها وقصصها القصيرة التي تكتبها بالالمانية قد أخذت بالصدور منذ عام 1982 بعد الخضوع لعمليات جراحية قاسية تسمح بالحصول على موافقة الرقيب. تعرضت للمضايقة بعد تهريب النسخة غير المشذبة من روايتها  نادريس  إلى الغرب وإدلائها بتصريحات معادية للدكتاتورية الرومانية. هاجرت إلى ألمانيا الغربية عام 1987 قبل عامين من سقوط تشاوتشيسكو وما زالت لحد اليوم تعيش في برلين.

تردد أعمال موللر أصداء المراحل المختلفة التي مرت بها حياتها: طفولتها المنغصة في مجتمع القرية المنغلق عل أقليته نادريس, 1984 , والأب المتعاون مع النازية  أرض الخوخ الأخضر 1993 , والاضطهاد والقمع تحت حكم تشاوتشيسكو أرض الخوخ الأخضر, ثم الهجرة إلى الغرب السفر بساق واحدة .1998 

في أعمالها الأولى نادريس و التانغو  ثقيل الوطأة 1984 صورت هيرتا موللر النفاق الذي يطبع العلاقات في القرية التي ولدت فيها والانغلاق الذي يعرض للاضطهاد كل من يخرج على النمطية السائدة. كما كشفت عن الذهنية الفاشية التي تسيطر على الاقلية الالمانية التي تسكن القرية الأمر الذي عرضها للانتقاد بين أبناء أقليتها الذين رأوا أنها تشوه الصورة المثالية لحياة الاقلية الالمانية الريفية في رومانيا.

أما روايتها  أرض الخوخ الأخضر فتتحدث عن الأثر المدمر للدكتاتورية على العلاقات الانسانية بين الافراد. في الرواية تقتبس الكاتبة الحبكة من حادثة حقيقية وقعت لمجموعة من الكتاب  والشعراء الذين وشى بهم لدى السلطات أشخاص كانوا يعتبرونهم أصدقاء لهم.

في رواية الاستدعاء, تروي كيف تحولت حياة البطلة إلى انتظار متواصل لطلبات الاستدعاء للتحقيق الذي يجريه معها البوليس السري السيكوريتات. ولأن الاستدعاء لم يكن يتبع جدولاً محدداً إنما يتم حسب أهواء المحققين, فإن حياة البطلة استحالت إلى حالة دائمة من الخشية والتوجس حيث يستيقظ معها كل صباح  الخوف من أن المساء لن يحل عليها وهي على قيد الحياة.

وأخيراً, تتناول روايتها  السفر بساق واحدة محنة المهاجر الذي يترك بلاده لعدم قدرته على التعايش مع واقع الاضطهاد فيها فيجد نفسه غير قادر على العيش في مجتمع لا يتماهى معه.

يمكن القول ان هيرتا موللر عاشت الاغتراب مزدوجاً في المنفى الذي انتقلت إليه في ألمانيا كما في بلدها الاصلي رومانيا الذي لم تتكلم لغته ولم تنتم إليه بل لم يصدر لها فيه عمل باللغة الرومانية حتى عام .2005

في إعلانه اختيار هيرتا موللر لجائزة نوبل أكد بيتر أغلوند, أمين عام الاكاديمية السويدية أهمية  حكاية موللر الشخصية وقال  إن لديها , حقاً, حكايتها الشخصية عن العيش والترعرع في ظل نظام دكتاتوري. كما أن لديها, أيضاً, حكاية شخصية عن العيش غريبة داخل أسرتها. لكن هذه الاشارة لم تقنع النقاد الذين تساءلوا وما زالوا يتساءلون: هل تمنح جائزة نوبل لكاتب ما تقديراً لعمله الأدبي أم لسجله الشخصي؟ خصوصاً أن حكاية موللر الشخصية لا تتفوق في الغنى والتفاصيل على حكاياتها الادبية.0



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات