اكاديمي : هناك نقاد عرب تستحق دراساتهم واجتهاداتهم الالتفات والتدارس
المدينة نيوز- قال الدكتور شفيق النوباني استاذ النقد الحديث ان الناظر إلى المشهد النقدي العربي في هذه المرحلة يجد حركة نقدية لا يمكن إنكارها، كما يجد نقادا مجتهدين تستحق دراساتهم واجتهاداتهم الالتفات والتدارس .
وعن حال النقد العربي اشار لوكالة الانباء الاردنية ( بترا ) الى ان سؤال النقد لا يبتعد عن السؤال الفكري الحضاري الذي ما زلنا نطرحه منذ أكثر من قرن، وهو السؤال المتعلق بعلاقتنا مع التراث من منطلق المعاصرة ، أو بعلاقتنا مع المعاصرة من منطلق التراث، على اختلاف ما تفرضه كلا الحالتين.
وقال ان العديد من النقاد اتجهوا إلى التراث النقدي ليجسروا بينه وبين النقد الغربي الحديث ، إذ تناسى بعضهم السياق الحضاري الذي جاءت فيه كلتا الحالتين ، كما تناسوا الدور النهضوي الذي يمكن أن يقوم به النقد ، فحصروا دراساتهم في إطار مقارنات جافة لا تؤدي دورها الحقيقي في سياق السؤال النقدي الذي تفرضه الحالة الحضارية.
واضاف " لا شك عندي في وجوب انطلاق النقد من السؤال الذي تفرضه الحالة الحضارية، غير أن هذه الحالة ينبغي أن تتحدد بحاجاتنا الحضارية أولا، ليؤدي النقد بذلك دورا تنويريا يتخذ من الأدب مادة تعضد هذا الدور وترسخه" .
وحول أوجه الالتقاء بين النقد العربي والغربي قال الدكتور النوباني ان النقدين يمثلان نشاطا إنسانيا يتعامل مع نشاط إنساني آخر يتمثل في الأدب، ويستند الى مرجعيات فلسفية وفكرية، وإذا كان جوهر النقد المتمثل في التعامل مع الأدب هو نفسه عند العرب والغرب ، فإن المرجعية مختلفة في طبيعتها، ففي حين تبدو مرجعيات الغرب متعددة ومنسجمة، تبدو مرجعياتنا مضطربة ومرتبكة، حتى ان الكثيرين من النقاد اتخذوا من الدرس الأسلوبي مدخلا وحيدا للنقد لما في هذا الدرس من تجاوز للمرجعيات خاصة إذا حصر الدارس نفسه في مجال التطبيق الجاف لقواعد الأسلوبية.
ويشير الى ظهور دعوات عديدة بتبني نظرية نقدية خاصة بنا، وعلى ما في هذه الدعوة من إيجابية تستحق كل تقدير، إلا أنها تنطلق من إحساس بالمركزية الحضارية، إنها دعوة تحمل في طياتها معنى الحميّة العربية دون أن تركن إلى وعي ينفذ إلى متطلبات المرحلة والحالة الحضارية، وينبغي أن ينطلق النقد من احتياجاتنا الحضارية والواقعية.
وبشأن افادة النقد للتجارب التي يكتب عنها سواء سردا او شعرا يوضح النوباني :"كثيرة هي المقالات والدراسات التي تكتب في سياق المجاملات بين الكتاب، ولا شك في أن مثل هذه المقالات لن تقوم بأي دور تقويمي للعمل الأدبي، غير أن الكتابة النقدية الجادة التي تسبر العمل الأدبي بأدواته ورؤيته وسياقاته الثقافية والاجتماعية والحضارية ستقوم بفعل إيجابي تجاه التجربة الأدبية ".
ويتابع انه لا يقصد بذلك أن تتحول الكتابة النقدية إلى فعل سلبي يتقصى عثرات النصوص الأدبية، فالإشارة إلى مثل ذلك تأتي في سياق تناول كلي للعمل أو الأعمال الأدبية , مبينا أن النقد الأدبي لا يوجه في الأصل إلى الأديب، إنما إلى القراء بعامة إذ يستعينون أحيانا كثيرة بالنقد الأدبي من أجل محاولة فهم أعمق للأدب.
يشار الى انه صدر للنوباني هذا العام كتاب (عمان في الرواية العربية في الأردن) وهو الثالث له بعد كتابين أحدهما - الاتجاه الواقعي في النقد الأدبي - تناول من خلاله الناقد عبد الرحمن ياغي بوصفه نموذجا، والآخر عبارة عن مجموعة قصصية.