ثقافات سياسية
(1) ألرئيس والشاي
وقف رئيس إحدى "الدول القمعية" يخطب بحماس ٍ منقطع النظير في الشعب المتجمهر (بناء على أوامر من الحزب) قائلا ً فيما قاله:
"أيها الرفاق ... وبعد خمس سنوات من الآن سيكون إنتاجنا من الشاي بكميات وفيرة تهيء لنا الأكتفاء الذاتي التام و ..."
إلا أن الجمهور (المقهور) قاطعه مصفقا ً ومهللا ً:
"يعيش الرفيق المناضل ... يا يعيش ... يا يعيش ... يا يعيش" !!!
وهنا إحتج "كثير الغلبة" (أحد أفراد الشعب المقهور):
" يا حضرة الرفيق ... هذا جيد ومُطمئن ... ولكن ... ماذا عسانا فاعلين بالشاي ... نحن نتوق للحرية والديمقراطية ... وليس آخراً ... إحترام حقوق الإنسان".
ولكن الرئيس لم يعره إهتماماً وإستطرد في خطابه المدوّي:
"وبعد عشر سنوات سيكون لدينا من الشاي ما يكفي لتصديره إلى كل اُوروبا ... الشرقية والغربية على حد سواء و ..."
وعاد الجمهور (المقهور) يقاطعه مصفقاً ومهللا ً:
"يعيش الرفيق المناضل ... يا يعيش ... يا يعيش ... يا يعيش"!!!
وعاد "كثير الغلبة" ليحتج بصوت أعلى من سابقه:
"يا حضرة الرفيق ... هذا جيد جدا ً ومُطمئن للغاية ... ولكن ... وكما قلت لك قبل قليل ... ماذا عسانا فاعلين بالشاي ... نحن نتوق للحرية والديمقراطية ... وليس آخراً...إحترام حقوق الإنسان".
ولكن الرئيس عاد وغض النظر عن وقاحة "كثير الغلبة" وتابع بحماس:
"وبعد خمسة عشر سنة سيكون بإستطاعتنا تصدير الشاي إلى كل أنحاء ألعالم ... من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه و ..."
ولكن "كثير الغلبة" إستبق هذه ألمرة الجمهور (ألمقهور) قبل أن يُصفق ويُهلل محتجا ً:
"يا حضرة الرفيق ... هذا ممتاز جداً جداً ... ولكن ... "
وهنا فقد الرئيس السيطرة على أعصابه وصاح فيه:
"فلتذهب إلى الجحيم"!!!
فرد عليه "كثير الغلبة":
"وهل هناك جحيم سواه ... يا حضرة الرفيق" ؟؟؟
(2) ألرئيس والخنزير
كان رئيس إحدى "الدول القمعية" في إحدى مهماته التفقدية في البلاد ومر في إحدى ألقرى حيث قفزت أمام سيارته دجاجة كان قد حان قدرها، فأمر سائقه بالتوقف ليذهب بنفسه إلى الفلاحين ليعتذر منهم كما يليق برئيس دولة وعاد وأثار اللكمات والكدمات ظاهرة على وجهه. لاحظ السائق ما حل بالرئيس ولكنه لم ينبس ببنت شفة.
وعند مروره بقرية اُخرى كان القدر المحتوم بالمرصاد لشاة قفزت أمام سيّارته فلاقت ما لاقته الدجاجة من مصير. فعاد الرئيس وأمر سائقه بالتوقف ليعتذر من الفلاحين تفادياً لمصير أوخم من سابقه وعاد مفشوخ الدماغ ومفكوش الذراع. لاحظ السائق ما حل بالرئيس ثانياً وإنحبس السؤال في حلقه من حيث أن الرئيس أمره بمتابعة الرحلة.
وفي القرية الثالثة شاء القدر أن يلحق خنزير بمصير الدجاجة والشاة، وهنا قال السائق والشفقة تعتريه:
"يا حضرة الرفيق ... لقد لحق بك من الأذى ما يكفيك ... دعني هذه المرة أنوب عنك بالأعتذار إلى الفلاحين:!!!
وإنطلق قبل أخذ موافقة الرئيس. ولما عاد، كاد يُغمى على الرئيس لعجب ما رآه. فقد كان سائقه مُحمّلا ً بالورود وشتى أنواع الفاكهة والخضار ويجر خلفه خنزيرا ً حيا ً يُرزق، فسأله الرئيس مستغربا ً:
"كيف فعلت هذا ... ماذا قلت لهم حتى أكرموك بهذا القدر وأغدقوا عليك بكل هذه الأشياء" ؟؟؟
"لا شيء يا حضرة الرفيق ... لا شيء ... لقد قلت لهم فقط، بأنني سائق الرئيس وأنني دهسته للخنزير" !!!
(3) ألرئيس والشبّان الثلاثة
كان رئيس إحدى "الدول القمعية" في طريقه إلى مقر عمله في الحزب حين إنزلقت به سيارته لخلل ما فيها وسقطت في النهر الجارف. قفز إثر ذلك ثلاثة من الشبّان ألذين كانوا صدفة بالقرب من مكان الحادث وأنقذوه مع سائقه من الغرق الأكيد. وعرفانا ً بالجميل طلب الرئيس من كل ٍ منهم أن يتمنى شيئا ً صعب المنال وأنه سيعمل على تحقيقه مهما كلف ألأمر.
قال الأول: "اُريد سيّارة) رولزرويس) بكامل الإضافات"!!!
أجابه الرئيس: "سآمر بطلبها حالا ً من المملكة المتحدة".
قال الثاني: "اُريد فيلا بكامل العفش مع مسبح (سويمينج بول) خاص بي" !!!
أجابه الرئيس: "سنبدأ غدا ً بتشييد هذه الفيلا".
قال الثالث: "أما أنا فاُريد أفخم وأضخم جنازة في العالم"!!!
فسأله الرئيس مستغربا ً: "وكم عمرك يا بُنيّ" ؟؟؟
أجابه الشاب: "سبعة عشر عاما ً".
فرد عليه الرئيس: "وتفكر من الآن بالموت" !؟
أجابه الشاب: "كلا يا حضرة الرفيق ... أنا لا اُفكر بالموت ... ولكن ... عندما يعلم والدي بأنني أنقذتك من الموت المحتوم فسوف يقتلني ... لا محالة" !!!
(4) ألرئيس وأعضاء الحكومة
شارك رئيس إحدى "الدول القمعية" في تشييع أحد كبار رجالات الحزب إلى مثواه الأخير. وبينما كانت الجنازة في أوجها، تذكر الرفيق وزير المالية بأنه نسي إقفال الخزنة في مقر وزارته، فإستأذن الرئيس بالذهاب إلى هناك ليفعل ذلك. فما كان من الرئيس إلا أن طمئنه:
"لا عليك يا جضرة الرفيق ... إن أعضاء الحكومة جميعا ً موجودون هنا"!!!
(5) ألرئيس والمواطن الغلبان
في إحدى "الدول القمعية" وبعد إخماد ثورة شعبية عارمة بقوة السلاح، تقدم أحد مواطنيها إلى دائرة الهجرة طلبا ً في السماح له بالهجرة إلى الدولة الصديقة "جي دي آر" وأخذت المعاملات الرسمية المضنية مجراها البيروقراطي الطويل، من حيث أن مثل هذه الاُمور أصبحت بحاجة إلى موافقة وتوقيع الرئيس، وتمت بعد حين الموافقة على طلبه وغادر إلى "جي دي آر".
وبعد فترة من الزمن عاد "المواطن الغلبان" إلى مسقط رأسه ليمكث فيها قليلا ً ليعود من ثم بطلب الهجرة مجددا ً إلى "جي دي آر"، وهكذا دواليك حتى جن جنون الرئيس فأرسل في طلبه موبخا ً:
"أراك أيها الرفيق في هجرة مستمرة وأن رأيك لم يستقر بعد على إحدى الدولتين ... أين تفضل أن تكون" ؟؟؟
أجابه المواطن الغلبان:
"من وإلى ... في ألطريق ... يا حضرة الرفيق" !!!