العلم في "الكبر" .. الحاجة فضة تمشي كيلو مترا يوميا سعيا للعلم
المدينة نيوز - تنهي الحاجة فضة صلاة الظهر، لتشرع في جمع كتبها. وتقطع مشيا على الأقدام متكئة على عكازها نحو كيلو متر، في بلدة وقاص بمنطقة الغور الشمالي، إلى مركز لمحو الأمية.
واليوم، بعد أن اجتازت الصف الأول الأساسي، وتم ترفيعها إلى الصف الثاني، تستذكر "أم يوسف" ظروف حرمانها من التعليم، محيلة ذلك إلى "أوضاع معيشية صعبة"، إلى جانب عدم إدراك أهلها لأهمية التعليم، شأن معظم الناس في الثلث الأول من القرن الماضي. لم تدرك الحاجة فضة شيئا من العلم. وتقول "حتى القرآن الكريم لم أحفظ منه أي شي".
الأحيان وإجراء بعض العمليات الحسابية.القليل من العلم "غيَّر مسار" حياة الحاجة فضة، لأنها أصبحت "اليوم أميز شي عن شي"، وأحد أبرز ما طرأ من تغيير أنه بات بإمكانها أن تقرأ اسم الطبيب الذي تذهب إليه، واتجاهات الباصات.
لم يكن للوقت من قبل، قيمة كبيرة لدى الحاجة فضة، فجلوسها كان يطول مع "أحبابها" ساعات، وتقول "ما كنت أعرف معنى: الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك"، حتى التحاقها بالمركز مع نساء من مختلف الأعمار، جلهن من كبار السن.
وتبيِّن المعلمة يسرى بشتاوي، التي تقوم بتدريس أم يوسف، أنها تلقت العديد من الدورات والمهارات لاكتساب الخبرة في التعامل مع كبار السن أثناء تدريسهن.
وتضيف أن "الجمعيه تستمر للعام الثالث على التوالي بفتح صفوف محو الأمية"، مرجعة ذلك إلى "الإقبال الكبير عليه وخصوصا من السيدات كبار السن". وتشير إلى أن الزيارات الميدانية التي تمت من قبل المعلمات "لعبت دورا كبيرا في إقناع الأمهات والفتيات للالتحاق بالمركز".
وتطالب بشتاوي بضرورة "العمل على تحسين نوعية التعليم في مراكز محو الأمية"، مشددة على دور "القطاع الخاص وتقديمه الدعم المالي والمراكز".
إلا أن مدير التربية والتعليم في لواء الغور الشمالي عبدالله طلفاح، يلفت إلى دور المديرية، حيث قامت بفتح 34 مركزا لتعليم الكبار، مشيرا إلى أنها وزعت الكتب الدراسية والقرطاسية مجانا على جميع الدارسين.
مسؤول قسم التعليم العام في مديرية التربية والتعليم بشار بني عامر، يلفت إلى جهد موصول يتقاطع مع دور اليونسكو للقضاء على الأمية، في اليوم العالمي لمحوها، الذي يصادف في الثامن من أيلول (سبتمبر) من كل عام، مبينا أن الأنشطة تتركز حول "الدور التمكيني للقرائية وأهميتها من أجل المشاركة والمواطنة والتنمية"، وذلك تحت شعار "قوة القرائية والتمكين" والذي يعتبر الموضوع الرئيس في العامين الحالي والمقبل.
وكانت وزارة التربية والتعليم أطلقت في 5 تشرين الأول (اكتوبر) العام 2008 مشروعاً ريادياً وطنياً لمحاربة الأمية تحت لافتة "قضاء بلا أمية".
ويهدف المشروع إلى القضاء على الأمية بأنواعها المختلفة، بخاصة للأميين ممن أعمارهم 15 عاما فأكثر، ذكورا وإناثا على حد سواء، في قرى ومناطق قضاء أم الرصاص بلواء الجيزة في منطقة البادية الوسطى، لرفع مستواهم العلمي والثقافي والاجتماعي حول المواضيع والأحداث والظواهر التي يعيشونها وتدور حولهم .