لن ننساك
كم لهذا الوطن من ذكريات في ثنايا التاريخ , كم لأهله وقادته من مواقف تسمو بها شجون النفس مستذكرة أيام مجيدة خاض فيها أهل هذا الوطن معارك الحياة الصعبة , ولحظات الفرح والحزن , وهم يضربون مثال في الوفاء والاخلاص لوطنهم الاردن ولأمتهم العربية الاسلامية ,فما زال صدى اللطرون وباب الواد والكرامه حي فينا لا يموت ,وهاهي أسوار القدس ما زالت وفية صامدة تشهد على مواقف الرجال الرجال , الذين أبو الا الجنة في سبيل قدس العرب والاسلام ,فتلك أيام استرسلت في كبريائها لتورث مجدها لقادة حملوا لواء العز والفخار, وهم يستكملون الامتداد النبوي الشريف من بطون مكة المكرمة الى اراضي بلاد الشام الابية ,والاردنيون معهم وبهم باقون على العهد , وكم هي لحظات وأيام نستذكر فيها موت وحياة قائد عربي هاشمي تصمت عند ذكره أفواه الشعراء ,وترقد القلوب في الصدور حزينة على فراق الغالي, ويأبى دمع العين الا أن ينزف استذكار له ولمواقفه .
الحسين بن طلال سليل الاشراف الميامين مات من حياة فانية وعاش في حياة دائمة تكمن في قلوب الاردنيين, وهم في كل يوم يسطرون معاني الوفاء والاخلاص لذكراك الطيبه ويستذكرون تلك اللحظة القاسية وتلك الفاجعة التي غمرت قلوبنا فكانت بداية لمسكنك الدائم في أعماق النفس ,فسميناك سيدنا حينما ملأت القلوب محبة ورحمة وعزيمة , يستذكر الاردنيون ذكرى وفاة جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه ,باني الاردن وأب الاردنين والذي لم يكن الا الرمز والقدوة شامخا في رجولته وطيبته ,ما زال الوطن يا سيدي عصيا على نسياك , وقولبنا أقسمت على ذكراك ,نستذكر روحك العطرة والتي عاشت في ثنايا الوطن بين وديانه وجباله , وصحراء الاردن تشهد لذكراك العطرة ايام ومواقف , انها صحراء اردننا يا سيدي التي تأبى نسيان عباءتك الهاشمية وسيرتك المشرفة , وسهول اربد وجبال عجلون وحتى شجر الزيتون يبكي فراقك ويصحو في كل صباح ينادي رحمك الله , فقد كنت فينا الاب والقائد وشيخ العشيره .
فما كان لفكرة ولا منجز وطني الا وبصمته رحمه الله في كل مراحلها ,فلا ننسى يا سيدي حياتنا معك ولا نستطيع اخفاء دمعنا عند ذكراك , فما بيننا وبينك ليس مجرد علاقة شعب بقائده ولا ابناءا بأبيهم , بل علاقة الروح بالجسد , فلن ننسى يا ابو عبدالله ابتسامتك التي تغمر القلوب املا وفرحا ,ولن ننسى كلماتك وحضورك الذي زرع فينا حب المستقبل ,ولن ننسى تواضعك مع الصغير قبل الكبير ,فقد بكتك حرائر الاردن ولن تغيب عن ذاكرتي دموع أمي وأمهات الاردنيين التي انهمرت مفجعة بفقدانك ,لن انسى رائحه الوطن في ذلك اليوم يا سيدي ,فكأن دموع الاردنيين سقت تراب الوطن ففاحت رائحة كبرياء وحنين من اعماق الارض وغضبت السماء فبكت مطرا يحبس الانفاس.
كنا نستذكرك لنطمئن ونحبك لنرضى , لقد كنا يا سيدي نحتار في من تحب اكثر , كانت الصحراء تبدا والسهل يرد والبلقاء وجبال عمان تُصر فلقد كنت لنا جميعا, وادمت مسكنك في القلوب , ولكن عزائنا بفقدانك سيدي هو بنسلكم الطيب الشريف وبهمة مولاي جلالة الملك عبدالله بن الحسين هذا الابن البار للاب الحاني ,والذي لنا فيه املا ومحبة يوازي محبتك ومكانتك في قلوبنا ,فندعو الله بان يطيب ثراك ويتغمدك بواسع رحمته ويمد في عمر جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله .