مثقفون يناقشون تحول الكتابة الابداعية الى مهنة
المدينة نيوز- ارتبطت الكتابة بمفهومها الحضاري بسياق المهنة التي افرزت لنا عبر منجزها مفاهيم راسخة عبر الزمان من ابرزها ان الكتابة مهنة حالها كحال المهن الانسانية الاخرى .
لكن في عصرنا الحديث تنوعت الاراء وكثرت التفاصيل المتعلقة بأحوال الكتابة الابداعية ما بين مؤيد ومعارض, اذ يقول الشاعر محمد صوالحة ان الكتابة مهنة ليس من الان بل منذ القديم , حيث كان الشعراء يعتاشون من شعرهم على مر الزمان من خلال مدائحهم والاشادة بالقادة عبر التاريخ العربي وصولا لواقعنا الحالي .
ويضيف لوكالة الانباء الاردنية ( بترا ) : اما واقعنا فقد تكرست مهنة الكتابة بشكل اكثر رسوخا , فصار هناك كتاب يبحثون عن المال والوظيفة من خلال كتاباتهم حيث صارت الكتابة بالنسبة لهم سلما للصعود ولا يهمهم الا ان يصلوا , وهناك من لم يجد من يأخذ بيده او لم تتح له الفرصة .
ويقول الدكتور مؤيد حمزة انه عند النظر إلى تاريخ الكتابة الإبداعية نجد أنها كثيراً ما كانت ترتبط بالمهنة - الحرفة ، فشكسبير على سبيل المثال لم يكن هاوياً، ولا كان الكتاب العظام في المسرح الإغريقي كذلك، والمتنبي لم يكن يهوى كتابة الشعر بل كانت مهنته التي توفر له الحظوة وكذلك كان حال عظام الشعراء.
ويضيف انه حتى إذا ما نظرنا إلى أعظم الكتاب الذين شكلوا نقاط تحول في عملية الكتابة الإبداعية سواء في حقل القصة أو المسرح أو الشعر سنجد أنهم كانوا محترفين ، وهذا ينطبق على شكسبير، ناهيك عن الإحتراف في تقديم النزعة السياسية في العمل الإبداعي مثل دانتي وميكيافيللي، ومنهم من احترف المهنة كمهنة وحيدة - جيمس جويس وأرنست همنغواي كمثال .
ويؤكد انه لا يعرف كاتبا قدم أعمالا إبداعية شكلت نقطة تحول في تاريخ هذا الفن لم يكن محترفا يتعامل مع الكتابة الإبداعية كحرفة .
ولا يتفق الروائي رفعت العلان مع الرأي القائل ان الابداع مهنة ويقول لا يمكن ان يتحول الابداع إلى مهنة انما يمكن ان تتحول الى حرفية , والحرفية لا تعني التكسب كما يحصل في العمل المهني بل تعني تطوير أدوات الابداع وصقلها والخروج بعمل ابداعي اكثر اهمية مما انتجه المبدع سابقا.
ويذهب الشاعر ناصر قواسمي بقوله ان الكتابة الإبداعية يمكن أن تتحول الى مهنة كما يحدث في الغرب تماماً ، وحينها من وجهة نظره سيكون المنتج أكثر عمقاً ودقة ، إذ سيكون المبدع متفرغاً تماماً لإبداعه والبحث بين طيات المراجع عن حاجته البحثية , ولا يكون منشغلاً بالآف القضايا من حوله وفي الوقت نفسه يبحث عن ذاته الابداعية ..
ويتابع : لكن أيضاً يمكن أن يكون تحول الكتابة الابداعية سلاحا ذا حدّين , فتلقي بالمبدع على الجانب الآخر من الطريق حيث سيكون هناك سهولة واستسهال في الطرح والمنتج طالما أن المردود سيكون مضمونا , لذا يجب التوازن بين البينين للوصول الى حالة من الاشتعال الفكري للخروج بمنتج له قيمة فكرية وابداعية .
اما القاصة اسماء الملاح فتقول : انّ الكاتب المبدع من الذكاء بمكان يجعله يدخل بقلمه إلى أي عالم وأي مجتمع يريد , فيفككه ويبعثره ثم يعيد ترتيبه من جديد وهو بذلك واقع لا محالة تحت تأثير محيطه الفيزيائي وظروفه بكافة أشكالها.
وتضيف انه كيف يمكن للكتابة الإبداعية أن تبقى على نسق واحد من الرقي ولا تتحول إلى مهنة إذا كانت حاجات المبدع الأساسية غير متوفرة ونصيبه من العيش الكريم دون ما يليق به وبإبداعاته , فإذا لم ينو تحويل قلمه إلى وسيلة يعتاش بواسطتها يُدفَع تلقائياً بهذا الاتجاه وقد فعل السابقون من الشعراء والأدباء ما يسمى بالتكسب بالشعر مثل المتنبي حين كان يمتدح سيف الدولة ويحوز بعد ذلك على المال والصيت , لكن رغم ذلك لم ينتقص حق الشعر من الجمال ولم يحدث تشوه في مفاصله .
الشاعر محمد المعايطة يقول ان الكتابة الإبداعيّة تأتي دون الدافع لمقابل , فهذا هو شأن الإبداع في جميع أشكاله لكن الحاجة للمال, هي ما تدفع المبدع لتقاضي المقابل لإبداعه , شأنها شأن سائر الفنون التي تقدمها وسائل تعتني بالكتابة الإبداعية من مجلات وصحف وكتب تقدّم هذا الإبداع للمتلقّي الذي بدورهِ يدفع المقابل لتلقّيه الإفادة أو الفكرة أو ما يؤنس به نفسه من بديع القول والكلام ولأنّ المبدع بحاجة لأن يرى إبداعَه في عُيون الآخَرين ,لأنه لن يراه بعينه .
( بترا )