أب يحرم نفسه من العلاج ليداوي بتكاليفه طفلتيه العاجزتين عن الحركة والكلام
المدينة نيوز- لم يغب المرض منذ 5 أعوام عن جسد الشقيقتين روان (10 أعوام)، ودانا (8 أعوام)، وأحالهما إلى عاجزتين عن الحركة والكلام، مهددا حياتهما بمزيد من الألم والشقاء حال تأخر العلاج لفترة أطول وفقا لوالدهما.
وفي منزل مليء بالحرمان في مخيم الزرقاء تعيش عائلة الأربعيني محمد عثمان ذي الخمسة أبناء، وقد احتل سرير خشبي قديم غرفة المعيشة الضيقة ليصبح بمثابة جزء من حياة الصغيرة روان، فهي لا تفارقه، بل لا تستطيع تقليب جنبيها عليه، إلا بمساعدة من والديها، فيما تجلس إلى جانبها شقيقتها الصغرى دانا مقيدة هي الأخرى بجبائر بلاستيكية تعمل على تقويم الشلل، ومنع تصلب المفاصل في ساقيها.
ويروي محمد عثمان بداية معاناة ابنتيه مع أعراض المرض التي ظهرت قبل 5 أعوام على شكل ثقل في لسان الطفلة روان وصعوبة في الحركة، تلا ذلك عدم مقدرتها على السير، ويضيف الأب الذي يعمل بائعا في أحد المحلات التجارية في الزرقاء أن دخله المادي المحدود بالكاد يكفي لسد الاحتياجات اليومية لأسرته، إضافة إلى عدم شمول عائلته بمظلة التأمين الصحي، كل ذلك ساهم في الحيلولة دون توفير فرصة جيدة لعلاج ابنته روان، حيث كانت حالتها الصحية تتطلب إجراء فحوصات طبية متواصلة، وتحاليل مخبرية وصور أشعة لمرات عديدة، وبتكلفة تفوق قدرته المالية بشكل كبير، إلى أن استطاع الأب الحصول على إعفاء من الديوان الملكي لعلاجها في مستشفى الملك عبدالله المؤسس الجامعي.
ويتابع الأب بصوت متهدج "اكتشف الأطباء إصابة ابنتي بمرض وراثي يتفاقم تأثيره كلما تقدم بهما العمر (...) فروان تعاني من أعراض تلف مستمر للنخاع الشوكي، وتلف في المخيخ، الأمر الذي تسبب بإصابتها بتيبس عضلي وعدم المقدرة على ضبط البول وصعوبة في الاتزان والنطق وفقا لتقارير طبية موقعة من اختصاصي الأعصاب للأطفال في مستشفى الملك المؤسس.
ولم يكد الأب يستفيق من صدمته حتى أصيب بصدمة اشد وطأة وأكثر إيلاما مع ظهور أعراض مماثلة للمرض على ابنته الصغرى دانا ليبدأ رحلة مليئة بالشقاء من مستشفى لأخر، ويؤكد الأب أن التشخيص الأولي اظهر إصابتها في البداية بـ"تقوس في القدمين"، حيث قام الأطباء بإجراء جراحة لإطالة الوتر وبعد العملية بشهرين خرجت الصغيرة وقد أصيبت بالشلل.
وأضاف "لم أكد أفيق من صدمتي وفجيعتي بروان حتى اكتشفنا أن دانا تعاني من شلل دماغي تقلصي أدى إلى إعاقة حركية دائمة مع بطء في التعلم".
وتم إلحاق روان ودانا بمركز متخصص في علاج حالات الإعاقة، حيث حصلت روان على جهاز مساعدة (جبائر بلاستيكية) إلا انها تعجز عن استخدامه، في حين حصلت دانا على إعفاء لمدة عام من كلفة العلاج الطبيعي في مركز الأمل، بيد أن حالتيهما لا تستجيب للعلاج حسبما يؤكد الأب.
ويضيف أن الأطباء أخبروه بـ"بإمكانية توفر علاج ابنتيه في الخارج، حيث لا يتوفر حاليا في مستشفيات المملكة".
وبعد سلسلة المصاعب المتعلقة بالطفلتين، جاء مرض الأب ليزيد من سوء الأوضاع المعيشية لهذه العائلة المنكوبة، حيث إن محمد عثمان أصيب بانسداد في الشرايين، ولا يجد في كثير من الأحيان ثمن الأدوية والعلاجات، حيث يفضل توفير ما تيسر من مال لعلاج طفلتيه.
وختم بالقول "إنه كان قادرا على تلبية متطلبات الأسرة إلى أن حد المرض من مقدرته على العمل في وظيفة أخرى".