للمعلم العربي في عيده عيدُ الوفاء والعطاء
أن يقيم العالمُ – كلُّ العالم والأمة العربية – يوماً في العام باسم المعلم، وعيدَ وفاءِ من أجله، وأن تَضْفُرَ لهُ أمم الارض، والملهمونَ من زرع يديه، اكليلَ غارٍ على شَمخةِ هامِهِ المرتفع، وذلك بعضُ الوفاء.
فنحيةً لك – ايُّها المعلم – يا عظيمَ الاممْ...
فلولاك ما طلعتْ شمسُ المعرفة، وما كان في الارض نورٌّ وضياءْ.
رسولٌ انتَ ولا نبالغ، ومنشئُ حضارات، وباني نفوسٍ وعقولٍ.. نعم.
ورافعُ اوطانٍ، وقادةٍ، وعباقرةٍ الى قمم المجد. بورك زرعُك.
وما هم.. ان يكن على رأسكَ صولجان – كما قال فولتير – ففي يديك مجدُ القلم.
وها نحن، في اتحاد المحامين العرب، في يوم عيدك أيها المعلم العربي، وامام مجدك العظيم، واعتزازاً لمقامِكَ وفضلك، نجمع الزهرَ من حدائق فكرِك، من روضِك الخضيل، ونقطف الشمسَ من راحتيكَ اليكَ، تحية وفاءٍ... وننحني،
العيدُ ايها العظيم، انتَ عيدُه..
وعلى شفاهك التي في يباسها المطر،.. انشودةُ الصباح.. وترنيمةُ الظفر.
ومن قلبك الكبير.. أضأتَ مشاعلَ الهدى.. وضمّخت بالصبر والوفاء حدائقَ الامل.
ومن جراحك الطريةِ يورقُ الفرح.. ومن عطش الحرمان، ينهلُّ منك الندى وتبتسمْ.
وعند غبار لوحك المصقولِ بالدمع والحَدَقْ، ينشقُّ صباحُ الامة، وبين خرطشة اقلامك يرتسم مصير العالم.
ومن هنا، فإن رسالة المعلم، تتجاوز حدود التعليم والكتاب، والتزود بالمعارف والعلوم، الى بناء المواطن والوطن على مقاعد الدراسة، حيث تتقدم التربية في تكوين شخصية الفرد على ما عداها، ويأتي التوجيه وتطهير النفوس، ونشر الاخلاق، وزرع الروح الوطنية والقيم الانسانية في طليعة اهداف التربية، بحيث تعتبر المدرسة ودور العلم والجامعات مصانعُ رجال، ومقالع قادة ابطال.
وما احوج امتنا العربية اليوم، التي عادت – مع الأسف – تتخبط في ظلام الجهل والأمية، وتغرق في الدم والانقسام، وما احوجها حقاً الى دَوْرِ المعلم الرسولي، ودَوْرِ المدرسة والجامعة ومعاهد العلم كافة، لاعداد المواطن الصالح علمياً وتربوياً واخلاقياً ونفسياً ووطنياً، اذ لا خير في علم لا يقترن بهذه المبادئ والقيم، وعلى ان يعاد النظر بالسياسات التربوية. بما يتوافق مع تاريخنا وحضارتنا، وما يستوجبه تطور العصر الحديث، والنهضة العلمية العالمية. مدركين بحق ان مفتاح التغيير والتطوير انما هو في التربية بمعناها الصحيح، هذه التربية التي كانت وما زالت هي الحياة، بكل ما تجسّده الحياة من قيم، وخصب، وجمال. وهي الاساس والاهم في رقي الامم، وبناء الاوطان، وقد ذهب احد قادة الاصلاح الى القول:
"إن سمحتم لي بتحسين احوال العالم، الزمت نفسي لكم بتحسين احوال العالم، وقد صدق"
ولا يظنننّ احد، ان المعلم وحده، برغم كل الاطراء، ومهما اوتي من العلم والصبر، مسؤول بمفرده عن نجاح الرؤية التربوية الاصلاحية، فالدولة اولاً، ومعها المجتمع بكل مؤسساته، والبيت والاهل، كل هؤلاء وراء الدولة في خندق المسؤولية الاول، لدعم مسيرة المعلم والمدرسة والجامعة، بكل ما يستوجب هذا الدعم، من اعداد ومقويات عالية، وكناية من مؤونة العيش الكريم، وتوفير الوسائل التربوية والتجهيزات الحديثة، وجعل التعليم بكل مستوياته كالماء والهواء في متناول كل الناس. كي لا تبقى امةُ (إقرأ) في وضعها الحالي خارج مسيرة النهضة العلمية المتسارعة، وتبقى بالتالي خارج التاريخ والزمن على رصيف الحسرة والانتظار.
ويقيننا نحن في اتحاد المحامين العرب ان المعلم العربي، برغم كل الصعوبات والحرمان، سيبقى اميناً وفياً لرسالته وسيستمر في معاقل مجده.. يداً تبني.. وقلباً يرعى.. وعقلاً ينير.
فسلامٌ عليك ايها العظيم... في يوم عيدك،
وتحيةً لك من حبر الدفاتر وشدود الاقلام،
وما أصدقَ القولَ فيك:
هذا المعلّمُ.. في أسمى رسالتـــهِ رسالـــــــةِ العلـــــمِ، والاخــــلاقِ والقِيَــــمِ،
يبني على جرحه افـــراحَ امّتــــــــــه يشقى.. لتسْلم من ضُرٍّ، ومن أَلَمِ،
حتى وان جحدت يوماً فضائِلَهُ فمـــــــا تـــــــراه حزينــــاً.. غيرَ مُبتَسِــــــمِ.