القلق والارتباك يسيطران على المواطنين تخوفا من انفلونزا الخنازير
المدينة نيوز- تبددت سريعا حالة "الاسترخاء" التي سادت لاشهر قطاعات طبية واسعة ومعها جموع المواطنين ، فور تواتر الاعلانات الرسمية عن تسجيل وفيات بمرض انفلونزا الخنازير وعادت لتتملك الناس من جديد مشاعر القلق والرهبة والخوف من قادم الايام بعدما اصبح التأخر في تشخيص الاصابة بالمرض كافيا لايصال الانسان حافة الموت.
وبزيارة سريعة للمستشفيات العامة والخاصة على حد سواء تكتشف حجم الرعب الذي يتملك الناس هذه الايام بعدما اختلطت عليهم اعراض الانفلونزا الموسمية بجائحة انفلونزا الخنازير.
فكثيرون يتجهون الى مستشفى الامير حمزة او المراكز الصحية لتشخيص المرض والبعض يتوجه الى المستشفيات الخاصة بسبب الضغط الشديد الذي تواجهه الكوادر الطبية رغم تكلفة الفحص المرتفعة.
وهناك سبب اخر لحالة الارباك يعود لعدم وجود رؤية واضحة وصريحة بشأن هذا المرض وسط شائعات قوية عن ان الاعداد المعلن عنها ليست حقيقية وان الاصابات والوفيات اكثر بكثير من المعلن عنها بسبب سياسة التعتيم التي يتهم البعض وزارة الصحة بها بشكل يناقض الشفافية التي اتبعتها مع بداية انتشار المرض.
وما زاد الوضع ارباكا توقف وزارة الصحة عن الاعلان عن الوفيات نظرا لالتزامها بتعليمات منظمة الصحة العالمية باعتماد سياسة جديدة تنص على التوقف عن اعلان حجم الاصابات والوفيات الا في التقرير الاسبوعي ، بدعوى عدم خلق حالة من الخوف والارباك لدى المواطينن ، وفق مصادر وزارة الصحة.
لكن المرض يفرض حالة الذعر والقلق لانه موجود بالفعل ولا يمكن التستر عليه ما يعني ضرورة ان تكون هناك سياسة واضحة تتيح للمواطنين معرفة ما يجري على ارض الواقع من المسؤولين في وزارة الصحة لانهم الاقدر على ايصال المعلومة الطبية الصحيحة.
ولا نستطيع هنا التقليل من جهود وزارة الصحة في مواجهة المرض ولكن لا بد من اعادة النظر في استراتيجيتها من اجل اعادة الطمأنينة الى المواطنين.
"الدستور" تابعت اثار توقف مستشفيات وزارة الصحة عن اجراء الفحص التاكيدي للاصابة بانفلونزا الخنازير الا في الحالات الضرورية ورصدت حالة الإرباك النفسي والمالي وعدم الرضا لدى المواطنين.
وروى مواطنون معاناتهم في الوقت الذي تهيب فيه وزارة الصحة بالمواطنين اجراء الفحوص اللازمة للكشف عن المرض ومراجعة المستشفيات حتى لا يستفحل المرض.
وشهدت أمس الاول حالة لمريض شخصت حالته على انها التهاب رئوي حاد ما يتطلب دخوله الى غرفة العناية المركزة بيد ان عدم توفر سرير في مستشفى البشير او مستشفى الامير حمزة كان الملاذ لذويه نقله الى المستشفيات الخاصة التي طالبت بمبلغ مقدما قدره اربعة الاف دينار لا يملكون منها شيئا. فتوجهوا الى مستشفى الجامعة ، وبعد اخذ ورد تم ارسال فاكس من مستشفى البشير الى مستشفى الجامعة بان المريض بحاجة الى ادخال فوري الى غرفة العناية المركزة لان حالته صعبة ويحتاج الى وضعه على جهاز التنفس الاصطناعي ولكن وبعد اسئلة عديدة من المناوب الاداري عما اذا كان لديه تأمين حكومي ام لا اشترط ادخاله على حسابه الخاص ودفع مبلغ 500 دينار ، ورغم ذلك فقد فوجئ ذوو المريض بعدم وجود مكان ، ليجدوا انفسهم مضطرين لادخال ابنهم الى مستشفى خاص تحت شرط دفع المبلغ كاملا.
القصص عديدة وكثيرة يرويها المواطنون لاسيما اذا ما علموا ان المتحدث اليهم صحفي ، فيتسابقون ليرووا معاناتهم ، حيث قالت احدى الامهات ان درجة حرارة ابنتها ارتفعت ووصلت الى 39 درجة مئوية دون ان ينفع معها اي خافض للحرارة وكذلك وضعها تحت الماء ما اضطرها الى نقلها لمستشفى الامير حمزة الا انها وحال وصولها الى المستشفى فوجئت بالطبيب يصف لها الدواء ويقول "روحيها على البيت".
واضافت "اخبرت الطبيب مرارا انني اخشى ان تكون ابنتي مصابة بفيروس انفلونزا الخنازير خصوصا ان احدى صديقاتها اصيبت بالفيروس قبل ايام فاخبرها ان وزارة الصحة توقفت عن اجراء الفحص.. وعندما سألته عما ينبغي فعله..اجابها "لا اعرف ولكن امامك المستشفيات الخاصة".
وتابعت الام بسرد معاناتها: ذهبت بابنتي الى احد المستشفيات الخاصة وقمت بإجراء الفحص لها رغم انه مكلف واصابني بضائقة مالية ولكن المفاجأة انه وبعد سبع ساعات تحديدا اكدت نتائج الفحوص ان ابنتي مصابة بالفيروس ولكن فوجئت مرة اخرى بالاطباء يبلغونني ان الدواء غير موجود في المستشفى وانه يجب نقلها الى مستشفى الامير حمزة لاحضار الدواء وذهبت فعلا واحضرت الدواء.
وأوضحت الام انها عانت كثيرا مرة من اجل اجراء الفحص ومرة من اجل احضار الدواء.. متسائلة اين السياسة الواضحة واين الاستراتيجية التي تتعامل بموجبها وزارة الصحة مع هذه الامور ولماذا تتوقف الوزارة اساسا عن اجراء فحوص الكشف عن الفيروس رغم وجود الاجهزة اللازمة والكوادر الطبية ، مشيرة الى ان العديد من المواطنين لا يجدون المال لإجراء الفحوص في المستشفيات الخاصة.
وقالت سها الخطيب انها راجعت مستشفى الامير حمزة لاجراء الفحوص كونها تعاني من ارتفاع في درجة الحرارة وصداع والام في الاطراف وسعال ولكنها فوجئت بان الطبيب يبلغها ان وزارة الصحة توقفت عن اجراء الفحوص وقال لها الطبيب "اذهبي وتناولي هذا الدواء وضعي الاطراف في المياه الباردة وبللي وجهك وشعرك وتناولي السوائل وهذا هو العلاج".
وأضافت "عُدت بعد ساعة حيث قاموا باجراء الفحص اللازم ولكن بعد احضار واسطة وكان اليوم الخميس واخبروني ان النتيجة ستظهر يوم السبت لان غدا الجمعة عندها اضطررت الى الذهاب الى مستشفى خاص ودفعت مبلغ 70 دينارا وثمن الدواء 36 دينارا واتصلت بمستشفى الامير حمزة واخبروني انه يجب المراجعة فورا لاحضار الدواء فاخبرتهم انني اتناوله منذ مساء الخميس.
مواطن اخر يبدو عليه التعب ولا يملك ثمن اجراء الفحص في المستشفيات الخاصة قال إن الله مع الضعيف الفقير مضيفا ان درجة حرارته ارتفعت قبل اربعة ايام وذهب الى مستشفى الامير حمزة لإجراء الفحص ولكن فوجىء بالطبيب يخبره "خذ هذا الدواء وروح ما عندك انفلونزا خنازير".
واضاف ان "الوزارة توقفت عن اجراء الفحص وليس امامك الا الذهاب الى احد المستشفيات الخاصة".
وقال ذهبت الى احد المستشفيات الخاصة خشية على حياتي وعندما اخبرتهم انني اريد اجراء الفحص اللازم لانفلونزا الخنازير قالوا لي بكلفك 50 دينارا فراجعت حساباتي وانا لدي عائلة فانا لا استطيع الاستغناء عن 50 دينارا فعدت الى المنزل وتوكلت على الله علما انني ومنذ خمسة ايام وانا اعاني واتناول خافضا للحرارة واشرب السوائل ، كما ان اولادي يعانون نفس الاعراض.
يسرا ضراغمة قالت شعر ابني وهو في الخامسة عشرة من عمره بعوارض الانفلونزا ونصحوني ان اذهب الى مستشفى الامير حمزة لإجراء الفحص اللازم ولكن فوجئت بعدم امكانية اجراء الفحص في المستشفى واخبرني الطبيب بالقول "لا تقلقلي ولاتخافي فالموضوع سهل وبسيط" واعطاني علاجا وطلب مني المغادرة وذهبت الى البيت وكانت درجة حرارة ابني 39 درجة وبدأت اقوم بمعالجته عن طريق الكمادات الباردة ولكن دون جدوى.
وتابعت وفي صباح اليوم التالي ذهبت مرة اخرى الى المستشفى واخبرت الطبيب الموجود ان ابني لم تنخفض حرارته وما زال يعاني من اعراض شديدة فاخبرها الطبيب بانه لا داعي الى القلق فهذه اعراض انفلونزا عادية.. عندها اضطررت وفي الساعة الثالثة من فجر اليوم الثالث الى اخذ ابني الى احد المستشفيات الخاصة ولكن طبيب الطوارىء اخبرني بانني تأخرت كثيرا واخبرني ان ابني بحاجه الى وضعه على جهاز التنفس الاصطناعي في غرفة العناية المركزة ما يتطلب مبلغ 2500 دينار تحت الحساب ، وعندها بدأت رحلة التذلل لإدخال ابني المستشفى فقلت لهم ادخلوه وانا الان ساذهب واشحد المبلغ.. فقاموا بتوقيعي على تعهد واستدنت المبلغ بعد اربعة ايام.
وهناك الكثيرون غير يسرا وسها يتوهون في ردهات المستشفيات بحثا عن علاج او فحص او رأي سديد يرحمهم من معاناتهم وخوفهم وحيرتهم.