المقاطعة ... سلاح فعال يستنزف ويربك الاحتلال الصهيوني
انفجرت الثورة الفلسطينية الحديثة والمعاصرة ، وإنطلق المشروع الوطني الفلسطيني عقب اعلان الانتداب ( الإحتلال ) البريطاني على فلسطين سنة 1916، ضد المشروع الصهيوني ، وضد التحدي الغربي الحديث الذي أراد تكريس الكيان الصهيوني واقعا فوق تراب فلسطين المقدسة ، وعمل أيضا على تجزئة الأمة الإسلامية والعربية وتفتيتهما ، كضمان لاستمرارية الكيان الصهيوني منغرسا في قلب الأمة ، وتجسيدا جيو ـ سياسيا / مجتمعيا / ديمغرافيا / توراتيا ، وقد أصبحت صورة الصراع واضحة تمام الوضوح ، إثر اعلان ( وعد بلفور أو تصريح بلفورالمشئوم ) وتلك ( الرسالة الملعونة ) التي أرسلها اليهودي / البريطاني المجرم وزير خارجية بريطانيا العظمى آرثر جيمس بلفور بتاريخ 2 نوفمبر 1917 إلى اللورد اليهودي الصهيوني ، وزعيم الحركة الصهيونية ليونيل وولتر دي روتشيلد / مؤكدا له : (تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ) ، وحين صدر ( وعد بلفور المشئوم ) كان عدد المستعمرين والمستوطنين اليهود الصهاينة في فلسطين لا يزيد عن 5% من مجموع عدد السكان ، وكان الوعد البغيض هو : ( وعد من لا يملك ، لمن لا يستحق ) ، وقد بدأت تتصاعد المقاومة الشعبية الفلسطينية ضد الاحتلال البريطاني / الصهيوني لفلسطين ، وضد الهجرة اليهودية / الصهيونية الى فلسطين المحتلة ،وأخذت المقاومة الفلسطينية أشكالا متعددة ،وتكررت الهبات والانتفاضات الجماهيرية والشعبية الفلسطينية ضد الاحتلال البريطاني والعصابات الصهيونية ، واصبح لون حياة الفلسطينيين وايامهم مصبوغا بلون الدم الأحمر القاني ، وسقط الشهداء تترا ، بينما امتلأت السجون البريطانية / الصهيونية بالمناضلين والمجاهدين الفلسطينيين والعرب ، وإثر تطور مراحل وأشكال وأدوات المقاومة الفلسطينية ،ولدت ( المقاطعة الفلسطينية والعربية ) ضد الصهاينة واليهود ، إنطلاقا من مدينة نابلس الفلسطينية / شمال الضفة الغربية سنة 1920 ، في مؤتمر( الجمعية الإسلامية المسيحية ) ، حيث دعا فيه وجهاء ورجالات فلسطين وفلاحيها ومزارعوها إلى : ( مقاطعة اليهود مقاطعة تامة؛ وعزلهم عن المجتمع الفلسطيني ) ، وشملت المقاطعة جميع جوانب العلاقات الاقتصادية والتجارية وتشغيل اليد العاملة،وخصوصا الامتناع عن بيع الأراضي والعقارات لليهود ، وتنامت أشكال المقاطعة ضد الصهاينة ، وضد كل من يخرق المقاطعة من العرب والفلسطينيين خلال ثورة البراق عام 1929، واتخذت المقاطعة بعدًا إقليميا عندما أقسم ممثلون عن سوريا والأردن ولبنان وفلسطين في اجتماع لهم بالقدس بتاريخ 27/11/1929 على : ( منع بيع الأراضي لليهود، ومقاطعة المصنوعات والمتاجر اليهودية )، والتطور الأهم في مسألة المقاطعة وقع خلال ثورة فلسطين الكبرى 1936- 1939 حيث تشكلت لجان مقاطعة في سوريا والأردن ولبنان لمنع إرسال البضائع والسلع إلى فلسطين، ما لم تكن مقترنة بموافقة اللجان القومية التي كانت تقود حركة الإضراب والعصيان العام في فلسطين؛ خوفًا من تسلل البضائع والسلع العربية إلى أيدي اليهودالصهاينة في فلسطين ، وتبع ذلك عقد المؤتمر القومي العربي في 'بلودان' بسوريا عام 1937 بحضور مندوبين من سوريا والعراق والأردن ولبنان والعربية السعودية ومصر وفلسطين، ووسع المؤتمر حدود المقاطعة لتأخذ بُعدها العربي خارج فلسطين، ولتشمل مقاطعة بضائع الدول الأجنبية التي تدعم مشروع الاستيطان الصهيوني / اليهودي في فلسطين ، ثم انتقلت المقاطعة العربية من المستوى الشعبي إلى المستوى الرسمي، حيث تبنت الجامعة العربية المقاطعة، وقرر مجلس الجامعة في جلسته الثانية بتاريخ 2/12/1945 : ( مقاطعة المنتجات والمصنوعات اليهودية في فلسطين ، وتشكيل لجنة دائمة للإشراف على التنفيذ ) ، ثم تقرر لاحقا تشكيل مكتب دائم لذلك، ولجان في جميع الدول العربية لمتابعة سياسة المقاطعة للمنتجات اليهودية في فلسطين وتنفيذها ، وبعد اقامة الكيان الصهيوني تمت صياغة الإطار القانوني والتنظيمي لمقاطعة الكيان الصهيوني بقرار من مجلس الجامعة العربية في دورته الثانية والعشرين بتاريخ 11/12/1954 ، وحُدّدت القواعد المنظمة للمقاطعة، وأقيم مكتب لإدارة المقاطعة العربية مقره دمشق، ويديره مفوض عام، يعيّنه الأمين العام للجامعة العربية، ويرتبط به، مهمته تأمين الاتصال بالمكاتب المختصة بشئون المقاطعة في الدول العربية وتنسيق أعمالها، واستمرار أنشطتها، ويرفع التقارير الدورية، والطارئة إلى الأمانة العامة عن سير المقاطعة؛ لعرضها على مجلس الجامعة، وتتم هذه المقاطعة بإشراف مكتب خاص من جامعة الدول العربية يسمى بـ "مكتب المقاطعة المركزي" وله فرع في كل دولة من الدول العربية المشاركة. يتخذ هذا المكتب مقره الأساسي في دمشق ولكن في الفترة ما بين 1993 وحتى 2002 لم تجتمع الهيئة المنظمة بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني ويعاون المفوض العام مندوب عن كل دولة بصفة ( ضابط اتصال ) تعينه دولته، وللمكتب ضباط اتصال في أنحاء مختلفة من العالم ، ويقوم في كل دولة مكتب خاص بالمقاطعة، توفر الدولة المعنية الأشخاص القائمين عليه وتجهيزاته الفنية للقيام بمهمته، والمكتب على صلة وثيقة بالمفوض العام لمكتب المقاطعة، ويعمل تحت رعاية المفوض وبتوجيهاته ، وينعقد مرتين كل عام وبصفة دورية مؤتمر ضباط اتصال المكاتب الإقليمية، كما يمكن عقد اجتماعات استثنائية أو طارئة بدعوة من المفوض ، وتحتفظ لجنة المقاطعة العربية بمشروعيتها من مختلف المواثيق والأعراف الدولية، فقد أعطى ميثاق الأمم المتحدة مشروعية للمقاطعة الاقتصادية، ومنها مقاطعة العرب للكيان الصهيوني ؛ وكانت المقاطعة أحد الوسائل الهامة للحد من هجرة اليهود الصهاينة الى فلسطين المحتلة ،وكما سبق الاشارة اليه فقد بدأت المقاطعة للعدو الصهيوني ضد المؤسسات الصهيونية والتجارة اليهودية قبل إعلان قيام الدولة العبرية عام 1948، وعقب النكبة الفلسطينية والعربية الكبرى 15مايو / آيار1948 ، تم إعلان المقاطعة الرسمية والمنظمة للكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين ، بقرار من جامعة الدول العربية ، وكان تنفيذ المقاطعة يختلف من دولة عربية لأخرى ، وللأسف فإن بعض الدول العربية لم تستمر بهذه المقاطعة ،
وكانت اللجنة العربية التنفيذية للبرلمان السوري - الفلسطيني نادت بمقاطعة التجار الصهاينة اليهود سنة 1922 ، وكررت نداءها سنة 1934، ونفذها اتحاد العمال العرب ، وفي عام 1936، طالبت ( الهيئة القيادية الفلسطينية العربية العليا ) التي تقود الثورة الفلسطينية وحركة الإضراب والعصيان المدني الفلسطيني ، بمقاطعة أخرى وهددت غير الملتزمين بها بالعنف، ولكن هذه المقاطعة لم تنجح كما ينبغي ، بسبب التغلغل الصهيوني / اليهودي في المجتمع الفلسطيني آنذاك من خلال المحاميين والأطباء والمستشفيات ، وفي محاولة لعزل اليهود اقتصادياً، أعلن مجلس جامعة الدول العربية في 2 كانون أول / ديسمبر من عام 1945، : ( مقاطعة رسمية للبضائع اليهودية ، وطالب كل المؤسسات والمنظمات والتجار والأفراد العرب برفض التعامل بالبضائع الصهيونية أو توزيعها أو استهلاكها ) والمقاطعة التي فرضتها جامعة الدول العربية شملت ثلاثة مستويات :
1ـ المقاطعة من الدرجة الأولى ولا تزال مطبقة في عدد من الدول العربية ، تشمل البضائع والخدمات المصدرة من الكيان الصهيوني
2 ـ المقاطعة من الدرجة الثانية ، تشمل الشركات غير العربية التي تتعامل مع الكيان الصهيوني
3ـ المقاطعة من الدرجة الثالثة ، وتشمل الشركات التي تشحن بضائعها من خلال المنافذ الصهيونية .
وهددت المقاطعة العربية من الدرجة الثانية الشركات غير العربية بـعدم الاستثمار في الكيان الصهيوني ، أو بناء المصانع ، أو منح الامتيازات ، أو أي نوع من أنواع التعاون غير التجاري ، وإلا فإن الشركات غير الملتزمة بتعليمات المقاطعة ستوضع في القائمة السوداء ، وأن أي منتجات لفنانين أجانب، صناع السينما أو الموسيقيين يتم مقاطعتها إذا تم اعتبارها قريبة من العدو الصهيوني ، وترفض عدد من الدول العربية والإسلامية دخول أي شخص حاملا لجواز الكيان الصهيوني ، أو أي ختم للتأشيرة ، او دخول أو خروج لدولة الكيان، وتمنع دخول أي شخص يحمل جوازه ختم لدولة أخرى ،يشير إلى دخوله الكيان الصهيوني ، ومن الصعب التحديد بدقة حجم التأثير الاقتصادي للمقاطعة على الكيان الصهيوني ، خصوصا أن الاقتصاد الصهيوني ، وبسبب الدعم الغربي له ، كان قويا منذ عام 1948، وحقق ناتج محلي إجمالي أعلى من كل الدولة العربية مجتمعة ، باستثناء الدول العربية النفطية ، ورغم ذلك فقد آذت المقاطعة الكيان الصهيوني بشكل واضح ، وتؤكد الغرفة التجارية الصهيونية : (أن صادرات الدولة العبرية أقل بـ 10% مما هو مفترض أن تكون عليه دون المقاطعة) ، وبسبب المقاطعة العربية فإن بعض البضائع العالمية الشهيرة مثل بيبسي، ماكدونالدز ومعظم السيارات اليابانية لم تكن موجودة في الكيان الصهيوني ، إلا بعد ضعف المقاطعة في نهاية الثمانينيات ، وبنفس الوقت قاطعت الدول العربية الشركات التي تبيع منتوجاتها في الدولة العبرية مثل مشروب كوكا كولا الأميركي ، ورغم أن المقاطعة العربية رسميا مازالت قائمة حتى اللحظة ، إلا أن الكثير من البضائع والمنتوجات الصهيونية تصل إلى العديد من الدول العربية ، حيث كان ـ في السابق ـ يتم إرسالها إلى بلد ثالث ، وإعادة شحنها إلى الدول العربية، وخصوصا عبر جزيرة قبرص ، والتي كانت تعتبر أبرز محطة من محطات إعادة الشحن ، ولكن وعقب توقيع معاهدة كامب ديفيد بين مصر والكيان الصهيوني سنة 1977، ومعاهدة أوسلو بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني سنة 1993، ومعاهدة وادي عربة بين الأردن والكيان الصهيوني سنة 1994، ثم افتتاح سفارات صهيونية في القاهرة وعمان ، وتبادل التمثيل العربي / الصهيوني بين عدة دول عربية والكيان الصهيوني منها قطر ، المغرب ، موريتانيا ، تونس ، عُمان ، بالإضافة الى حكومة كردستان العراق ، فإن البضائع الصهيونية اصبحت تغزو أسواق هذه الدول مباشرة ، وغيرها من الأسواق العربية ، وتكونت كيانات تجارية وصناعية عربية / صهيونية ، للترويج للبضائع والمنتوجات الصهيونية في الدول العربية التي مازالت المقاطعة سارية فيها رسميا ، حيث يتم تغيير بلد المنشأ من الكيان الصهيوني الى اسم تلك الدولة العربية التي تقوم باعادة التصدير، بينما انتقلت العديد من المصانع ، أو أقامات لها فروعا وخطوط انتاج للعمل في الأردن وغيرها ،نظرا لرخص الأيدي العاملة العربية ، وتدني تكلفة الانتاج ، وتسهيلات الإستثمار ، ولتسهيل تصدير المنتوجات الصهيونية ، على إعتبار أنها منتوجات أردنية أو عربية .
وخلال عقد السبعينيات قامت ( اللجنة الأمريكية اليهودية / الأيباك ) بمحاولات عديدة لإصدار تشريع من الكونغرس الأمريكي ضد المقاطعة العربية للكيان الصهيوني ، ووقع الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر تشريعا سنة 1977، يفرض ( غرامات مالية ضخمة على الشركات الأمريكية التي تتعاون مع المقاطعة العربية )، ورغم ذلك فإن شركات أمريكية (مثل ماكدونالدز) فضلت دفع الغرامة على خسارة تواجدها وعملها في المنطقة العربية ، وكانت مصر أول الدول العربية التي ألغت المقاطعة ( رسميا ) مع الكيان الصهيوني عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1977، تبعتها الأردن عام 1995 ، والسلطة الوطنية الفلسطينية بدءاً من 1995 ، وتخلت الدول الخليجية عام 1994 عن المقاطعة بدرجتيها الثانية والثالثة، والآن معظم الدول العربية ــ ما عدا سوريا ولبنان ــ لا تطبق المقاطعة بدرجتيها الثانية والثالثة ، مع أن مشروب كوكا كولا بات موجودا منذ عدة سنوات في سوريا ، و تواجدت الشركات العالمية مثل ماكدونالدز، تويوتا ونيستيله ، منذ منتصف التسعينات في الكيان الصهيوني ، بينما تستمر إيران ـ الدولة الإسلامية الغير عربية في تطبيق المقاطعة بكافة أشكالها ،وقد تجددت المطالبات الفلسطينية والعربية لتفعيل المقاطعة ، إثر تفجر انتفاضة الأقصى بتاريخ 28/9/2000 ، وعقد اجتماع لمجلس المقاطعة ، ولكنه انتهى بلا نتائج ، وسنة 2005أعلنت البحرين انسحابها التام من المقاطعة ، كثمن مقدم منها لـ : (تسهيل الموافقة على اتفاقيات التجارة الحرة بين البحرين وأمريكا ) ، رغم الانتقادات الشعبية الشديدة،مما حذا بالبرلمان البحريني للتصويت ضد القرار في شهر أكتوبر / تشرين أول من العام نفسه ، وإعتباره قراراً غير ملزم ، وأعلنت أيضا المملكة العربية السعودية نهاية مقاطعتها للبضائع والخدمات الصهيونية، تلبية لـ : ( شروط الإنضمام لـمنظمة التجارة العالمية، التي يُمنع فيها مقاطعة دولة لتجارة الأخرى من أعضاء المنظمة )، ثم عادت السعودية صيف 2006، لتعلن عدم إنهاء المقاطعة ، و عقد مؤتمر دام 4 أيام في دمشق لمكتب المقاطعة خلال الفترة من 13ــ 16 آيار / مايو 2006، نتج عنه تصريح لأحد المسئولين عن ملف المقاطعة قال فيه : ( إن معظم الدول العربية تتهرب من المقاطعة، وبالأخص دول الخليج والسعودية ، والمقاطعة تراجعت كثيراً، واقتربت من الانهيار ، ويجب أن لا نكذب على بعضنا البعض، لأن المقاطعة شبه مشلولة ) ، ومازالت العديد من الدول والمنظمات العربية تطبق بعض جوانب المقاطعة ، بما في ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة وموانئ دبي العالمية وكذلك سلطنة عُمان ، وكانت اليابان الدولة الصناعية الأكثر مساهمة بالمقاطعة، وبقيت علاقاتها مع الكيان الصهيوني محدودة حتى منتصف التسعينات ، ونتيجة لتنامي أشكال المقاطعة العالمية مؤخرا ضد الكيان الصهيوني ، في ظل استمرار الاستيطان ، والمرواغة الصهيونية في ملف المفاوضات الفلسطينية / الإسرائيلية ، للإفلات من الموافقة على الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية ، فقد تبنى رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتانياهو موقف وزير خارجيته اليميني المتطرف أفيغدور ليبرمان بــ : (عدم الاستخفاف بحملة المقاطعة الأوروبية الاقتصادية ، وعدم الهلع ) ، ووافق على اقتراح وزير الشؤون الاستراتيجية الصهيوني يوفال شتاينتس : ( تخصيص مبلغ مئة مليون شيكل (نحو 30 مليون دولار) للقيام بحملة دعائية مضادة ومناهضة للشركات الأوروبية والأميركية التي تعلن المقاطعة ) ، وترأس نتانياهو جلسة حكومية خاصة مساء الأحد 9/2/2014 بحضور ليبرمان وشتاينتس ووزير الاقتصاد نفتالي بينيت : لـــ :( معالجة سبل مواجهة ظاهرة المقاطعة الاقتصادية التي تتسع رقعتها في أوروبا مؤخرا) ،خصوصا في أعقاب تحذير وزير الخارجية الأميركي جون كيري قادة العدو ، من أنه : ( في حال فشل المفاوضات مع الفلسطينيين قد تتسع ظاهرة المقاطعة ضد الدولة العبرية ، على نحو يضر باستقرارها الاقتصادي ) ، واستبعد نتانياهو عن الاجتماع أربعة وزراء من "تيار الوسط " بينهم وزير المالية يائيرلبيد ووزيرة القضاء تسيبي ليفني، اللذين حذرا ( من عواقب وخيمة للمقاطعة ) ، واعتبرا ( كلام كيري صحيحاً يعكس قلق وزير الخارجية الأميركية ، لاتهديداً منه ) ، بينما يستخف وزراء اليمين الصهيوني المتطرف بالمقاطعة ، ورأى نتانياهو في موقف لبيد وليفني أنه :( يتسق والضغوط الأميركية عليه لإبداء مرونة في مواقفه من النقاط الأساسية التي يتضمنها «اتفاق الإطار» الذي يسعى كيري لبلورته ) ، وأوصى الاجتماع الحكومي المصغر بـ :( مطالبة حكومات الدول الأوروبية التي تشهد حملات المقاطعة ،بضرورة سن قوانين تحظر مقاطعة الدولة العبرية ،ودعوة تلك الحكومات الى أن توضح من خلال قانون خاص ،أن مقاطعة الدولة العبرية تعد أمرا محظورا ،على ضوء موقف قادة أوروبا المركزيين في أن انتقادهم لسياسة الاحتلال لا يعني موافقتهم على المقاطعة ) ، ودعا شتاينتس لــ :( شن حملة إعلامية علنية قوية ضد المنظمات والشركات الأوروبية أو الأميركية التي تدعو إلى مقاطعة الدولة العبرية ،ومقاضاة المؤسسات التي تدعو إلى المقاطعة) ، ودعت وزارة الخارجية الصهيونية لـ :( يشن معركة ديبلوماسية هادئة بعيداً من الأضواء، وأن نسبة التنظيمات التي تدفع نحو المقاطعة «هامشية»، وشن حملة علنية ضدها تفيدها وتعزز انتشارها ) ، وقال (مركز البحوث والمعلومات التابع للكنيست الصهيوني ) في تقرير له:( أن المبادرات الدولية المختلفة لمقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية التي تتعاطى مع المستوطنات في الضفة الغربية ، لم تؤثر جوهرياً على المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية ، وإعلان المقاطعة الأكاديمية لم يؤثر في هذه المرحلة على البحث الأكاديمي ، ونسبة المؤسسات الأميركية التي تأثرت بدعوات المقاطعة هامشية ، ومازال تجاوب العلماء الأميركيين والأوروبيين مع مراكز الأبحاث الأكاديمية الإسرائيلية معقولاً،ولكن ازدياد الأصوات التي تدعو للمقاطعة ستمس بصورة المؤسسة الأكاديمية الإسرائيلية في العالم ، وتعزز دعوات نزع الشرعية من إسرائيل ) ، وكشفت صحيفة "معاريف" الصهيونية انه تسود الكيان الصهيوني : ( حالة من الضعف والقلق ، على ضوء القرارات الاوروبية بسحب الاستثمارات ، وتجد وزارة الخارجية صعوبة في توضيح لماذا في الوقت الحالي بالذات ، الذي تجري فيه المفاوضات مع السلطة الفلسطينية ، قررت الشركات الاوروبية قطع العلاقات مع جهات "اسرائيلية"؟) ، ونقلت"معاريف" عن وزارة الخارجية الصهيونية أن : (شركات وجمعيات اوروبية، مختصة بفحص الجدوى الاجتماعية، توصي الجهات التجارية بالامتناع عن الاتصال بجهات محل إشكال ، ولا يتعلق الامر فقط بالدولة العبرية ، بل ايضا بكبرى شركات الطيران الامريكية كـ"لوكهايد مارتين"، و شركة "يونداي" للسيارات التي أوصت منظمات الجدوى الاجتماعية في الآونة الاخيرة بالامتناع عن التعامل معهما ) ، وأكدموظفون كبار في وزارة الخارجية الصهيونية لصحيفة "معاريف" انه :( لا يوجد على الحلبة السياسية "الاسرائيلية" استعدادات خاصة على ضوء الاستمرار باتخاذ هذه القرارات ، ولكن توجد سلسلة من الاعمال التي يمكن اتخاذها، ولم تبدأ خطة عمل واسعة النطاق ، ولمواجهة ما يجري في اوروبا ، لابد من تجنيد "اصدقاء اسرائيل"، وخبراء ومصممي رأي عام للدفاع عن مواقف الدولة العبرية )،وقال وزير الشؤون الاستراتيجية الصهيوني يوفال شتاينتس لصحيفة "معاريف" الصهيونية : (ان وزارته تعد خطة لمحاربة ظاهرة المقاطعة، تتضمن وسائل الاعلام ، والاستعانة بمنظمات دولية داعمة لاسرائيل وخطوات اخرى)،ولكن"معاريف" اعتبرتها( خطة مستقبلية بعيدة عن التحقق )،وطالب نائب وزير الخارجية الصهيوني زئيف الكين في حديثه مع معاريف" الصهيونية:( قبل محاربة موجة المقاطعة ، من المهم تحليل هذه الظاهرة بشكل سليم ، وانعقاد العملية السياسية مع الفلسطينيين لا يحمي من المقاطعة، وصيغة الربط بالعملية السياسية لا تنجح وجميع النماذج في الزمن الاخير، خطة هورايزن 2020، القرارات في هولندا والدانمارك وغيرها، اتخذت أثناء المفاوضات مع الفلسطينيين ، ومنذ بدأت المفاوضات تعاظمت المقاطعة، وهذايثبت ان المقاطعة غير مرتبطة بعدم وجود مفاوضات ، واستمرار الربط بين المقاطعة والعملية السياسية سينعكس سلباً علينا ) ، وأكد أن : ( ذريعة انه لا يجب مقاطعة "اسرائيل" لكي لا يضر ذلك بالمفاوضات هي ذريعة غير جيدة ، وماذا سنفعل اذا ما نسفت العملية السياسية غدا، وماذا سنقول عندها؟ فهناك احتمال كبير بان يحصل هذا وقد لا يكون بسببنا ، وان مسار دفاع ليفني ولبيد "يوم سلام – لا توجد مقاطعة" لا ينجح في الواقع وهو خطير في حالة انفجرت المفاوضات) .
ومن ناحيتها أكدت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د.حنان عشراوي في مقال لها نشرته يوم الإثنين 10/2/2014في صحيفة «هآرتس» الصهيونية : ( من المستحيل أن توقف إسرائيل حملة المقاطعة الدولية بسبب استمرار الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولن يكون أي نوع من الإعلام أو الدعاية ــ مهما كانت ممولة ــ قادراً على مواجهة هذه الحركة العالمية التي تزداد زخماً ، وهذه الحملة أطلقت من جانب المجتمع المدني الفلسطيني ، وتحظى بدعم مجموعات التضامن وأصحاب الضمير في العالم ، بمن في ذلك في إسرائيل ، وأن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل، هي على غرار النضال الطويل ، ولكن الفعال لإنهاء نظام الفصل العنصري والعنصرية المؤسساتية في جنوب أفريقيا) ، ورحبت عشراوي بــ : ( هذا النوع من المقاومة المسؤولة والسلمية ، لأنها تظهر أن الاحتلال له ثمن ، وتحض أفراد المجتمع المدني الإسرائيلي على مساءلة حكومتهم ، وفي حال اختارت إسرائيل التعريف عن نفسها فقط بمشروعها الاحتلالي والاستيطاني والتطهير العرقي، فإنها وحدها تتحمل مسؤولية نزع الشرعية عن نفسها) ، ودعا المغني العالمي روجر ووترس والعازف السابق في فرقة "بينك فلويد" في رسالة مفتوحة نشرت في العديد من وسائل الاعلام الغربية والعالمية زملائه الفنانين لـــ : ( مقاطعة الدولة العبرية باعتبارها نظاما للفصل العنصري ضد الفلسطينيين ) ، معتبرا أن : ( الطريق الأفضل لتصحيح الوضع السياسي في البلاد ، هو عن طريق المقاطعة الفنية مثل الموقف الذي اتخذه مع جنوب افريقيا ) ، وقال : ( أكتب لكم الآن، إخوتي في عائلة الروك آند رول، أصدقائي الفنانين، انضموا إلي ولفنانين آخرين لمقاطعة إسرائيل. هذا هو واجبنا ومسؤوليتنا الأخلاقية ) ، واضاف قائلا إن : ( أي فعالية كالمقاطعة يمكنها أن تساهم وتدفع إسرائيل للقيام بالخطوات الصحيحة المتعلقة بالفلسطينيين وإنهاء حكم الاحتلال ) ، وكشف ووترس أنه خلال شهر مارس / آذار 2013بعث برسالة إلى الفنان ستيفي ووندر ناشده فيها : ( أن يلغي مشاركته في العرض المخصص للجيش الإسرائيلي في لوس أنجلس ، وقد ألغى بالفعل وندر مشاركته بالعرض ) .
وبدأ الاتحاد الأوروبي الذي يستوعب 32% من حجم الصادرات الصهيونية، منذ مطلع العام الحالي، بمقاطعة المستوطنات الصهيونية تجاريا وأكاديميا واستثماريا، وقال السفير السابق للاتحاد الأوروبي في فلسطين جون جات راتر أن : ( دوائر الجمارك في دول الاتحاد تضع وسماً يميز منتجات المستوطنات للمستهلكين )، وأعلنت ثلاث شركات أوروبية شهر يناير / كانون الثاني الماضي انسحابها من مناقصة تقدمت لها العام الماضي لبناء موانئ في مدينتي حيفا وأسدود المحتلتين استجابة لقرار المقاطعة، وأعلن البنك الألماني (دوتشة بنك) وهو ثالث أكبر بنك في العالم، عن مقاطعته لبنك هبوعليم الصهيوني بسبب عمله في المستوطنات ، وعبر معهد التصدير الصهيوني عن :(خشيته من تراجع الناتج المحلي الإجمالي، وانخفاض حجم الصادرات إلى دول الاتحاد الأوروبي، التي تستوعب أسواقها 32% من حجم صادرات الدولة العبرية ) ، ويطالب وزيرا الاقتصاد والمالية الصهيونيان يائير ولابيد ونيفتالي بينيت، ببذل الجهود لرفع إجمالي الناتج المحلي للعام الجاري ، وبدأت بعض الشركات العاملة في المستوطنات بنقل نشاطها إلى داخل الكيان الصهيوني ، ومن بينها شركة لصناعة المفاتيح والأقفال في مستوطنة (بركان) المقامة على أراضي سلفيت بالضفة الغربية المحتلة ، حيث نقلت المصنع عدة كيلو مترات إلى داخل حدود الكيان الصهيوني ، وهكذا خرجت من دائرة المقاطعة، وانخفض حجم صادرات المستوطنات إلى العالم بنسبة 20% منذ بدء المقاطعة الأوروبية للمستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية، ،وتكبد العدو الصهيوني خسائر تتجاوز (150 مليون دولار ) منذ بداية العام الجاري، وتمنى رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهوأن :(يسمح الطلب العالمي على التقنية الاسرائيلية المتطورة بتجاوز الجماعات المؤيدة للفلسطينيين التي تطالب بمقاطعة اسرائيل اقتصاديا ،وان نكشف حقيقة الداعين لمقاطعة اسرائيل بأنهم معادون تقليديون للسامية بزي حديث، وعلينا محاربتهم ) وكان نتنياهو يشير الى ( حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على الدولة العبرية ــ BDS) والتي يرعاها مثقفون ومدونون مؤيدون للفلسطينيين ، وتدعو إلى مقاطعة كل السلع الصهيونية ، وتشكك في شرعية الدولة العبرية ، وتتهم حركة BDS في موقعها الالكتروني الدولة العبرية بــ : ( حرمان الفلسطينيين من حقوقهم الاساسية في الحرية والمساواة وتقرير المصير باتباعها سياسات التطهير العرقي والاستيطان والتمييز العنصري والاحتلال العسكري ) ، وقال وزير الخارجية الصهيوني اليميني العنصري المتطرف أفيغدور ليبرمان خلال خطاب له أمام مؤتمر النادي التجاري والصناعي في تل أبيب تعليقا على حملة المقاطعة الدولية للكيان الصهيوني ، يوم الجمعة 7/2/2014 : (لا ينبغي الاستخفاف بالمقاطعة الأوروبية ، ولكن ينبغي عدم الدخول في حالة هستيرية، ونحن نصارع ضد المقاطعة ) .
وحققت الدعوة إلى مقاطعة الكيان الصهيوني مؤخراً زخماً غير مألوف ، ما جعل جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، ينبه قادة العدومن :( مغبة الاستمرارفي الاستيطان وعرقلة محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية ) ، وحذر يائير لابيد وزير المالية الصهيوني من : ( خطورة حملة المقاطعة التي تقف اليوم على شفير الانتقال من أطراف الحياة العامة في المجتمعات الغربية إلى القلب منها ) ، ولو تحقق ذلك فإن الدولة العبرية ستكون معزولة دولياً، مثلما حل بنظام «الأبارتايد» في جنوب أفريقيا ، وسيكون مصيرها كله على المحك ، واقترح السفير الصهيوني السابق في واشنطن مايكل أورين : ( اللجوء إلى أصحاب القوة والقرار في الكونغرس الأميركي طلباً للنجدة ، وليصوغوا المزيد من القوانين التي تحمي إسرائيل من النقد ومن المعارضة ومن الضغط ) . وكان الاتحاد الأوروبي قد اتخذ في يوليو/ تموز2013 ( قرارا ملزما يحظر التعاون مع جهات حكومية أو خاصة إسرائيلية ، تعمل في المستوطنات بالضفة الغربية، وعدم تمويل أي مؤسسات إسرائيلية لديها علاقة بالاستيطان ) ، وشرعت مؤخرا العشرات من الشركات والبنوك وصناديق الاستثمار الأوروبية الكبرى في تطبيق القرار وإلغاء استثماراتها ، و تحجيم علاقاتها التجارية مع الشركات والمصارف الصهيونية العاملة في المستوطنات ، وتعتبر المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي ،وحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ،فأن عدد المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية يبلغ 144 مستوطنة ،مقسمة بين زراعية وصناعية وحرفية، ويصل عدد المستوطنين الى نحو 563 الف مستوطن ، بينهم حوالى 200 الف في القدس الشرقية.
وأظهرت نتائج استطلاع للرأي أجراه معهد "جيوغرافي" ونشرتها صحيفة "ذا بوست" الصهيونية أن : ( 67 في المائة من الاسرائيليين يعتقدون أن المقاطعة ستضر بعائلاتهم بشكل أو بآخر) ، وحذر خبراء ماليون من أن : ( الاقتصاد الصهيوني سيخسر نحو 20 مليار دولار نتيجة المقاطعة الدولية ، وستضرر نحو 30% من الشركات الصهيونية ، بسبب تعاملها مع مستوطنات الضفة، وسيتم تسريح نحو 110 آلاف عامل) ، وتوقف بالفعل 70 مصنعا يعمل في المستوطنات، بالإضافة إلى جميع المزارع المقامة في منطقة الأغوار،على الحدود الفلسطينية / الأردنية عن العمل ، وأكدمسئولون في الخارجية الصهيونية أن : ( حملات المقاطعة قد اشتدت واتسعت ،وأن موجة العداء لإسرائيل ستتصاعد طالما تتجاهل تحذيرات أصدقائها ومنتقديها،والمقاطعة ظاهرة ناجمة عن البناء في المستوطنات، وطالما تواصل البناء في المستوطنات ، فإن هذا التوجه سيستمر، وسيكون من الصعب منعه ، دون التطرق إلى هذه القضية السياسية ) ، وكشفت وسائل الإعلام العبرية أن : ( نتنياهو قلق جدا من أن المقاطعة الأوروبية ستتصاعد في حال فشل المفاوضات مع الفلسطينيين )، واعتبر أن : ( المحاولات لفرض مقاطعات على دولة إسرائيل ليست أخلاقية ، وليست مبررة،ولن تحقق غايتها ، وتعزز التعنت الفلسطيني وتبعد السلام ، ومهما كانت الضغوطات، فلن أساوم على المصالح الحيوية لدولة إسرائيل وعلى رأسها أمن مواطني الدولة ) ، وكتب رئيس حزب "البيت اليهودي" ووزير الاقتصاد اليميني المتطرف نفتالي بينيت في صفحته على موقع (فيس بوك) : ( لم يولد بعد الشعب الذي يتنازل عن بلاده بسبب تهديدات إقتصادية، وكذلك نحن ، ونتوقع من الدول الصديقة لنا ، أن تقف إلى جانبنا مقابل محاولات المقاطعة المعادية للسامية، وألا تكون بوقا لهم ) ، ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" قائمة بالدول والشركات التي تقاطع منتجات المستوطنات ، في مقدمتها ( صندوق التقاعد الحكومي في النرويج )، الذي باع أسهمه في شركة ( البيت معرخوت الصهيونية ) ،و( صندوق الاستثمار التابع للحكومة النرويجية )الذي أوقف الاستثمار في شركتي ( افريقيا – إسرائيل) و( دانياسيبوس) الصهيونيتين، و( شركة القطارات الحكومية الألمانية ) التي انسحبت من إقامة ( مشروع قطار إسرائيل ) الذي يمر من الضفة الغربية المحتلة ، و( صندوق التقاعد الهولندي ) الذي اوقف معاملاته مع خمسة بنوك صهيونية لها فروع في المستوطنات ، وشركة ( فيتنس الهولندية للمياه ) التي أوقفت التعامل مع شركة المياه الصهيونية "مكوروت"، و( شبكة الأسواق التجارية الكبرى في بريطانيا " كواوفرنتيف" )التي قاطعت جميع منتجات المستوطنات،ومجموعة "ماركس اند سبنسر" للأزياء ن ومنظمة عمال البريد في كندا ،والكنيسة البروتستانتية في فانكوفر التي أطلقت حملة لمقاطعة منتجات المستوطنات، وبلدية "مركيفيل" في مقاطعة سيدني الاسترالية التي فرضت المقاطعة على جميع الشركات التي تمارس التجارة مع الكيان الصهيوني ،ومنظمات استرالية داعمة للفلسطينيين دعت لمقاطعة برتقال "يافا" وشوكلاته "ماكس بيرنر"،ومنظمة العمال الايرلندية التي تقاطع المنتجات والخدمات التي تصل من الدولة العبرية ، وقررت ( جمعية الدراسات الأميركية) وهي الأقدم والأهم بين الجمعيات التاريخية الأميركية ، وبموافقة 66 في المئة من أعضائها ، في منتصف كانون الأول (ديسمبر) 2013 الماضي : (تعليق التعاون الأكاديمي ،والمقاطعة الأكاديمية للكليات والجامعات الصهيونية احتجاجاً على سياسات الكيان الصهيوني تجاه الفلسطينيين، وإفشال كل خطوة تنهي الصراع ، وتؤسس لدولة فلسطينية ) ، ورغم أن الدولة العبرية حاولت الالتفاف والقفز على القرار، زاعمة أنه : ( معادياً للسامية ، ويكرس إفلاس المؤسسات الأكاديمية الغربية والأميركية ) ، إلا أن القرار أربكها ، وأخافها ، وقاد الى سلسلة من المقاطعات الأكاديمية لها يف أميركا واربا ، وهو لم يكن القرار هو الأول من نوعه، فقد سبقته سلسلة طويلة من حملات المقاطعة الأكاديمية للعدوفي الغرب ، بدأت عام2002 بسبب الإعتداءات والاجتياحات الصهيونية للأراضي الفلسطينية ،وحصار الزعيم الفسلطيني الخالد ياسر عرفات ،وبادر وقتها الأكاديميان البريطانيان المعروفان ستيفن وهيلاري رور، إلى نشر رسالة مفتوحة في صحيفة "الغارديان" البريطانية تحمل 123 توقيعاً لأكاديميين بريطانيين، تدعو : ( مؤسسات الثقافة والأبحاث الأوروبية والقومية ، التي يمولها الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات على الدولة العبرية ما لم تلتزم بقرارات الأمم المتحدة، وتبدى مسعى جاداً في المفاوضات السلمية مع الفلسطينيين ) ، واكتسب هذا التحرك النوعي زخماً غربيا وعالميا كبيراً، وتحولت رسالة الأستاذين البريطانيين إلى عريضة تحمل 1000 توقيع من بلدان متعددة من بينهم 10 أكاديميين إسرائيليين، وفتحت الباب واسعاً أمام حركات دولية مماثلة تدعو إلى عزل الدولة العبرية ، والضغط عليها ، وتبنت الكنيسة المشيخية الأميركية ، ـــ وهى كنيسة قوية ومؤثرة في الولايات المتحدة ــ في عام 2004 موقفاً مؤيداً لسحب استثماراتها من الشركات التي تتعامل مع الدولة العبرية، والمجلس العالمي للكنائس، الذي يمثل ما يزيد على نصف بليون مسيحي في العالم ، تبنى موقفاً مشابهاً في نفس العام ، ومع تزايد الإعتداءات الصهيونية ضد الفلسطينيين ، اتخذ اتحاد أساتذة الجامعات البريطاني في عام 2005 قراراً بــ : ( وقف برامج التعاون مع الجامعات الإسرائيلية ) ، وكان للخطوة أصداؤها القوية في بريطانيا واوروبا ، وداخل الدولة العبرية نفسها ، والتي أحدثت مايشبه الزلزال السياسي داخلها ذلك الوقت ، بينما ــ وللأسف الشديد ــ لم تحرك ساكناً في العالم العربي ، ورغم أن الدولة العبرية نجحت ــ لاحقا ــ وبفعل نفوذها وسطوتها وتأثيرات اللوبيات اليهودية / الصهيونية في أوروبا في تجميد التوجهات الجديدة للمؤسسات الأكاديمية الغربية ، ولكن ما جرى مؤخرا مختلفاً تماماً عما حدث من قبل ، نظراً لخصوصية (جمعية الدراسات الأميركية ) ، التي تضم أكثر من خمسة آلاف أستاذ وباحث أميركي، ولثقلها البحثي والعلمي بين الجامعات والمعاهد الأميركية والعالمية ، وقد أكد قرار الجمعية أن : ( المؤسسات الأكاديمية الغربية قطعت خط الرجعة مع الدولة العبرية ) ، ومن غير الوارد العودة إلى الوراء، إذ لم تتوقف الاعتداءات والمذابح وسياسات الاضطهاد والتطهير العرقي بحق الفلسطينيين ، وتزداد أهمية القرار ، لتقاطعه مع ( اتجاه أكاديمي غربي لإعادة تقويم العلاقات البحثية والعلمية مع الدولة العبرية ) ، وأيضا كانت ( جمعيات الدراسات الأميركية الآسيوية ) وافقت على المقاطعة الأكاديمية مع الكيان الصهيوني في نيسان / أبريل20013 الماضي ، بالإضافة الى انسحاب عالم الكونيات البريطاني ستيفن هوكينغ الأستاذ في جامعة كمبريدج من مؤتمر أكاديمي صهيوني في أيار / مايو20013 الماضي احتجاجاً على إستمرار احتلال الكيان الصهيوني للضفة الغربية، وتتزامن إجراءات المـــقاطعة مع إقرار الاتحاد الأوروبي العام الماضي :(«مبادئ توجيهية» لاستثناء الأراضي العربية المحتلة منذ 1967 ــ الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة والجولان ــ من أي اتفاق مع الدولة العبرية )، وقد أخذت مؤخرا تتزايد ضغوط ومنظمات المجتمع المدني ، والمؤسسات الأكاديمية الصهيونية على حكومة العدو، وإفشالها عملية السلام مع الفلسطينيين، مما جعل حكومة توافق على ( مشروع قانون يفرض ضريبة بقيمة 45 في المئة على أي تبرعات تقدمها جهات خارجية إلى المنظمات الغير الربحية، التي تنتقد طريقة تعامل الحكومة مع الفلسطينيين ) ، وتخشى الدولة العبرية أن تدعوالأوساط الأكاديمية الغربية لإعادة النظر في ( برامج التمويل الأكاديمي والبحثي ) لديها، ويعتبرالدعم الأميركي والغربي العمود الفقري فـي نفقات البحـث والتـطـويرالعلمي فـي الكيان الصهيوني، وتقدم أميركا والاتحاد الأوروبي(40 في المئة) من موازناته ،وتعمل الدولة العبرية جاهدة ، لإفشال قرار الجمعية الأميركية ، خشية تطور ( الإقصاء الأكاديمي إلى العزل الاقتصادي ) ، خصوصاً مع تزايد الدعوات التي تتبناها أصوات عالمية معتدلة تطالب بمقاطعة الكيان الصهيوني اقتصادياً، وهناك تأييد واسع لذلك في أوروبا، والتي تقيم علاقات تجارية وثيقةمع الكيان الصهيوني ، .وقد تحركت السفارات الصهيونية ، والمؤسسات اليهودية ، واللوبيات المؤيدة لدولة العدو في أوروبا واميركا لكسر قرار جمعية الدراسات الأميركية، وقرار جمعية الدراسات الآسيوية في واشنطن، دون أن يبدي العالم الإسلامي والعربي أي اهتمام بتفعيل وتوسيع مساحة المقاطعة الأكاديمية ،والإقتصادية للعدو الصهيوني ، أودعم ومساندة قرار الجمعيتين ، خصوصا أن اللوبي اليهودي ، مؤسسات الضغط الصهيوني في أميركا ، لإضعاف تأثير قرار «جمعية الدراسات الأميركية» وإفقاده الفعالية والحيوية ، في حال لم تستطع أن تنجح في الغاءه، ورغم كل الضغوط الصهيونية ، فإن آفاق ومساحة المقاطعة للعدو الصهيوني تتسع وتتطور يوما بعد يوم ، وطالبت الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "اسكوا" ريما خلف خلال مؤتمر صحفي عقدته الأسبوع الماضي في تونس العاصمة الدول العربية والغربية بـ : ( مقاطعة منتجات المستوطنات الصهيونية) ، وأكد تقرير ( اللجنة الأممية حول "التكامل العربي" ) الذي استغرق في إعداده الخبراء عامين أن : ( مقاطعة سلع المستوطنات لن يضر بالدول العربية ) ، وطالبت خلف : ( الدول العربية التي تستورد سلعا من الدولة العبرية بشكل قانوني وغير معلن، على مقاطعة "على الأقل سلع المستوطنات"، وهي خطوة سبقت إليها دول أوروبية ) .وأكدت ان : ( المستوطنات موجودة على أرض محتلة، دفعت إليها الدولة العبرية بسكان من طائفة واحدة هي اليهودية، وحرمت سكانها الأصليين من السكن والعيش فيها ) ودعت"اسكوا" في تقريرها إلى : ( إحياء التكامل العربي استنادا إلى التوصيات والمقترحات التي صاغتها القمم العربية ، والبدء في تنفيذ المقترحات الممكنة، ومقاطعة سلع المستوطنات الصهيونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة).
ختاماً...إن المقاطعة الأكاديمية ،والثقافية ، والفنية ،والرياضية ، والتجارية ، والإقتصادية للعدو الصهيوني ، وكيانه العنصري النازي ، هو من اكثر الأسلحة الناعمة فعالية ، وتأثيرا ، وإرباكا ، وإستنزافا لعدونا المجرم ، الذي يستبيح كافة مقدساتنا ، وينتهك حرماتنا ، ويقتل أطهر ,وأشرف أبناءنا وقادتنا ، ونحن كأمة إسلامية وعربية ، وكشعب فلسطيني صابر ومناضل ومظلوم ، نمتلك الكثير من الأدوات والوسائل والأساليب ، لمواجهة العدو ومقاومته ، وإرهاقه ن وإستنزافه ، وإضعافه ، وإرباكه ، ويمكن لكافة هذه الأودات والأساليب والبرامج أن تحظى بإجماع العالم ومساعدته ودعمه لنا ، ولكن قبل كل ذلك .... نحن بحاجة لإعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية ، نحن بحاجة لإعادة التلاحم الفلسطيني ــ الفلسطيني ، والفلسطيني ــ العربي ، والفلسطيني ــ الإسلامي ، وإعادة التعاطف الدولي مع قضيتنا ومظلومية شعينا ، ولن يتم ذلك دون التصالح الجمعي / الجماعي مع الذات ، وإعادة ترتيب بيتنا الفلسطيني من جديد ، لتعود فلسطين ــ كما كانت على الدوام ــ القضية المركزية للأمة الإسلامية والعربية ، ولكل احرار وشرفاء العالم ....