الكورد والترك يقتلون العرب عطشا
يقولون، إن الأكراد سيقطعون المياه عن العراقيين العرب، وقد إحتج عرب كركوك - خاصة القاطنين جنوب المحافظة- . ويقولون، إن مدير ماء كردستان هدد بقطع المياه عن بقية العراق في حال أصرت الحكومة على موقفها من الموازنة الإتحادية، ولم تمنح الأكراد حق الحصول على مايريدون من أموال يرون أنها حق طبيعي لهم، وهم في ذلك يعتمدون الإنقسام الحاد بين العرب السنة ونظرائهم الشيعة من جهة، والإنقسام في التحالف الشيعي من جهة ثانية، ويحاولون عدم التراجع حتى يرضخ المالكي لشروطهم. فهو في النهاية لن يستطيع أن يبعث بقواته كما كان صدام حسين يفعل، ولا أن يرسل طائراته لترمي المواد القاتلة على القرى، ويفر المقاتلون الى الجبال ليتحصنوا بعيدا عن أعين رجالات الحرس الجمهوري، وليس لديه رجل من شاكلة علي حسن المجيد الذي يستطيع التصريح مغردا على (تويتر بدائي) ( أنعل أبو الدولي ).
جرى الحديث عن حرب مياه من عقود، لكنها بدأت تتفاعل أكثر مع قيام الأتراك ببناء السدود العملاقة على الأنهار الداخلة الى الأراضي العراقية، وكذلك الأمر بالنسبة لدولة مثل مصر يمر النيل قبل أن يخترق صحراءها الشاسعة بدول عدة من بينها أثيوبيا والسودان، وهاتين الدولتين الفقيرتين لديهما طموح متنام من أجل النهوض بإقتصادهما المتهاو يوما بعد آخر، وهما لاتملكان الموارد الكافية لتطوير القدرات الإقتصادية، وليست من ثروات حقيقية عدا الأرض والمياه، وتربية المواشي، وزراعة الأرض بالمحاصيل التي يمكن لها لو أستثمرت بشكل صحيح أن تشبع الناس وتكفيهم، لكن ذلك من شأنه أن ينقص حصة مصر التي هي بلد المصب. وكلما قلت نسب المياه الواصلة إليها، كلما قل النشاط الزراعي وإنحسر، وتردت ظروف المعيشة في حين يزداد عدد السكان ويتنامى، ولايقابل ذلك زيادة في المنتج الزراعي والصناعي، ولاوجود لبوادر نهوض إقتصادي مع كل هذا الصراع السياسي، وصعود نجم التطرف، وزيادة حدة العنف.
كان يمكن للعراق أن يعيش هواجس أكثر قلقا لو إن مشروع بناء سدود في سوريا أخذ طريقه الى التنفيذ، وجاءت الحرب الأهلية لتؤجل تلك المشاريع المزمعة بتمويل خليجي، ويدخل الأكراد على خط الأزمة كعامل قلق مضاف من أجل إبتزاز السلطات الواهنة في بغداد لتقدم المزيد من التنازلات المالية، ولايكون لبغداد سوى أن تذعن، فليس من قدرات، ولايستطيع السياسيون الموغلون في الخلافات أن يحسموا أمرهم لجهة وقف إبتزاز الكرد الذين يملكون خطوط هجوم تبدأ من برلمان الإقليم، وتنتهي بالمنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد.
حرب المياه الكردية خطرة للغاية لأنها سكين في الخاصرة، وليست هجوما من الخارج، ولطالما كانت المطالب الكردية قاسية، ولكنها في الغالب تعتمد ضعف المركز فيتحقق منها المزيد، وكلما كانت الموافقات والتنازلات حاضرة، كلما زادت المطالب حتى نصل الى حال من الهوان لايكون ممكنا معه التخلص من الآثار السلبية الناتجة عن تنازلات تكررت.