منخفض جوي جديد ... بإخفاقات قديمة
بعد غياب دام لأكثر من ثلاثة أشهر عاد المطر ليهطل على أردننا الحبيب مرة أخرى بحمد الله وفضله، وتساقطت حبات المطر في ربوع الاردن كافة لتحيي الزرع وتسقي العباد قبل أن تشرع الحكومة بإعلان حالة الجفاف والطوارئ لنقص المياه بأيام قليلة.
ولكن مع كل منخفض جوي يمر على مملكتنا تتكشف العيوب ذاتها، فهل هذا أقصى ما يمكن ان تقدمه المؤسسات الخدماتية في الأردن؟ أم ان بأمكانها تجاوز الأخطاء التي عانينا منها مسبقا؟ أليس من الممكن ان نتلافى الأخطاء التي وقعنا بها سابقا؟.
فعلى الرغم من إعلان كافة الجهات الرسمية الإستنفار والجاهزية القصوى نشاهد مع المنخفض الجوي الحالي تراكم المياه في الشوارع وإغلاق العديد منها جراء انسداد انابيب التصريف، وكذلك إنجراف الأتربة الى الشوارع وإغلاقها، حتى الخلطات الأسفلتية القديمة والجديدة نراها انجرفت وظهرت الحفر في كل مكان، وتراكمت النفايات في الحاويات وكأن البلاد قد أصيبت بالشلل.
ان ما نعانيه في هذا المنخفض الجوي وغيره من المنخفضات السابقة لا يتأتى نتيجة قصور في الأليات الموجودة لدى الجهات الرسمية، بل هو تقصير على مستوى الجهود البشرية التي تعمل في تشغيل هذه الأليات وتقديم الخدمات للمواطنين والحفاظ على ديمومة وإستمرارية الحياة اليومية كالمعتاد.
فتنظم البلديات وأمانة عمان الكبرى عادة حملة ما قبل فصل الشتاء للتأكد من جاهزية أنابيب تصريف المياه لإستقبال كميات الأمطار وتمريرها بسلاسة الى السدود، ومعالجة الخلل في بعض الشوارع المتهالكة، ولكننا نعاني من تشكل البرك والمستنقعات والسيول الجارفة في العديد من الأماكن جراء تقصير الكوادر البشرية وعدم إخلاصهم في أعمالهم.
أما الحديث في مجال ديمومة التيار الكهربائي وعدم إنقطاعه فيمكن تقسيمه الى قسمين، الأول يتعلق في الكوادر البشرية والعمال الذي نراهم يتواجدون في الساحات وأماكن الأعطال مباشرة ولا يتوانون في إصلاحها والعمل على إعادة التيار الكهربائي للمناطق المتأثرة بالإنقطاعات. أما من ناحية إدارة شركات التوزيع فهدفها الرئيسي هو الربح، ولا علاقة لهم بصيانة الشبكة الكهربائية وتحسينها لتتكيف مع الظروف الجوية الصعبة والتي نعاني منها أحيانا، وإضافة ما تتطلبه الشبكة الكهربائية من كاشفات للأعطال وغيرها من الأجهزة التي يجب أن تتوافر في مثل هذه الشبكات في الظروف العادية.
وكعادتها تثبت الأجهزة الأمنية دائما جاهزيتها القصوى في التعامل مع مثل هذه الظروف، فمن المؤكد انكم شاهدتم رجال الأمن العام وهم يقفون تحت الأمطار الغزيرة من أجل التأكد من استمرا حركة السير كالمعتاد، ورجال الفاع المدني يستقبلون المرضى ويساعدونهم في إيصالهم الى المستشفيات بسرعة وكفاءة على الرغم من صعوبة الظروف الجوية. أما القوات المسلحة فهي درتنا المكنونة التي تظهر قيمتها في حل أصعب المشكلات فتتدخل كوادرها البشرية وآلياتها في أحلك الظروف وأصعبها لتعكس صورتها البهية وتحاول تدارك أخطاء الاخرين والتغطية عليها.
إن ما نحتاجه اليوم ليس المزيد من الأليات والسيارات وكاسحات الثلوج والمجنزات والجرافات بقدر حاجتنا الى تدريب الكوادر البشرية في التعامل مع مثل هذه الظروف وزرع روح الوطنية في نفوسهم وحضهم على العمل بإخلاص لتأدية الرسالة التي تم توظيفهم من أجلها وهي خدمة المواطن والحفاظ على سلامة الوطن وسلامة مقداراته.