لغز صمود الفلوجة أمام ضربات الجيش
المدينة نيوز - مدينة الفلوجة أحد أقضية الأنبار والأقرب إلى العاصمة بغداد، ارتبط اسمها بانطلاق شرارة المقاومة العراقية ضد القوات الأميركية عام 2003، ولقنت الجيش الأميركي درسا في مواجهة المحتل أقر به العميد المتقاعد مارك كيميت نائب قائد الجيوش الأميركية السابق في العراق.
وقال كيميت في فبراير/شباط الماضي "إن الجيش العراقي لن يستطيع تحقيق الانتصار في الفلوجة، فقد جرب قبله الجيش الأميركي وفشل في كسر شوكة المقاومة العراقية هناك".
ومنذ أكثر من ثلاثة أشهر يحاول الجيش العراقي -مدعوما بكافة تشكيلاته القتالية، والصحوات- الدخول للفلوجة، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.
خط أحمر
ويقول المتحدث باسم "جيش العشائر"، الشيخ شاكر الذيابي، إن أهالي المدينة وبدعم من ثوار العشائر يدافعون عن كرامة الفلوجة من تدخلات من وصفه "بجيش رئيس الوزراء نوري المالكي ومليشياته".
ويضيف الذيابي إن "ثوار العشائر وفصائل المقاومة مستمرون في دفاعهم عن أهل الفلوجة ولن نسمح لجيش المالكي والمليشيات بالاقتراب من أسوار المدينة".
ويتابع أن الفلوجة التي أذلت الجيش الأميركي لن يستطيع "جيش المالكي" إذلالها، وبين أن "المالكي بقوله إن الانتحاري الذي فجر نفسه، مستهدفا نقطة تفتيش الآثار في مدينة الحلة، جاء من مدينة الفلوجة، يحاول خلط الأوراق وإرباك الأوضاع السياسية عبر تصفية خصومه وبث الأزمات بين المحافظات" ، بحسب الجزيرة .
وبين المتحدث باسم ثوار العشائر أن "جيش الحكومة" تعرض لخسائر جسيمة في العديد والعتاد، إلا أن الإعلام يعتم عليها ولا يسمح لأي وسيلة إعلام داخل العراق بالتطرق إلى هذا الموضوع.
قتلى مدنيون
من جهته يعلل الخبير الأمني علي الحيدري أسباب عدم قدرة الجيش على اقتحام الفلوجة -رغم أن مساحتها لا تتجاوز كيلومترات وعدد سكانها لا يتجاوزون نصف مليون نسمة- بعدم رغبة الحكومة بإيقاع قتلى مدنيين.
ويقول ، إن المسلحين ينتشرون بين البيوت، ويستخدمون أسلوب الكر والفر ضد الجيش العراقي.
ويشير الحيدري إلى أن العشائر في الأنبار تدعم المسلحين الذين يقاتلون الجيش بكل السبل، ويعود هذا الدعم إلى قناعتهم بعدم مصداقية الحكومة في تنفيذ مطالبهم.
في السياق نفسه يؤكد الباحث المتخصص في الشؤون السياسية والإستراتيجية، أمير جبار الساعدي، أن الجيش يمتلك إمكانيات وقدرات وتعزيزات وصلته من الولايات المتحدة وروسيا، ويقول في حديثه للجزيرة نت، إن عدم قدرة الجيش على اقتحام الفلوجة يعود لأسباب سياسية وإنسانية واجتماعية.
ويشير إلى أن الإرادات السياسية سواء من داخل المحافظة أو خارجها تسعى لعدم إجراء الانتخابات أو تفاوض مع الحكومة الاتحادية ما لم تنفذ مطالبها السابقة التي سبقت عملية دخول القوات المسلحة، إضافة إلى الإفراج عن النائب أحمد العلواني.
انتقام المهزوم
ويؤكد الساعدي أن لا حل عسكرياً في مدينة الفلوجة، لأنه ليس هناك مواجهة حقيقية، مبيناً أن ما يجري استنزاف لإمكانات وقدرات الجيش العراقي، من خلال فتح جبهات جديدة في مناطق أخرى تخفف شدة الزخم الذي يمكن أن يكون إذا ما حصلت عملية اقتحام لمدينة الفلوجة.
الكاتب والمحلل السياسي عبد الأمير طارق لا يوافق على تحليلي الحيدري والساعدي، ويرى أن الجيش غير قادر على اقتحام المدينة، ولهذا يلجأ إلى القصف العشوائي بالمدفعية وراجمات الصواريخ والطيران، ويؤكد أن مئات القتلى من الأطفال والشيوخ والنساء قد سقطوا نتيجة هذا القصف.
ويشير إلى أن خسائر الجيش أجبرت حكومة المالكي على الدفع بمليشياته، لارتكاب مجازر بحق أهل السنة في محافظة ديالى، وتحديدا في منطقة بهرز "انتقاما لهزيمتهم في الفلوجة، ولإشغال الرأي العام الداخلي عنها، بنقل الأزمة إلى محافظة أخرى".