الواسطة ظلم كبير للضعفاء

تم نشره السبت 14 تشرين الثّاني / نوفمبر 2009 01:07 مساءً
الواسطة ظلم كبير للضعفاء
شمس محمد المواجدة

العجيب في الواسطة ، أننا نحبها ، بقدر ما نكرهها . ونجري خلفها, حتى  بلغنا درجة متقدمة في الاعتماد عليها . واصبح اليقين لدينا أن أي خدمة ، لا يمكن الحصول عليها إلا بالواسطة . فنذهب باحثين عن موظف نعرفه ، ثم نكتشف بالأخير أن معاملتنا تأخرت بسببه. لأننا أضعنا وقتا طويلا في البحث عنه !!

 

فلهذا تعتبر  الواسطة معيق حقيقي للتنمية ، كما أنها نقيض للعدالة ومؤشر على الفساد الإداري، وفيها ظلم كبير للضعفاء ؛ فإذا كان لا يحصل على الخدمة إلا من لديه واسطة فمن للناس البسطاء والفقراء والمساكين!؟

 

تصور مديراً عاماً ، لديه صلاحيات التعيين ، فانه يحجبها عن عامة الناس . ثم تبدأ عملية التوظيف باجتهاد وفرز منه ، بحيث يعين فقط من جاءه عن طريق وجيه ، أو قريب ، أو صديق ، في حين يقول للمواطن العادي لا يوجد وظائف شاغرة .

 

ثم تصور مريضاً يقال له لا يوجد سرير شاغر، ثم يذهب السرير الشاغر لمريض آخر ، ليس أحوج ، ولكنه يمتلك فيتامين واو. و قد يدخل الجامعة من تقديره مقبول او متوسط ويحرم منها من هو أعلى تقديراً . فالواسطة بقدر ما تنفع أقلية تضر بأكثرية من أبناء المجتمع .

 

إن أي مشكلة يمكن علاجها شريطة الإقرار بوجودها والإجماع على اعتبارها كذلك ، أما إذا لم نعترف بأنها مشكلة فستبقى وتترعرع ، وتفرخ الفساد.

 

والغريب في أمر الواسطة ، أن البعض يضفي عليها الشرعية ، ويسميها شفاعة حسنة . في حين نعلم علم اليقين ، أن الشفاعة الحسنة شيء آخر ، مختلف عن ما يتعارف عليه الآن بالواسطة ؛ فالشفاعة الحسنة هي إيصال صوت الضعيف ، والمظلوم الذي لا يستطيع أن يصل إلى صاحب الشأن ، لضمان حقه وأنصافه . أما الواسطة فهي أن يسلب حق الضعيف ، ليحصل عليه المقتدر أو القادر على الوصول . ولذلك فإن الصيغة الحالية للشفاعة هي واسطة ، وليست شفاعة . إلا أن تكون شفاعة غير حسنة أي سيئة .

 

مع أن الواسطة كأي مشكلة اجتماعية تعتبر نسبية ، ذلك أنها لا تعتبر مشكلة لجميع الشرائح ؛ فهناك فئة مستفيدة من الواسطة ، وغالبا وربما دائماً ما يكون من الشريحة المقتدرة مادياً والمتنفذة اجتماعياً وهي لذلك لا ترى في الواسطة مشكلة ، في حين تعتبر مشكلة حقيقية لشريحة كبيرة من الناس ، وهم الغلابى والضعفاء..

 

إن أول خطوات القضاء على الواسطة ، هو تجريمها اجتماعياً وشرعياً ، ونظامياً ومحاصرتها إعلامياً.. قد يكون في ذلك صعوبة بالغة ، نظرا لتغلغلها في وجدان المواطن ، وتداخلها مع ثقافة المجتمع الذي لم يتخلص من تقليديته التي تخلط بين الخاص والعام ، بل تحول العام إلى خاص ، لتختلط بمفاهيم اجتماعية أخرى كالفزعة والمروءة وغيرها.

 

ومع ذلك فكل مشكلة يمكن حلها . وقد يكون ذلك بالقرآن والسلطان . أقصد بالتوعية وبالأنظمة ، ثم تفعيل تلك الأنظمة بالعقوبات الرادعة . بحيث يكون هناك حملة وطنية تسخر لها كل الإمكانيات. بالضبط ، مثل حملات التوعية بإضرار المخدرات والتدخين وغيرها لأنها لا تقل خطرا عن تلك الآفات وغيرها من الأمراض الاجتماعية لان الواسطة ربما تؤدي  وظيفة اجتماعية لفئة محدودة من الناس، ولكنها في الغالب معيق كبير لحركة المجتمع نحو التقدم.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات