منازل مائية لمواجهة التغير المناخي بهولندا
المدينة نيوز :- يقع ثلث مساحة هولندا حاليا إما تحت مستوى سطح البحر أو بمستواه، ويتوقع خبراء ما يسمى بـ"لجنة دلتا حكومة لاهاي" أن يرتفع مستوى سطح البحر في السنوات المائة المقبلة بنسبة تصل إلى متر ونصف المتر نتيجة التغير المناخي مما يهدد بغرق مساحات شاسعة الأمر الذي تواجهه هولندا ببناء مساكن عائمة فوق سطح الماء.
ففي عام 2011 تولت الشركة المعمارية "مارليس رومير" بناء 43 منزلا عائما في شرق العاصمة الهولندية أمستردام، ضمن مشروع أطلق عليه "ستايغر آيلاند"، وتعني "جزيرة الميناء".
وتقع المنازل الـ43 كالسفن في ميناء، وتطل من الشمال واليمين على أربع مراس طويلة، وكل منزل منها مكون من ثلاثة طوابق وسطحه عبارة عن شرفة كبيرة، أما مساحته، فتبلغ 160 مترا مربعا.
ويطلق على المنازل العائمة أيضا اسم "ووتر ونينغن" بمعنى "مساكن مائية"، وقاعدتها عبارة عن حوض خرساني معبأ بالبوليسترين، وهي غير قابلة للغرق. وهناك حلقات من خلالها تثبت المنازل في أعمدة لتبقى في مكانها، ويمكن من خلالها تعلية المنازل أو خفضها لتناسب مستوى المياه بدون أي مشاكل، وتلك هي الميزة الأهم حسب قول فلوريس هوند، من شركة مارليس رومير.
وإلى جانب ارتفاع مستوى مياه البحار يتخوف الهولنديون من مخاطر ما يسمى بـ"الفيضان من الخلف"، حيث سيؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع منسوب مياه الأنهار، الأمر الذي لن تحتمله السدود الحالية، كما يوضح العضو بلجنة دلتا وباحث في المناخ في جامعة فاغينينغين، بافل كابات.
لكن كابات يؤكد في الوقت ذاته أنه يجب الكف عن اعتبار المياه خطرا وإنما كفرصة وتحد، ولذلك جاء مشروع المنازل العائمة ضمن إستراتيجية جديدة تحمل شعار "الحياة مع المياه"، والتي تركز على التوقف عن النضال ضد المياه وإنما التعود على العيش معها مع منحها مزيدا من المساحات لتتحرك فيها كإنشاء المستنقعات وحفر وتوسعة قنوات وشق أخرى جانبية وتعميق قيعان الأنهار.
"رغم مخاطر الغرق القريبة جدا من بعض الدول بسبب ارتفاع مستوى مياه سطح البحر فإن العيش مع المياه في هولندا أصبح "موضة" في جميع أنحاء البلاد "
وقد نفذت هولندا بالفعل مثل تلك الأفكار ببناء ممر مائي على نهر "إيخسيل"، وهو نهر كبير متفرع من الراين حتى يتم تصريف المياه بسرعة عند كثرتها. كما أن مدينة "نيمفيغن" -التي تقع في جنوبي شرقي هولندا بالقرب من الحدود الألمانية- تعمل على مشروع كبير يقوم على حفر فرع جانبي لنهر الفال بهدف الاستفادة من موقعها المباشر على ضفته.
ويتضمن المشروع إقامة جزيرة بين الفرع الجديد والفرع الأصلي، سيقام عليها مكاتب ومتنزهات ومساكن ومحلات وأماكن تسلية كثيرة تشبه ما هو موجود في جزيرة مانهاتن في نيويورك، وذلك في إطار ما يسمى ببرنامج "الحماية من المياه".
وهناك مشروع آخر يسمى "دي سيتاديل" في منطقة منخفضة مستصلحة من البحر بالقرب من لاهاي، يقام عليها أول مجمع لعمارات عائمة في أوروبا، تضم ستين شقة فاخرة.
لهذا فإنه رغم مخاطر الغرق القريبة جدا من بعض الدول بسبب ارتفاع مستوى مياه سطح البحر فإن العيش مع المياه في هولندا أصبح "موضة" في جميع أنحاء البلاد، حيث بات الناس يتجهون نحو المياه.