نصائح هامة إلى المرشحين الشكليين للرئاسة السورية
يكثر الحديث في الآونة الأخيرة حول الإنتخابات الرئاسية السورية والتي تم تحديد موعدها في الثالث من شهر حزيران القادم. هذه الإنتخابات ستكون الأولى من نوعها وبعد عقود طويلة والتي سيشارك فيها عددا من المرشحين الذين سيتنافسون على كرسي الرئاسة. على كل حال هذه الإنتخابات لن تختلف كثيرا عن الإستفتاءات السابقة التي عاشها الشعب السوري لأن النتيجة واحدة والمرشح الذي "سيفوز" في هذه الإنتخابات معروف مسبقا. ولكن ما يدعو للأسى والحزن بأن الذين سيتنافسون على هذا المنصب, ما عدا "سيادته", أعطي لهم دور شاهد الزور والخائن, لأنهم غير جادين في ترشيحهم, ودورهم في هذه الإنتخابات لا يتجاوز دور الكومبارس في المسرحيات وهم لا يحق لهم أن يكونوا مرشحين حقيقيين. سبب ترشيحهم هو فقط لأن "المسرحية الإنتخابية" تحتاج إلى "غطاء شرعي" لكي يحقق "سيادته" ما يريد. الشيء الآخر والذي هو مؤسف للغاية بأن هؤلاء المرشحين يتم إختيارهم فقط من حوالي 20% من المجتمع السوري لأن النساء لا يحق لهن الترشح على منصب رئاسة الجمهورية ولا للرجال الغير مسلمين وإضافة إلى ذلك فإن نصف الشعب السوريين تم تهجيره إلى نازحين ولاجئين.
حسب تجربتي المتواضعة في الحملات الإنتخابية التي قمت بها في ألمانيا, أحببت أن أقدم بعض النصائح وأطرح بعض الأسئلة - وبدون الدخول في التفاصيل - على المرشحين الذين سينافسون "سيادته" على كرسي الرئاسة.
مرشحي الكريم ...
هل حقا أنت متأكد من أنك مرشح حقيقي ولست بمرشح صوري؟ وهل تريد حقا أن تحصل على صوتي الثمين؟ أرجو منك أولا أن تطمئنني عن وضعك النفسي والصحي لأنني في حالة قلق كبيرة على مصيرك وعلى حياتك. هل حصلت على الضمانات الحقيقية من كل أفرع مخابرات "النظام" ولم تنس أو تتجاهل أي منها, لأن إحتمال إعتقالك بعد نهاية "الإنتخابات" كبير جدا والذرائع لذلك كثيرة وجاهزة منذ الآن. عليك أن تأخذ كل الإحتياطات اللازمة, لأن هذه "الأفرع" والتي يرتكز عليها "النظام" لا عهد لها ولا مبدأ وهي لا تلتزم بأي وعد تقطعه على نفسها. التجارب السابقة هي أفضل دليل على ذلك وما عليك إلا أن تسأل جماعة "ربيع دمشق" لتعلم ما عانوه من ويلات بالرغم من الوعود والضمانات المسبقة التي حصلوا عليها من قبل "النظام".
على كل حال بما أنك قبلت أن ترشح نفسك على أعلى منصب في البلاد وفي الظروف الراهنة, أتصور بأنه لديك الشجاعة الكافية والجرأة والمقدرة والإستعداد على المشاركة في مناظرة تلفزيونية تدور بينك وبين "سيادته" والجدال معه والتطرق إلى كل أخطائه وخطاياه أمام المشاهدين, وإذا تطلّب الأمر, ودعني أقولها لك بالعامية, تستطيع أن "تمسح فيه الأرض" وتضع كل فضائحه وما يقوم به من إجرام وتدمير وتهجير وتنكيل و .. و .. أمام أعين المشاهدين. ربما تقول لي بأنك لا تعرف كل مساويء "سيادته" أو ربما تخونك ذاكرتك في ذلك, فدعني أطمئنك بأن أخطاؤه كثيرة جدا وسأذكر لك بعضها وإن كنت واثقا من نفسك, فستكون أنت الرابح في كل جولات المناظرة. هل توعدني بأنه إذا حمي النقاش والوطيس بينكما تستطيع أن تقول له بأنه هو قاتل ومجرم وحرامي ..وكل ما يخطر ببالك من هكذا صفات لأنها كلها مطابقة لأوصاف "سيادته"؟
أرجو منك أن لا تظهر بمظهر الخائف من "سيادته" أمام الكاميرا أو تصيبك حالة من الرجفان ويصبح وجهك مصفرا شاحبا لأن هكذا حالة سيكون لها تأثيرا سلبيا على الناخبين. أنا أعلم بأنك تدعو الله ليلا نهارا بأن لا تحصل مثل هذه المناظرة, لأنه من الممكن, ولو كان ذلك من باب التمثيل, أن تقوم بتصرف ما, قد يزعج "سيادته" وإذا إنزعج "سيادته" فأنت تعرف والشعب السوري كله يعرف ما معنى ذلك, أي يعني سيكون السجن والذي نسميه في العامية "بيت خالتك" أقرب بكثير من بيت أهلك.
هل تتوقع أن تتم معاملتك في وسائل الإعلام الحكومية المسموعة والمطبوعة والمرئية بالتساوي مع "سيادته"؟ أنا متأكد بأن بعض المحطات التلفزيونية والإذاعات الحكومية والمقربة من "سيادته" ستنقل لنا كل حركة يقوم بها "سيادته" وربما سيهتم البعض منها حتى في أنغام شخيره وهو نائم. وهل تتوقع بأنه سيتم وضع صورتك إلى جانب صورة "سيادته" على اللوحات الإعلانية للإنتخابات في كل شوارع المدن السورية المتبقية وبأسفلها مكتوب إحد شعاراتك الإنتخابية وعلى سبيل المثال "فاليسقط الديكتاتور" أو "بشار مجرم حرب .. إلى لاهاي" أو إحدى فضائح منافسك الأكبر, عفوا "سيادته"؟
هل ستحصل على نفس المساحات الإعلانية في الجرائد السورية التي ستكون مليئة بصور "سيادته" وأقواله المأثورة وستكون هنالك عدة صفحات في كل جريدة وفي كل طبعة تتحدث عن إنجازات "سيادته" في الإصلاح والتطوير ونجاحاته في محاربة الإرهاب ودور "سيادته" في المقاومة والممانعة؟
بالله عليك أن تسأل "سيادته" عما يعرفه عن المجازر التي حصلت في القرن الماضي في حماة وحلب وتدمر وكذلك لماذا تم تعديل الدستور في عام 2000؟ وهل كان هذا من أجل توريثه الحكم أم من أجل شيء آخر ربما نحن لا نعرفه؟ وعليك أن تساله لماذا تعتبر إسرائيل حدودها مع سورية أكثر أمانا من حدودها مع الدول التي وقعت معها إتفاقيات سلام مثل مصر والأردن؟ ولماذا لم يرد "سيادته", ولو لمرة واحدة, على الإعتداءات الإسرائيلية المتكررة ومتى يتوقع "سيادته" أن يكون الزمان والمكان المناسبين لذلك؟ وما علاقة "نظامه" مع تنظيم "داعش"؟ ولماذا كان المالكي عدوا له وإنقلب بين عشية وضحاها إلى صديق حميم؟ وهل خالة "سيادته" راضية عنه؟
سؤال أخير خطر ببالي الآن: هل يمكنك أن تخبرني كيف إستطعت أن تحصل على "تزكية" 35 عضوا من أعضاء مجلس الشعب وكيف قبلتها على نفسك بأن تأتي "تزكيتك" من أعضاء مجلس مليء بالمنافقين والمصفقين؟
لا أريد أن أطيل عليك كثيرا ولكن وفي النهاية أود أن ألفت إنتباهك إلى شيء هام وعليك أن تأخذه بعين الإعتبار مسبقا.
ما أخشاه أن تحصل معك ردة فعل تلقائية إذا ما سألك أحد الصحفيين من هو مرشحك لمنصب رئاسة الجمهورية؟ فتظن بأن الفرصة قد أتت لكي أتقرب من "سيادته" ويكون جوابك وبالصوت العالي وأمام الكاميرا "بالروح بالدم نفديك يا بشار" أو "الأسد أو نحرق البلد" أو غيرها من الشعارات والترهات التي تم حفرها في رأسك ولسنين طويلة. من أجل أن تتحاشي مثل هكذا مواقف محرجة, أنصحك بأن تبدأ من الآن وفي كل يوم ولعدة مرات ببعض التمارين الضرورية أمام المرآة وأن تتعلم بعض الحركات المصطنعة لكي لا تفضح نفسك وتقع في مهزلة لن ينساها كل من سيراها.
للأسف لقد وصلنا إلى حالة ينطبق عليها المثل القائل: شر البلية ما يضحك, لإن ما يحصل في سورية الآن تعجز عن وصفه كل مفردات اللغة العربية والتي هي أكبر لغة في العالم. سيأتي اليوم الذي سيجد فيه علماء اللغة كلمات ومفردات ومصطلحات جديدة نستطيع من خلالها أن نوصف ما نحن عليه الآن من حال, لأن كلمات مثل كارثة أومهزلة أو مأساة لا يمكنها أن تعطينا الوصف الدقيق لذلك. ما نعيشه الآن هي مأساة فوق مأساة ومهزلة فوق مهزلة ورغم كل ذلك فإنه هنالك من لا يخجل ويستخف بعقول المواطنين ويريد أن يضيف على مهازلنا مهزلة إنتخابية جديدة.