مثقفون يتحدثون عن هجرة الشّعراء وكتاب القصة نحو الرواية

تم نشره الإثنين 05 أيّار / مايو 2014 02:09 مساءً
مثقفون يتحدثون عن هجرة الشّعراء وكتاب القصة نحو الرواية
كتاب - تعبيرية

المدينة نيوز:- غدت الرواية وجهة كثير من الكتاب العرب الذين اعتبروها ديوان العرب الحديث بعد ان تربع الشعر على سدة الثقافة العربية لفترة طويلة .

وفي هذا الصدد تقول القاصة والروائية جميلة عمايرة ان الامر يبدو لكثيرين من الكتاب كما لو كان موضة يجدر اللحاق بها وبسرعة , في حين يجيء الامر عند اخرين حسب مقتضيات السياق والعمل الابداعي ومتطلباته ، فيكون طبيعيا , ولا يبدو الامر هجرة الحقل الابداعي الى آخر بل امتداد نوعي وابداعي اقتضته الرؤية الابداعية لدى الكاتب .

وتؤكد لوكالة الانباء الاردنية ( بترا ) ان الرواية التي تحتاج الى وقت طويل للقراءة تسيدت الحالة الابداعية برمتها , في حين لا يحتاج الشعر الى وقت طويل لقراءته او تذوقه .

وتقول عمايرة انها لا تعرف سبب هذه الظاهرة بشقيها لجهة تحول الشعراء وانزياح الشعر للوراء بعيدا نحو السرد الروائي وتسيده للمشهد الابداعي برمته مشيرة الى اننا نجد ان الغث والسمين يختلط في هذا المشهد الروائي الابداعي من قبل بعض الكتاب تبدو موهبتهم ضعيفة او ليس لديهم موهبة, لكنهم يدلون بدلوهم في هذا المجال .

وتقول استاذة النقد الحديث في جامعة البترا الدكتورة رزان ابراهيم ان هجرة الشعراء إلى الرواية ظاهرة أدبية تتقدم وتتأخر وهي مرهونة بحركة الزمان مضيفة ان انصراف الأدباء إلى الرواية بدلاً من الشعر , ياتي بسبب ان الرواية تقع في دائرة ما تمتلكه من بنى وامكانات خاصة في نسيجها الفني وهي الأقدر على محاكاة ظروف الزمن الراهن والتعبير عنه.

وتضيف ان الرواية أصبحت الأكثر تماساً مع واقع اجتماعي سمته التشابك والتعقيد, والشاعر إذ يختار أن يكتب رواية, فإن هذا لا يمنعه من ممارسة لغة شعرية يوظفها فيما يكتب, وهو أمر بات شائعاً في زمن يسمح بتداخل الأجناس الأدبية ولا يستهجنه أبداً, والأمثلة على ذلك كثيرة في وطننا العربي.

وتقول الدكتورة ابراهيم : هناك فجوة حقيقية بدأت بالاتساع بين الشاعر وجمهوره سببها ما أصبح يدعى جماليات حداثية اختفى على إثرها المعنى , لتغدو القصيدة مجرد أصوات أو ظاهرة صوتية يصعب فهمها, لنقول إن ذهاباً للمعنى مرده تراكيب غريبة على أذن القارئ العربي أودى بجماهيرية هذا الجنس الذي عُد في يوم من الأيام ديواناً للعرب .

وتشير الى أن مزاجاً عاماً منحازاً إلى الرواية ترك أثره على دور النشر التي تدرك جيداً أن الزمن الآن هو زمن الرواية, بدليل ان مؤسسات ثقافية عديدة باتت تخصص جوائزها الكبرى للرواية وقلما نسمع عن جوائز كبرى مخصصة للشعر .

ويقول الدكتور وصفي تيلخ انه لوحظ في السنوات الاخيرة ميل كثير من المبدعين في الشّعر إلى فنّ القصة والرواية ,لاسباب بعضها فنّي , وبعضها سيكولوجيّ ، وبعضها للاسف مادي مضيفا ان الأسباب والبواعث الفنية ، مردها الى أن عالم القص , فضاء للسرد ومساحة للسيمياء ، ما يجعل من القصة أو الرواية بابا أوسع من الشعر، ومن منظور فني .

ويضيف : في الرواية تحلّل من قيد "وحدة الانطباع"، الذي لا يبرح أن يكون سبباً في قراءة القصيدة قراءة أُحاديّة ، والرواية ، إذ هي مشروع قراءة متعدّدة غير أُحادية ، تبدو متحرّرة من هذا القيد ، وهو ما أغرى كثيراً من الشعراء إلى ولوج فضاءات السّرد ،للخروج بأعمال تظفر بقراءات متعدّدة المنظورات ، وهذا الأمر يجعل مستهلكي العمل الأدبي أكثر عدداً ، ما يعود بالنّفع على المبدع .

ويقول ان كثيرا من الشّعراء وجدوا أنّ العمل الروائيّ كان ذا عائد أكبر عليهم من الشّعر، ولا سيّما أن التّنافس على حصْد جوائز ماليّة مجزية في حقل الرّواية ، بات أمراً لافتاً للنظر , مثل جائزة بوكر للرّواية التي يتقدّم للظّفر بها مئات القاصّين والروائيين في الوطن العربي.

ويؤكد أنّ هذا الميل إلى الرّواية نذير بتدنّي الذائقة الشّعريّة في الوطن العربي، وفي الحقّ أنه النّذير الثّاني ، بعد أن عدَل الشّعراء عن موزون الشّعر إلى ما بات يُعرف بالشّعر الحرّ .

ويقول القاص والكاتب السوري ملكون ملكون انه في زمنٍ يعيد فيه الجميع صياغة رؤيتهم لكل مناحي الحياة من جديد لا ضير ان تتغير الرؤية والتركيب للجنس الادبي بعيداً عن مقاييس نقاد لا يتقنون سوى قوالب نقدية جاهزة يطبقونها على الكتب التي يقرأونها .

ويضيف : ما الضير ان كان المبدع يملك موهبة السرد واللغة الشعرية ان يضّمنها في عمل روائي وهذا لا ينقص من جمالية العمل إن كان مشغـولاً بحكمة ودراية مستشهدا بان الكاتبة الألمانية هيرتا موللر الحائزة على جائزة نوبل للعام 2009، شاعرة وروائية وكاتبة قصة قصيرة ، لكن الاهتمام باعمالها الروائية كان اكثر لان تقويم الرواية اسهل بكثير من تقويم الشعر .

ويؤكد ان الشعر والقصة ليسا بديلاً عن الرواية أو العكس ، بل إنهما شكلان جماليان سيكون الكاتب صاحب حظ كبير إذا ما استطاع الجمع بين كتابة الشعر والقصة والرواية على الوتيرة ذاتها من الجودة والإتقان.

ويقول ملكون ان القصة تطورت بشكل كبير وواضح فهي لم تعد مجرد سرد يقوم على لغة تقليدية سائدة، وحتى في موضوع التكنيك فهي لا تقوم على التعاريف القديمة للقصة (مقدمة ثم عقدة وذروة ونهاية) القصة الحديثة تلاقحت مع الشعر على مستوى اللغة أو السرد أو الحبكة وطريقة بنائها وحتى أيضاً في الموضوعات التي بدأت تنحو إليها.

ويختلف الشاعر هشام عودة مع زملائه من الكتاب مؤكدا أن توصيف الهجرة ليس هو ما يمكن أن ينطبق تماما على اهتمام بعض الشعراء أو القاصين بالرواية، فهؤلاء جميعا يعملون في حقل اللغة.

ويقول وهو عضو الهيئة الادارية لرابطة الكتاب إن القصيدة والقصة القصيرة تحتاجان إلى تكثيف في اللغة والصورة والبناء الفني، بعكس الرواية التي قد تحتمل الإفاضة والإطالة والشرح والتفسير.

ويعتقد عودة أن الشاعر الجيد والقاص الجيد لا يهجران حقلهما إلى حقول أخرى، ويقول انه ما زال مؤمنا بأن الشعر ديوان العرب وأننا أمة شاعرة ، والحديث عن سوق الرواية هذه الأيام لا يستند إلى قراءات دقيقة، فما زال الشعر هو الأكثر بهاء في بستان اللغة.

ويقول ان ما يسمى بالرواية الحديثة، التي تستوعب كل الفنون، دفع بعض الشعراء والقاصين للتجريب ، إضافة إلى سحر الجوائز العربية والدولية، غير أنه ما زال يعتقد أن كل هذا لن يسرق من الشعر قوة حضوره في الحياة العربية.

ويعتبر الشاعر السوري فاتح ناصيف ان الهجرة من الشعر والقصة إلى الرواية ، نفاذ لطاقة الخيال القوية والمتحفزة ، والتي يجب أن يمتلكها الشاعر أو القاص ، ليعبر بنا بأقل لغة ممكنة إلى المكان الذي يريد أن يأخذنا إليه , وان الرواية عمل متراخ يحتمل الحشو الكثير ، كي يكتمل .

ويقول ان التنوع في الكتابة الأدبية ، لا يفيد الكاتب والتخصص هو المطلوب , فالشاعر للشعر ، والقاص للقصة ، والروائي للرواية .

ويقول الكاتب والناقد ايمن دراوشة انه في عصر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وغير الاجتماعي والمواقع الإلكترونية اتجه الكتاب والأدباء إلى كتابة القصة والشعر كونهما أسهل من الرواية لناحية الجهد والوقت والقدرة الفنية والتكثيف اللغوي والمعنوي والزمن والمكان والحبكة والشخوص ، والقراء يحبذون الأجناس المختصرة ، وإلا , فلن تنال القصة أو القصيدة الطويلة سوى (لايكات) إعجاب دون قراءة ، أو مجاملات عامة , وهذا واضح من خلال المواقع المتنوعة ما جعل الأغلبية يهجرون الرواية ..

ويستدرك دراوشة " لكن بعد مضي الوقت وتنبُّه الكتاب إلى أن تأليف القصص والشعر أصبح لمن (هب ودب) خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الكترونية ، اتجهوا لكتابة الرواية كونها الأكثر نفساً وقدرة على الاستعراض الفني وإظهار البراعة من القصة القصيرة أو بما يسمى بالشعر وهو بعيد كل البعد عـن الشعر" . ويقول ان من يستطيع كتابة قصة , يصعب توجهه للرواية , وهذه تجربة ومغامرة محسوبة على كاتبها ذلك أن الرواية ليست فنا بسيطا ، ولا وجها للمقارنة مع القصة ، أو قصيدة نثرية لا معنى لها ، ففترة الزمن في الرواية طويلة قد تكون أجيالاً كما أنّ َالحوادث كثيرة وليست حدثا واحدا كما القصة , والمقصود أن الكاتب المتوجه للرواية اتخذ القرار الصائب طالما كان واثقاً من نفسه ونجاحه ، والمهم هو أن أكثر المسابقات المحلية والدولية والعربية أصبحت تولي اهتماماً للرواية أكثر من الشعر والقصة وربما اختصت المسابقة بالرواية وحدها. ويشير الى أن أكثر الكتاب (شعراء وقاصون ) ممن يتجهون للرواية رأوا أن الرواية كجنس أدبي هي الأقدر على الخوض ، وهي الأكثر طلباً وتحديا من غزو القصة والشعر الضعيف (الركيك)، ويفعلون جادة الصواب طالما أثبتوا قدرتهم ومهارتهم في صياغة رواية ناجحة.

( بترا )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات