في ضرورة تفعيل سياسة الباب المفتوح في الوزارات والدوائر الرسمية
ترتاح النفوس للنهج المُتَّبع في وزارتٍ ودوائرَ ومؤسساتٍ حكومية وهو التطبيق الفعلي لسياسة الباب المفتوح، حيث يمكن للمواطن التوجه للمسؤول مباشرة لِبسْط شَكواه أو طرح استفساره أو إبداء رأيه في شأن ما. هذا التواصل قرَّب الناس أكثرَ من مؤسساتنا الرسمية وأعطى القائمين عليها صورة أوضح لحاجات الناس، مَا أسْهَم في رَسم السياسات لمزيدٍ من التطوير والتحديث. وعليه فإن تعميم هذا النهج يجدر أن يكون على رأس أولويات مَن لم تزل مكاتبهم مُوصَدة. وهناك مِن المسؤولين مَن يُصْدِر حال تقلُّدِه مَنصبه الجديد تصريحات تفيد أنَّ باب مكتبه سيبقى مُشرَّعاً لاستقبال من لديهم قضايا وشكاوى أو يرغبون الإفصاح عن أي شأن. وهناك من يُصرِّح عن تخصيص يومٍ في الأسبوع للغرض نفسِه. ومع أهمية هذا النهج الذي يُحطِّم الحواجز ويُشجِّع على عدم الشعور بالحَرَج في حالِ رغبة المواطن التعبير عمَّا يُعاني منه أو يُريد إيصاله للمسؤول مباشرة، ومع إقرارنا بقيام كوكبةٍ من المسؤولين بإتباع هذا النهج والتمسَّك به، إلاَّ أنَّ هناك مِن الذين يُطلِقون الوعود تجِدهم وبعد فترة وقد فتر حماسهم فتوصَد الأبواب ويُصبح حتى اليوم المحدد في طيِّ النسيان. وأمام هذا الواقع يتولَّى مدراء مكاتبهم وطاقم السكرتيريا تقديم الأعذار، ومِنها: المسؤولُ يرأس اجتماعاً ستطُول مُدَّته، أو في جولة تفتيشية، أو في دار الحكومة أو البرلمان، أو في استقبال رَسْمِيٍ أو توجَّه لرعاية مناسبة. ومع تفهُّمِنا أن طبيعة العمل تقتضي أن يَفي المسؤول بالالتزامات والمستجدات الطارئة لكن أن يقطع صِلات التواصل مع الناس نهائياً فهذا لا يصبُّ في المصلحة العامة، ولا يُحقق ما ننشُده في ضرورة الشَّرَاكة والتفاعل مع المواطن لاستجلاء حاجاته وتفهُّم مطالبه مباشرة، ما ينعكس بالتالي على بناء سياسات أجدى لخدمة الناس ولتطوير وتحديث عمل مؤسساتنا الرسمية .
ومن اللافت تجاوز بعض مدراء المكاتب حدود مهماتهم، فتجد إصرارهم على الدخول بأدق التفاصيل عن سبب رغبة المُراجِع -أو المُراجِعَة- بلقاء المسؤول، يواكب هذا التدخل أو التَسلِّي بأسئلة شخصية، هذا الأمر يجب وضع حدٍ له لِما يُسبِّبُه مِن حَرَجٍ ، فقد يكون هدف المقابلة الإبلاغ الشفوي عن مظلمة مع أحد الموظفين، أو لأغراض أخرى لا يجوز أن يعلم بها مدير المكتب أو -السكرتيرة- فإنْ تمَّ تداول ما أفضاه المراجع انعكس عليه بشكل سلبي. وفي السياق، فإن ظاهرة إغلاق أبواب المكاتب قد انتقلت إلى نِسبة مِن نُوابِ مسؤولينَ ومساعِدِيهم ومدراء أقسام ، مع تعدُّد الأعذار !
إن الحديث عن الانفتاح والشراكة والتواصل مع المواطن من خلال سياسة الباب المفتوح يجدر أن يُفعّلَ أيضاً بين المسؤولين وكوادر موظفيهم فَهُم أعْرَف بجزئيات العمل ومعوقاته وسُبُل تطويره. نفهم ونحترم السِّلم الوظيفي، لكن إنْ لم يجد الموظف أذُناً صاغية من مديره المباشر الذي غالباً ما يُزخرف الأمور، أليس من المصلحة أن يتوجه للمسؤول الأول أو نائبه ويبسِط أمامه واقع حال العمل وتحدياته وآليات تحسينه ، دون شعور بالرهَبة من التعرض لأي إجراء ينعكس على نقله أو اقتلاعه من مكانه وكأنه انتقص من مكانة مديره المباشر؟ وختاماً إنَّ شوق موظفي الدوائر والمؤسسات المنتشرة في أرجاء الأردن لزيارة وزرائهم المَعنيين للتعرف عليهم على أرض الواقع واستجلاء واجباتهم واحتياجاتهم، لا حدَّ له.