الأهداف الحقيقيه وراء إطلاق مبادرة التهدئة
سارع أصدقاء اسرائيل من الأوروبيين والعرب والأمريكان في تبني المبادرة المصريه (وقف اطلاق النار في قطاع غزة بدون شروط مسبقه) وما صدر عن الاجتماع الطارئ الذي عقده وزراء خارجية العرب في القاهرة ،الاّ تأكيدا على دعم المبادرة المصرية التي تفوح منها رائحة خيانة المقاومة وإجهاض مكتسباتها السياسية والعسكرية ، فمضمون المبادرة باختصار وقف إطلاق النار بين الطرفين بمعنى تهدئة مقابل تهدئه والعودة الى المربع الاول في حصار غزة باغلاق المعابر واعتقال الفلسطينين والتضييق عليهم في استخدام الأراضي الزراعيه ومياهها الإقليمية على شواطئ غزة ، ضاربين بعرض الحائط التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني، فدماء الشهداء ومعاناة الجرحى والمصابين في غزة تشهد أنهم لم يبخلوا بالغالي والرخيص لنيل حقوقهم الوطنية المشروعة في حقهم في الحياة والحرية والبناء .
وفي قراءة للأهداف الحقيقية للمبادرة المصرية نضع أمام القاريء الكريم بعض التصورات :
أولا : إحراج حماس وقوى المقاومة في قطاع غزه أمام المجتمع الدولي من خلال رفضها المبادرة المشؤومه وإظهارها أمام العالم على أنها هي التي ترفض التهدئه (وقف اطلاق النار بي الجانبين بدون شروط مسبقه) وأنها ليس لديها رغبة في الحفاظ على حياة المدنيين والاطفال والشيوخ، وبذلك يتم تحميلها مسؤولية سفك الدماء الفلسطينية في الايام القادمة، في حين ظهرت إسرائيل على أنها حريصة على التهدئة والحفاظ على حياة المدنيين من خلال موافقتها الشكلية على تنفيذ وقف إطلاق النار ولو لعدة ساعات ، وانها أصبحت في حال دفاع عن النفس ضد الهجمات الصاروخية التي تطلقها المقاومة من قطاع غزه وبهذا تمتلك شرعية الدفاع عن نفسها بعدما كانت بنظر العالم معتدية فهي من قام بالعدوان على قطاع غزة وهي التي خرقت اتفاقية الهدنة التي وقعت في عام 2012
ثانيا : جعل حماس المقاومة في قطاع غزة في مواجهة السلطة الفلسطينية خصوصا بعدما أكد عباس عقب اجتماعه مع شتاينماير وزير خارجية المانيا في رام الله على ضرورة التزام كافة الأطراف بالمبادرة المصرية الساعية لتثبيت وقف إطلاق النار "حفاظاً على حياة أبناء شعبنا ووقف إراقة الدماء وتجنيب المنطقة مزيداً من التدهور" وفي ذلك تهديد حقيقي للمصالحة الوطنية الفلسطينية التي تمت قبل مدة قصيرة وربما سقوط حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني التي يرأسها رامي الحمد .
ثالثا : إجهاض أي مكتسبات سياسيه أو عسكريه حققتها المقاومة الفلسطينيه التي أظهرت أن لديها قدرات عالية في مباغتة الكيان الاسرائيلي من خلال العمليات النوعية (في عدد ومدى الصواريخ ) التي اطلقتها المقاومة وهي بحقق حققت معادلة توازن الرعب وأثبتت أن أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر مجرد وهم صنعه الإعلام المستسلم .
رابعا : أعطت المبادرة المصريه الأريحية للأنظمة العربية وخصوصا للنظام المصري الجديد في انه استطاع أن يجبر إسرائيل على القبول بمبادرة وقف إطلاق النار ( ظاهريا) بعدما سقطت هذه الأنظمة شعبيا واعلاميا وسياسيا امام شعوبها من خلال وقوفها موقف المتفرج والتي اكتفت بحملات التبرع بالدم والتنديد والشجب ، فهذه الأنظمة لم تكن في يوم من الايام مع نهج المقاومة بل هي متواطئة في قمع شعوبها التي تسعى لنيل حريتها والحفاظ على كرامتها وامتلاك إرادتها، ويقيني أننا سنرى في الأيام القادمة الأبواق والمنابرالاعلامية والاقلام التي تبرر استمرار العدوان على اهلنا في غزة بحجة أن المقاومة الفلسطينية هي التي رفضت وقف التهدئة وربما نسمع اصواتا تتهم المقاومة على انها جماعات اراهابية بعدما صنفت الحكومة المصريه حماس على انها جماعة ارهابية وبقرار من مجلس وزرائها .
خامسا : محاولة نزع سلاح المقاومة والقضاء على روح المقاومة لدى الشعب الفلسطيني وخنق الامل الذي بدأ يسري في روح الشعوب العربية والاسلاميه، لان في ذلك تهديد للأنظمة الاستسلامية التي تدور في فلك امريكيا واسرائيل المحتلة ،وتصنف أي قوى معارضة على انها جماعات ارهابيه كل ذلك تمهيدا لإتمام مشروع انهاء حلم الدولة الفلسطينية.
ومع ذلك استطيع القول أن غزة أعادت خلال الايام الماضية الروح للشعوب العربية وكتبت في سجل التاريخ ان الإرادة الحرة للشعوب قادره على هزيمة أعنى القوى المحتله ...غزة بدم شهداءها وعزيمة مقاوميها وصبر شعبها سجلت انتصارا عظيما لانها أبت أن تنصاع لبيت الطاعة الأمريكي وصمدت وقاومت فهي بحق عنوان كرامة الأمة العربية .