تخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون..؟!

تم نشره الجمعة 25 تمّوز / يوليو 2014 01:53 صباحاً
تخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون..؟!
حسين الرواشدة

لماذا اختار الله تعالى كلمة (اقرأ) لتكون اول أمر الهي الى عباده من الناس أجمعين؟ اعتقد ان كل ما يرتبط بالانسان ، في دنياه او في آخرته ، مرتبط بالقراءة التي تفضي الى العلم والمعرفة ، والنظر والتبصر ، وتفعيل العقل للاحاطة بكل ما حوله ، فهماً وتمحيصاً ، استكشافاً واستبصاراً واستدلالا.. باعتبار ذلك الطريق الى الايمان واليقين والسعادة. لكن لماذا (القراءة) والعلم هما البداية ، الا يرتبط ذلك باقرار المسؤولية التي يتحملها الانسان لانجاز مهمته في هذا الكون ، عمارة وخلافة ، وخضوعه - بالتالي - للقوانين الكونية التي يخضع لها في الدنيا والموازين الجزائية التي سيخضع لها يوم القيامة؟

اذنن ثمة ارتباط بين القراءة وفعلها (اقرأ) المفتوح على كل اصناف المعرفة والتعقل والتفكر وبين (المسؤولية) هذه التي يحددها الاسلام في علاقة الانسان بربه اولا ، وتندرج تحتها علاقاته بالاخرين او - حتى - بضميره ونفسه ناهيك عن الموجودات والاشياء الاخرى.

لا مسؤولية اذن ، بدون (قراءة) ووعي ومعرفة وعلم ، ولا مسؤولية بدون حرية وارادة (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) بل انه اذا حصل اكراه او نسيان او اختلال في العقل تعطلت المسؤولية (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا او أخطأنا) ، وهذا كله يعزز مفهوم المسؤولية التي يعتبرها الاسلام (أمانة) ، وجدت منذ ان خلق الله الانسان واصطفاه لعمارة هذا الكون ، (انا عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال فأبين ان يحملنها ، وأشفقن منها ، وحملها الانسان ، انه كان ظلوماً جهولاً) ، ظلوماً حين عطلها ، وجهولاً حين لم يحط بها علماً وفهماً ودراية.. ولهذا فان من يخون الامانة التي هي المسؤولية ، بكل انواعها ، يخون الله ورسوله.. والشرط الذي تتحقق فيه (الخيانة) هو (العلم) بها ، وادراك مخاطرها (او تخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون).

باختصار اصل المسؤولية الذي يجعل منها امراً معقولاً ، ناهيك عن انه تكليف الهي (المسؤوليات تكاليف) هو انه اذا كان هنالك حق في هذا الكون فيجب الاقرار به لانه حق ، ويجب اعتبار التوافق معه امراً طبيعياً ، كما يقول فقهاؤنا ، ولما كان ادراك هذا الحق يتوقف على العلم به فان هذا العلم يطوقنا بالمسؤولية ، وبما ان شعورنا بالالتزام بالحق لذاته هو منبع المسؤولية فان هذا الالتزام هو النواة الصلبة للمسؤولية ، وبهذا يبدو مفهوماً معنى كون الانسان مسؤولا من خلال محاسبته على افعاله ، إما امام من اناط به هذه المسؤولية ، وإما امام ضميره ، وإما امام القانون والمسؤولية محددة - دائما - بالوسع والاستطاعة (فاتقوا الله ما استطعتم) وقد عبر عنها القرآن الكريم (بالامانة) كما قلنا لانها ميثاق بين الانسان وخالقه.. وتكليف الهي وقيمة مرجعية لكل ما في الدين من قيم.

( الدستور 25/7/2014 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات