صوت المجتمع الذي لا نسمعه!!

تم نشره الثلاثاء 19 آب / أغسطس 2014 12:46 صباحاً
صوت المجتمع الذي لا نسمعه!!
حسين الرواشدة

أخشى ما أخشاه أن يكون الصمت أطبق تماما على مجتمعنا، وأن لا نجد تفسيرا لهذا ( الصمت) الا في معجم ( اليأس)، ومصدر خشيتي ان كل ما يحدث من تجاوزات، سواء أكان أبطالها معروفين أم مجهولين، وكل ما نواجهه من تحديات، سواء أكانت داخلية أو خارجية، يمكن أن نفهمها ونواجهها، الا ان ( موات) المجتمع أو انكماشة او عدم قدرته على الحركة و الرد، سيجعلنا ( فريسة) سهلة لأي خطر، وسوف يسوغ لنا ( قابليات) عجيبة و غريبة لاستقبال ( الطارق) مهما كانت هويته، و الاحتفاء ( بالبديل) مهما كان شكله.
للأسف، ترتفع الاصوات التي نستنكرها و نرفضها، وتتعدد انواع الاخطار التي تهددنا، لكن الصوت الوحيد الذي لم نسمعه حتى الآن هو صوت المجتمع و ضميره العام، صحيح ان ( أنينه) أحيانا يصلنا، واحيانا نكاد نتلمس ( صوته) المبحوح، لكن هذا كله - وإن كان غير كاف- الا انه يعبر عن حالة ( الانحباس) التي يعاني منها مجتمعنا، بعد أن انسدت أمامه أبواب ( التغيير) ،و التعبير الحقيقي ايضا ( لا مجرد الصراخ) ، وأصبح غير قادر على فهم ما يحدث حوله أو ما يرسم له أو ما يطلب منه.
كان يكفي -فقط- أن يصحو مجتمعنا على ( بلوى) التطرف الذي أطل برأسه علينا من تحت ( عباءة) داعش لنطمئن انه بخير، لكن ماحدث في مؤسساتنا كلها، و في مقدمتها المسؤولة عن المجال الديني، انها اغلقت ( لواقطها) وكانها غير مسؤولة عن نفير شبابنا نحو ( كهوف) داعش واخواتها، أو غير معنية (بملء) الفراغ الذي سمح لأفكار هؤلاء الحمقى بالتمدد افقيا و عموديا...أو كأن ( داعش) كائنات فضائية لم تحتل نصف العراق، ولم تتحول في سوريا الى ( قوة) ضاربة أو في لبنان و ليبيا و غيرهما الى ( لاعب) يمارس هواية ( القتل) في أي ملعب يختاره .
كان يكفي - ايضا- ان يخرج مجتمعنا عن صمته ليستدرك قطار ( نفاذ) صبر الناس الذي يسير بسرعة جنونية بعد أن تعطلت عجلات قطار ( الاصلاح) بفعل فاعل، وأن يعبر ضميره العام عن (مخاوفه) مما وصل اليه اقتصادنا من تراجع، أو أن تحذر النخب المحسوبة علينا مما يصدر الينا من مقررات واجراءات، أقل ما يمكن ان يقال عنها بأنها ( غامضة) .
حين يفقد المجتمع - أي مجتمع- قدرته على ( النطق) و يستغرق في آلامه واحزانه، ويعجز عن الحركة و عن مجرد ( الكلام) ، وينام ( ضميره) أو ينحرف عن مساره الطبيعي، فمن واجبنا جميعا أن ( نتحسس) رؤوسنا، وأن نقف مذعورين أمام ما يمثله ذلك من خطر، فالمجتمع لا يصل الى هذه الدرجة من ( الاحباط) الا اذا أحس بأن ما يجري أكبر من إمكانياته على المواجهة، وبأن ما يمكن ان يستدركه فات وقته، و بالتالي فإن خيار ( الانتظار) أجدى من خيار الانتحار.
لا نحتاج الى عيون ( زرقاء اليمامة) حتى نرى ما حولنا وما يمكن ان يمتد الينا وما حدث لغيرنا، يكفي ان ندقق في صورة ( داعش) واخواتها في الخارج و في الداخل لنكتشف بأن قدرتنا على مواجهة ذلك يعتمد على ( مناعة) مجتمعنا و صلابة عوده، و على مالديه من امكانيات وادوات، فإذا كانت ( مناعته) مفقودة، وامكانياته وارادته مسلوبة، فليس أمامنا الى ان نصرخ بأعلى صوتنا من أجل انقاذه و تغيير صورته واعادة العافية اليه.
نخطئ حين نتصور بأن ( امتناع) المجتمع عن الحركة و استسلامه للأمر الواقع، دليل على الصحة و السلامة و مصدر للإطمئنان و السعادة، ونخطئ ايضا حين ننام على ( عسل) ابتلاع المجتمع لكل ما يصدر اليه من مقررات، أو حين نعطل لواقطه عن الاستقبال و الارسال، ذلك أن المجتمعات الحية هي التي تحمي نفسها بنفسها من الاخطار، وتحافظ على استقرارها وتدافع عن مكتسباتها وترد عنها( العاديات)،وأي عبث بوحدتها أو أي محاولة ( للتغطية) عليها أو ( القبض) على روحها أو تخويفها سيكون بمثابة ( اعلان) وفاتها....وحسبنا ان ننتبه لما يجري حولنا لكي نتعلم من دروسها، وأول الدروس ان نسمع صوت مجتمعنا و نرد عليه بما يلزم من اجابات ونطمئنه على أننا نسير به في الاتجاه الصحيح.

(الدستور 2014-08-19)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات