المؤتمر الأرثوذكسي العربي الأردني

نظمت اللجنة العليا لشمال الأردن بالتعاون مع الجمعية الأردنية الأرثوذكسية في الحصن مؤتمراً وطنياً جامعاً، حول أهم التحديات التي تواجه الأمة العربية في هذه المرحلة الحرجة جراء مخاطر التهويد التي تتعرض لها القدس، والمقدسات الإسلامية والمسيحية على حد سواء، وجراء الاختراقات الإستعمارية التي تحاول العبث في النسيج الاجتماعي العربي، واضعاف أواصر الإخاء والعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين، وضرب مقومات الوحدة في الجسد العربي الواحد.
المؤتمر يعد بادرة وطنية صحيحة، ذات أهداف سامية ومضامين نبيلة تعبر عن انتماء وطني أصيل، يستحق الإعجاب والإشادة والدعم والمشاركة، من أجل خدمة غايات المؤتمر التي تهدف إلى صيانة النسيج الاجتماعي من العبث والاختراقات المشبوهة، وصيانة الوحدة الوطنية من عوامل الفرقة والنزاع التي يثيرها الجهلاء وقصار النظر الذين لا يفقهون مقاصد الدين والشريعة، ولا يملكون الرؤية السليمة والفهم العميق لمسيرة الأمة الحضارية.
أختتم المؤتمر أعماله وأصدر بيانه الختامي الذي احتوى على جملة مضامين، وقضايا في غاية الأهمية، ينبغي نشرها وابرازها، وأخص القوى السياسية والنقابية، ومختلف المؤسسات الوطنية أن تحذو حذو هذه الخطوة المسؤولة، وأن تركز على هذه الأولوية التي تستحق المدارسة والمعالجة، واتخاذ التدابير اللازمة التي تسهم في حفظ المجتمع والدولة، وصيانة النسيج الوطني، والوقوف صفاً واحداً أمام المخاطر التي تترصد أمتنا ومجتمعاتنا العربية في كافة أقطارها.
أشار البيان بوضوح إلى أن الوحدة العربية بين جميع مكونات الأمة هي الكفيلة بالوقوف أمام الهجمة الصهيونية وآلة الحرب «الإسرائيلية» الرامية إلى تهويد فلسطين والمقدسات الإسلامية والمسيحية، وشدد البيان على ضرورة التوحد الإسلامي المسيحي في الأردن وفلسطين وفي جميع بلدان العالم العربي في مواجهة العدو الصهيوني والتحديات الخارجية، وحذر من حالة التشرذم والتشظي التي يشهدها الجسم العربي والتي لا تخدم إلّا المشروع الصهيوني والمستعمر الأجنبي.
أكد البيان على أهمية الدور الأردني في حماية المقدسات في القدس وفلسطين وعلى دوره وتحمله المسؤولية في الوقوف في وجه حملة التهويد «الإسرائيلية». والأصل أن يقف العالم العربي والإسلامي كله في مواجهة هذا الخطر وأن يعمل على إيجاد قوة عربية وإسلامية كبيرة تملك عزيمة المواجهة ولا تسمح بأي اختراق في هذا المجال.
تضمن البيان إشادة بالمقاومة الفلسطينية في فلسطين، وفي غزة على وجه الخصوص وقدرتها على الصمود والاستبسال في وجه آلة التدمير الصهيونية وطالب المجتمع الدولي بمساندة مطالب أهل غزة العادلة في فك الحصار الظالم وضرورة فتح المعابر، والتأكيد على حقوقهم المشروعة في مقاومة الاحتلال، والدفاع عن أرضهم وهويتهم ومقدساتهم.
أشار البيان بوضوح إلى موقف الكنيسة الأرثوذكسية التي لن تكون إلّا في الأطار القومي والعربي، والانخراط في العمل الوحدوي من أجل تحرير الأرض الفلسطينية المحتلة، واستعادة الأمة العربية قرارها وسيادتها على أرضها وسمائها وبحرها في وجه الاستعمار الصهيوني الاستيطاني العنصري الإحتلالي الجديد.
نحن في المبادرة الأردنية للبناء «زمزم»، نجد أنفسنا متوافقين مع ما جاء في هذا البيان الوطني، وندعم بكل قوة كل الجهود الرامية إلى صيانة النسيج الإجتماعي، وصيانة الوحدة الوطنية، وتعزيز روابط الإخاء والعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين على هذه الأرض، من أجل الوقوف صفاً واحداً أمام محاولات نشر بذور النزاع والفرقة بين مكونات مجتمعنا الواحد، وضرورة احترام تقاليد وأعراف الديانات السماوية في أجواء التسامح والتعاون على البر والتقوى، والعمل على توحيد الصف العربي والإسلامي في وجه الغزو الخارجي، ونحن مستعدون لدعم المبادرات المستقبلية في هذا السياق بالتعاون مع كل أصحاب الهم الوطني بغض النظر عن الانتماءات الدينية، والاختلافات الفكرية أو الأصول العرقية، للعمل على بناء الدولة الأردنية الحديثة النموذج التي تقوم على أسس الحرية والعدالة والمواطنة والديمقراطية الصحيحة.
تحية إكبار للقائمين على المؤتمر، وتحية لكل من يبذل جهده في وحدة صف الأمة، ولكل من يقف في وجه أفكار الفرقة والنزاع والعبث في نسيجنا الوطني الأردني العربي الاسلامي الواحد.

(الدستور 2014-08-19)