من ينصف هذا الرجل ( البصير) ..؟!

تم نشره الثلاثاء 02nd أيلول / سبتمبر 2014 01:49 صباحاً
من ينصف هذا الرجل ( البصير) ..؟!
حسين الرواشدة

من شدة ما صدمتني القصة، لم أجد لدي أي عذر لإخفاء ( أبطالها) أو المرور ( بسلام) على تفاصيلها التي لا تصدق!!
الضحية للأسف استاذ للشريعة ( اسمه أحمد المنّاعي) يحمل ثلاث شهادات دكتوراه في التفسير و الحديث و الادب العربي، مضى عليه نحو (16) عاما وهو يدرّس مادة ( الثقافة) الاسلامية في احدى الكليات التابعة لجامعة البلقاء التطبيقية، يشهد له كل من عرفه بالعلم و الثقافة ويحظى بالاحترام حين تسمعه، لكن كل ذلك لم يشفع له بالدخول الى ( حرم) احدى كليات الشريعة في جامعاتنا للتدريس فيها.
صاحبنا الدكتور أحمد ( الدكاترة إن شئت) فقد بصره في مقتبل عمره، لكن ( بصيرته) ظلت متوقدة، فهو يجيد الطباعة واستخدام ( الانترنت) تماما، ويخطب في أكبر مساجد مدينة اربد، ولديه مكتبة تضم عشرات الآلاف من الكتب، وفي صالونه الثقافي يجتمع ( التلاميذ) و المريدون اسبوعيا للاستئناس بآرائه و الاقتباس من علمه، وهو يحفظ القرآن الكريم كاملا، وينظم الشعر، ويشارك في المؤتمرات العلمية داخل الأردن وخارجه.
تقدم الرجل قبل نحو شهر للتعيين في كلية الشريعة و الدراسات الاسلامية في جامعة اليرموك، اثر اعلان عن وجود (شاغر) فيها ،لكنه فوجئ بأن ( المقعد) ذهب لغيره، وحين استقصى ما حدث وجد أن احدى تلميذاته فازت ( بالجائزة)،ولأنه يعرف تماما الشروط التي انطبقت عليه وكان يفترض أن تؤهله ( للتعيين) قبل غيره، ذهب الى عميد الكلية لكي ( يتظلم) لكن دون جدوى، ثم ذهب الى رئيس الجامعة وناشده بتصحيح ( الخطأ) الذي وقع لكن الرئيس - للأسف- اعتذر بحجة ان القضية من صلاحيات الكلية وأن قرارها قد صدر و لا مجال لتغييره.
في معرض الرد على تساؤلات الدكتور المناعي قيل له بأن الابحاث التي قدمتها أقل من المطلوب، فأجابهم بأن لديه ثلاث رسائل دكتوراة محكمة من لجنة تتكون من (3) اساتذة، وقيل له بأن التي فازت بالتعيين تتمتع بخبرة طويلة بالتدريس، فأجابهم بأنها كانت تدرّس بشكل غير متفرغ مادة واحدة فيما هو أمضى (16) عاما وهو يدرس (9) مواد كل فصل، قيل له بأن النموذج المعدّ سلفا ( لتقييم) من يتقدم لهذه الوظيفة لا يشتمل على بند يسمح له بذكر شهادات الدكتوراة الثلاثة التي يحملها، فقال لهم : يمكن أن ارفق بالنموذج اسماء شهاداتي ...فاعتذروا.
يدرك الدكتور المناعي أن ( اللجنة) التي شكلت لاختيار المتنافسين ( وهم بالمناسبة من زملائه أساتذة الشريعة) لا تريد أن تقبله، هكذا بصراحة، لكنه كان يراهن على رئيس الجامعة الذي سبق وقابله ثم وعده بالتعيين اذا ما توفر ( الشاغر) بعد أن اطلع على شهاداته، وسمع اراء بعض الاساتذة عنه، وقد كانت صدمته كبيرة حين تحرر الرئيس من وعوده وتركه وحيدا يندب حظه ويقلع شوكه بيديه.
حين دققت في الاسباب التي دفعت الزملاء الى رفض قبول زميلهم الذين يعرفون تماما انه أفضل من يستحق هذا التعيين وجدت أن ثمة سببين- على الأقل- احدهما أن أعضاء اللجنة - أو معظمهم- يختلفون فكريا معه، وفي كليات الشريعة بجامعاتنا للأسف كما يعرف من تعرضوا لمثل هذه القضايا ، يتم ( الاختيار) غالبا على أساس ( الجهوية) الفكرية، أما الآخر فهو أن ما يتمتع به الرجل من ( كفاءة) علمية يعد سببا كافيا لرفضه، ذلك أن المواصفات المطلوبة ( للتعيين) للأسف في اغلب جامعاتنا - وكليات الشريعة تحديدا- هي القدرة على الجريان مع التيار، وعدم ( بزّ) الاقران، و البقاء في دائرة ( المألوف) حيث الابداع حرام و الخروج عن الصف بدعة و ربما أثم.
الدكتور أحمد ( البصير) الذي انتصر على اعاقته، وتجاوز محنته، وكافح من أجل أن يكون ( انسانا) منتجا ومعطاء، وصنع ( معجرة) عجز عنها الآخرون ممن ( أنعم الله عليهم ) بالبصر، يجد نفسه اليوم محروما من حقه ، لا في الاهتمام و التكريم و التشجيع، وانما من حقه في الحصول على ( تعيين) يستحقه بجدارة، بعد أن نافس العشرات عليه وتدخلت ( يد) ما في اقصائه أو اختطافه منه.
ترى لمن يتوجه الدكتور المناعي بعد أن انسدت أمامه ابواب الكلية و الرئاسة، هل يتوجه لدولة رئيس الوزراء أو وزير التعليم العالي أم للسادة النواب أم لكل مسؤول في هذا البلد الذي يتسع لكل مظلوم ؟
اعتقد ان صوت هذا الرجل الذي يصر البعض على معاقبته لانه انتصر - فقط- على ظروفه وتحدى امكانياته سيصل و سيؤثر ولن يعدم من يرد عليه التحية بأحسن منها فبلدنا يستحق أمثال هذا ( المبدع) كما انه ايضا يستحق الانصاف و التكريم و التعيين ايضا.

(الدستور 2014-09-02)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات